أحدهما: بيان القرآن بالقرآن ؛ لإجماع العلماء على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها تفسير كتاب الله بكتاب الله، إذ لا أحد أعلم بمعنى كلام الله جل وعلا من الله جل وعلا )) (١).
٥- متانة منهجه في التفسير ودقته، وقد أطنب -رحمه الله- في عرض منهجه في تفسير القرآن بمقدمة نفيسة في أنواع بيان القرآن، وبما عرض له ضمن تفسيره من مباحث في
أصول التفسير وقواعده.
٦- عنايته بذكر أقوال المفسرين واختلافهم مع المناقشة والترجيح.
٧- أن هذا البحث ينمي في الطالب ملكة مناقشة الأقوال والترجيح بينها، ومعرفة أسباب الترجيح، ولا يخفى ما في ذلك من النفع والفائدة.
خطة البحث
يتكون البحث من مقدمة، وتمهيد، وقسمين، وخاتمة، وفهارس، على النحو التالي:
فالمقدمة، وتتضمن ما يلي :
بيان أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث، والمنهج المتبع فيه.
والتمهيد :
وفيه ترجمة موجزة للشيخ الشنقيطي.
والقسم الأول : صيغ الترجيح ووجوهه عند الشنقيطي من خلال القسم المدروس، وفيه تمهيد ومبحثان :
فالتمهيد، وفيه :
- معنى الترجيح.
- شروط الترجيح.
والمبحث الأول : صيغ الترجيح ودلالاتها.
وأما المبحث الثاني : وجوه الترجيح عند الشنقيطي، ففيه مطالب :
المطلب الأول : الترجيح بدلالة الكتاب.
المطلب الثاني : الترجيح بدلالة السنة.
المطلب الثالث : الترجيح بمقتضى القواعد الأصولية.
المطلب الرابع : الترجيح بدلالة اللغة.
المطلب الخامس : الترجيح بدلالة السياق.
المطلب السادس : الترجيح بدلالة سبب النزول.
والقسم الثاني : دراسة ترجيحات الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنعام، وسيكون منهجي فيه على النحو التالي:

(١) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين الشنقيطي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى ١٤١٧هـ، ١/٣٠.

من أن الله تعالى في كل مكان ) مستدلين بهذه الآية على أنه في الأرض، ضلال مبين وجهل بالله تعالى ؛ لأن جميع الأمكنة الموجودة أحقر وأصغر من أن يحل في شيء منها رب السموات والأرض الذي هو أعظم من كل شيء، وأعلى من كل شيء، محيط بكل شيء، ولا يحيط به شيء، فالسموات والأرض في يده جل وعلا أصغر من حبة خردل في يد أحدنا، وله المثل الأعلى، فلو كانت حبة خردل في يد رجل فهل يمكن أن يقال : إنه حال فيها، أو في كل جزء من أجزائها. لا وكلا، هي أصغر وأحقر من ذلك )) (١).
وأيضاً عند قوله تعالى :﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف: ٥٤] قال :((هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات الصفات كقوله :﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ ِNخk‰د‰÷ƒr& ﴾ [الفتح : ١٠]، ونحو ذلك أشكلت على كثير من الناس إشكالاً ضل بسببه خلق لا يحصى كثرة، فصار قوم إلى التعطيل، وقوم إلى التشبيه - سبحانه وتعالى علواً كبيراً عن ذلك كله -، والله جل وعلا أوضح هذا غاية الإيضاح، ولم يترك فيه أي لبس ولا إشكال، وحاصل تحرير ذلك أنه جل وعلا بيَّن أن الحق في آيات الصفات متركب من أمرين :
أحدهما : تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة الحوادث في صفاتهم سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
والثاني : الإيمان بكل ماوصف الله به نفسه في كتابه أو وصفه به رسوله - ﷺ -.
(١) أضواء البيان ١/٣٥٢.

ذهب جمهور الأصوليين إلى أن التعارض وكذا الترجيح الذي ينبني عليه لا يكون بين الدليلين القطعيين ؛ وذلك لأن الترجيح يعتمد على غلبة الظن في الدليل المرجَّح، وما قُطع به لا يتصور كونه أو كون مخالفه يغلب فيه الظن بحكمه ؛ لأن اليقين إنما يتحقق عند عدم وجود احتمال صحيح لمخالفه (١).
٥- أن لا يعلم تأخر أحد الدليلين :
يشترط في صحة الترجيح أن لا يكون أحد الدليلين ناسخاً للآخر، وذلك بأن يعلم أن أحدهما متأخر عن الآخر، فإذا علم تأخر أحدهما عن الآخر، فلا يصح الترجيح بينهما(٢).
٦- أن يترجح الدليل بمزية لا تستقل عنه :
واختلف في جواز الترجيح بالدليل المستقل على قولين :
الأول : أنه يجوز كالمزية، بل هو أولى منها ؛ إذ المستقل أقوى من غير المستقل.
الثاني : أنه لا يجوز ؛ لأن الرجحان وصف للدليل، والمستقل ليس وصفاً له (٣).
المبحث الأول
صيغ الترجيح ودلالاتها
المبحث الأول
صيغ الترجيح ودلالاتها
المراد بصيغ الترجيح عند الشنقيطي : أي الألفاظ والعبارات التي استعملها الشيخ في تفسيره عند ترجيحه لأحد الأقوال على غيره مثل : الصحيح كذا، أو الصواب كذا، أو الظاهر كذا، أو الأظهر عندي كذا، أو التحقيق كذا... ، ونحو ذلك من الألفاظ.
(١) ينظر : الإحكام في أصول الأحكام لعلي بن محمد الآمدي (المتوفى سنة ٦٣١هـ)، تحقيق : د. سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٦هـ، ٤ / ٢٤٧، والبحر المحيط للزركشي ٨/١٤٧، والتعارض والترجيح للبرزنجي ٢/١٢٩.
(٢) ينظر : روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه لموفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي (المتوفى سنة ٦٢٠هـ )، تحقيق : د. عبدالكريم علي النملة، دار العاصمة، الرياض، الطبعة السادسة، ١٤١٩هـ، ٣/١٠٣٠، والتعارض والترجيح للبرزنجي ٢/١٣٠.
(٣) البحر المحيط للزركشي ٨/١٥٣.

والدليل على أنه رحيم بالمؤمنين في الدنيا أيضاً أن ذلك هو ظاهر قوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: ٤٣ ] ؛ لأن صلاته عليهم وصلاة ملائكته، وإخراجه إياهم من الظلمات إلى النور رحمة بهم في الدنيا، وإن كانت سبب الرحمة في الآخرة أيضاً، وكذلك قوله تعالى :﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١١٧]، فإنه جاء فيه بالباء المتعلقة بالرحيم، الجارة للضمير الواقع على النبي - ﷺ - والمهاجرين والأنصار، وتوبته عليهم رحمة في الدنيا وإن كانت سبب رحمة الآخرة أيضاً والعلم عند الله تعالى ] (١).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - أن ( الرحمن ) أشد مبالغة من ( الرحيم )، فالرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم خاص بالمؤمنين في الآخرة.
دراسة الترجيح :
قال أكثر المفسرين : إن (الرحمن) أشد مبالغة من ( الرحيم ) وهو عام لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين في الآخرة، ومن القائلين بذلك الآتي ذكرهم :
الطبري (٢)، والسمرقندي (٣)،
(١) أضواء البيان ١/٤٧ وما بعدها.
(٢) جامع البيان ١/١٢٨ وما بعدها.
(٣) بحر العلوم للسمرقندي، تحقيق : علي معوض وعادل عبدالموجود وزكريا النوتي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٣هـ، ١/٧٧.
... والسمرقندي هو: نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي، الفقيه أبو الليث، له تصانيف مشهورة منها: (تفسير القرآن العظيم المشهور ببحر العلوم )، و ( النوازل في الفقه )، و ( تنبيه الغافلين ) وغيرها، توفي سنة ٣٩٣هـ.
... ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ١٦/٣٢٢، وطبقات المفسرين للأدنه وي ص ٩١.

قال جمهور المفسرين : إن المراد بالخليفة في قوله تعالى :﴿ 'دoTخ) جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ Zpxے‹د=yz ﴾ آدم - عليه السلام -، ومن القائلين بذلك الآتي ذكرهم : الطبري(١)، والواحدي(٢)، والبغوي(٣)، والقرطبي(٤)، وابن جزي الكلبي(٥)، والشوكاني(٦)، والألوسي (٧)، والقاسمي(٨)، وابن عاشور (٩)، والسعدي(١٠)، وغيرهم.
وقال بعض المفسرين : إن المراد بقوله تعالى :( خليفة ) أي خلائف، وهم ولد آدم سماهم خليفة لأنه يخلف بعضهم بعضاً، ومن القائلين بذلك :
(١) جامع البيان ١/٤٥٢ وما بعدها.
(٢) الوسيط ١/١١٣.
(٣) معالم التنزيل ١/٦٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١/١٨٨.
(٥) التسهيل لعلوم التنزيل ١/٤٣.
(٦) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني، دار الفكر، الطبعة الثالثة، ١٣٩٣هـ، ١/٦٢.
... والشوكاني هو : محمد بن علي بن محمد الشوكاني، فقيه مجتهد، أصولي مفسر، من كبار علماء اليمن، ولي قضاء صنعاء، وله تصانيف مشهورة في فنون كثيرة، بلغت ١١٤ مصنفاً، توفي سنة ١٢٥٠ l.
... ينظر : الأعلام لخير الدين الزركلي، ٦/٢٩٨.
(٧) روح المعاني ١/٢٢٠.
(٨) محاسن التأويل ٢/٩٥.
(٩) التحرير والتنوير ١/ ٣٩٩.
(١٠) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٠l، ص ٣٠.
... والسعدي هو : عبدالرحمن بن ناصر السعدي، نشأ يتيماً وحفظ القرآن، وجدّ في طلب العلم، تولى القضاء وكان عالماً جليلاً وقاضياً مسدداً، له مؤلفات كثيرة منها :( تيسير الكريم الرحمن ) و(القواعد الحسان لتفسير القرآن ) وغيرها، توفي سنة ١٣٧٦l.
ينظر : علماء نجد خلال ستة قرون للشيخ عبدالله البسام، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، ١٣٩٨هـ، ٢/٤٢٢.

أن تكون للعطف، فيكون قوله :﴿ وَالرَّاسِخُونَ ﴾ معطوفاً على لفظ الجلالة، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله الراسخون في العلم أيضاً، والوقف على هذا على قوله :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾.
ترجيح الشنقيطي - يرحمه الله -:
[ قوله تعالى :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ ﴾ [آل عمران: ٧] الآية.
لا يخفى أن هذه الواو محتملة للاستئناف، فيكون قوله :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ مبتدأ، وخبره يقولون، وعليه فالمتشابه لا يعلم تأويله إلاّ الله وحده، والوقف على هذا تام على لفظة الجلالة، ومحتملة لأن تكون عاطفة، فيكون قوله :﴿ وَالرَّاسِخُونَ ﴾ معطوفاً على لفظ الجلالة، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله الراسخون في العلم أيضاً، وفي الآية إشارات تدل على أن الواو استئنافية لا عاطفة، قال ابن قدامة(١)
(١) عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي، موفق الدين المقدسي، أبو محمد، أحد الأئمة الأعلام، صاحب التصانيف، انتهى إليه معرفة المذهب الحنبلي وأصوله، كان زاهداً ورعاً كثير الحياء، من أشهر مصنفاته: (المغني) في الفقه، و(الروضة) في أصول الفقه وغيرها، توفي سنة ٦٢٠هـ.
... ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ٢٢/١٦٥، وشذرات الذهب لابن العماد ٥/١٧٩.

قالت طائفة من المفسرين : المراد من قوله تعالى :﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾
أي : إن خفتم ألاّ تقسطوا في زواج اليتيمات فدعوهن، وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن، ومن القائلين بذلك:
الواحدي(١)، والبغوي(٢)، وابن عطية(٣)، والقرطبي(٤)، والبيضاوي(٥)، وابن جزي(٦)،
وأبو حيان(٧)، وابن كثير(٨)، وأبو السعود(٩)، والشوكاني(١٠)، والألوسي(١١)، والقاسمي(١٢)،
وابن عاشور(١٣)، والسعدي(١٤).
وقالت طائفة:
المراد من الآية: إن خشيتم عدم القسط في زواج اليتيمات، وتحرجتم من ظلم اليتامى، فاخشوا أيضاً، وتحرجوا من ظلم النساء بعدم العدل بينهن، ومن القائلين بذلك:
الفراء(١٥)، والطبري(١٦)، والسمرقندي(١٧)، والزمخشري(١٨).
وقال آخرون:
إن المراد بالآية : إن خفتم الذنب في مال اليتيم، فخافوا ذنب الزنا، فانكحوا ما طاب لكم من النساء ولا تقربوا الزنا، ومن القائلين بذلك:
الزجاج(١٩)، والنسفي(٢٠).
(١) الوسيط ٢/٧
(٢) معالم التنزيل ١/٣٩٠.
(٣) المحرر الوجيز ٢/٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٥/١٢.
(٥) أنوار التنزيل وأسرار التأويل ٢/٦٥.
(٦) التسهيل ١/١٢٩.
(٧) البحر المحيط ٣/٥٠٣.
(٨) تفسير القرآن العظيم ١/٦٧٧.
(٩) إرشاد العقل السليم ٢/١٤١.
(١٠) فتح القدير ١/٤١٩.
(١١) روح المعاني ٤/١٨٩.
(١٢) محاسن التأويل ٥/١٦.
(١٣) التحرير والتنوير ٤/٢٢٣.
(١٤) تيسير الكريم الرحمن ص١٣٠.
(١٥) معاني القرآن ١/١٧٨.
(١٦) جامع البيان ٧/٥٤٠.
(١٧) بحر العلوم ١/٣٣١.
(١٨) الكشاف ١/٤٩٦.
(١٩) معاني القرآن وإعرابه ٢/٨.
(٢٠) مدارك التنزيل ١/٢٠٥.

وغيره من أن البخاري ساق الآيتين في الترجمة ليشير إلى خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات بالكتاب قولاً، وبالسنة فعلاً، لا ينافي ما أشرنا إليه من أنه ساق الآيتين في الترجمة ؛ لينبه على أن قصر الكيفية الوارد في أحاديث الباب هو المراد بقصر الصلاة في قوله: ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [ النساء : ١٠١ ]، ويؤيده أيضاً أن قصر عددها لا يشترط فيه الخوف، وقد كان - ﷺ - يقصر هو وأصحابه في السفر وهم في غاية الأمن، كما وقع في حجة الوداع وغيرها، وكما قال - ﷺ - لأهل مكة :" أتموا فإنا قوم سَفْر" (١).
وممن قال بأن المراد بالقصر في هذه الآية قصر الكيفية لا الكمية : مجاهد، والضحاك، والسدي، نقله عنهم ابن كثير(٢)، وهو قول أبي بكر الرازي الحنفي(٣).
(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتاب الحج (صلاة منى)، رقم= =(٢١٨-٢١٩)، ١/٢٧٠ بنحوه، وفي كتاب الصلاة ( صلاة المسافر إذا كان إماماً أو وراء إمام )، رقم (١٩٥)، ١/١٠٩ بنحوه.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن عمران بن حصين، جماع أبواب صلاة المسافر والجمع في السفر، باب (رخصة القصر في كل سفر لا يكون معصية) رقم (٥٤٨٨)، ٣/٢٠٢.
وهو حديث ضعيف، ضعفه الألباني.
ينظر : صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٣٩٩هـ، ٦/٩٩، رقم الحديث (٦٣٩٥).
(٢) تفسير القرآن العظيم ١/٨٢٨.
(٣) ينظر : أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص، تحقيق : محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت ١٤٠٥هـ، ٣/٢٣٥.
... وأبو بكر الرازي هو: أحمد بن علي الرازي، أبو بكر الحنفي الجصاص، الفقيه الزاهد، إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، له من المصنفات :( أحكام القرآن ) في التفسير، و ( شرح مختصر الطحاوي )، وله كتاب مفيد في أصول الفقه وغيرها، توفي سنة ٣٧٠هـ.
... ينظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ١٦/٣٤٠، وطبقات المفسرين للداودي ص ٤٤، وطبقات المفسرين للأدنه وي ص ٨٤.

الأول : أن كون الأمر مذكوراً في معرض الامتنان، مما يمنع فيه اعتبار مفهوم المخالفة، كما تقرر في الأصول(١) قال في (مراقي السعود) (٢) في موانع اعتبار مفهوم المخالفة:
أو امتنان أو وفاق الواقع والجهل والتأكيد عند السامع
ولذا أجمع العلماء على جواز أكل القديد من الحوت مع أن الله خص اللحم الطري منه في قوله :﴿ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾ [النحل: ١٤] ؛ لأنه ذكر اللحم الطري في معرض الامتنان، فلا مفهوم مخالفة له، فيجوز أكل القديد مما في البحر.
الثاني: أن مفهوم التربة مفهوم لقب(٣)، وهو لا يعتبر عند جماهير العلماء، وهو الحق كما
هو معلوم في الأصول (٤).
(١) ينظر: شرح الكوكب المنير لابن النجار ٣/٤٩٣، وإرشاد الفحول للشوكاني ٢/٥٩.
(٢) ينظر: مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود لسيدي عبدالله الشنقيطي ص٢٤، وينظر: نشر البُنُود على مراقي السعود، لسيدي عبدالله بن إبراهيم الشنقيطي ( المتوفى سنة ١٢٣٠هـ)، تحقيق : فادي نصيف، وطارق يحيى، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢١هـ، ١/٨٠.
(٣) مفهوم اللقب هو : تعليق الحكم بالاسم العلم نحو: قام زيد، أو اسم نوع نحو : في الغنم زكاة، فلا يدل على نفي الحكم عما عداه.
ينظر : البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي ٥/١٤٨.
(٤) ينظر: روضة الناظر لابن قدامة ٢/٧٩٦، وإرشاد الفحول للشوكاني ١/٥٨.

٢- المراد بقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ﴾ [الأنعام: ٣]
اختلف العلماء في تفسير هذه الآية الكريمة على ثلاثة أقوال :
١- أي وهو الإله المعبود في السماوات وفي الأرض.
٢- أي وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض.
٣- أن الوقف تام على قوله :﴿ في السماوات ﴾، وقوله :﴿ وفي الأرض ﴾ يتعلق بما بعده، أي يعلم سركم وجهركم في الأرض.
ترجيح الشنقيطي - يرحمه الله - :
[ قوله تعالى :﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ﴾ الآية.
في هذه الآية الكريمة ثلاثة أوجه للعلماء من التفسير، وكل واحد منها له مصداق في كتاب الله تعالى:
الوجه الأول:
أن المعنى، وهو الله في السماوات والأرض، أي : وهو الإله المعبود في السماوات والأرض؛ لأنه جل وعلا هو المعبود وحده بحق في الأرض والسماء، وعلى هذا فجملة (يعلم) حال، أو خبر، وهذا المعنى يبينه ويشهد له قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ [الزخرف: ٨٤].
أي : وهو المعبود في السماء والأرض بحق، ولا عبرة بعبادة الكافرين غيره ؛ لأنها وبال عليهم يخلدون بها في النار الخلود الأبدي، ومعبوداتهم ليست شركاء لله سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾ [النجم: ٢٣].
﴿ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [يونس: ٦٦].
وهذا القول في الآية أظهر الأقوال، واختاره القرطبي(١).
الوجه الثاني:
(١) الجامع لأحكام القرآن ٧/١١.

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨) }... ٢٢٨... ٥٨، ٦٣، ٦٤، ١٣٤، ١٣٥، ١٣٧، ١٤٠، ١٤١، ١٤٢
﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) ﴾... ٢٢٩... ١٤٤، ١٤٥، ١٤٧، ٢١٦
﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠) ﴾... ٢٣٠... ١٤٧
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) ﴾... ٢٣٨... ٢٧١
﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩) ﴾... ٢٣٩... ٢٢٨، ٢٢٩


الصفحة التالية
Icon