١- جمع ترجيحات الشنقيطي من خلال الجزء المحدد من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنعام.
٢- ترتيب الآيات التي وقع فيها الترجيح حسب ورودها في المصحف.
٣- ذكر مجمل الأقوال التي ذكرها الشنقيطي في الآية ثم أتبعها بترجيحه.
٤- دراسة ترجيح الشنقيطي للمسألة دراسة مقارنة، وقد نهجت في الدراسة ما يلي :
١- من قدّم من المفسرين قولاً في مسألة ما، ثم أعقبه بقوله : وقيل كذا، وقيل كذا، فإني أجعل هذا القول مُقدماً عنده على غيره من الأقوال وإن لم يصرح بالترجيح.
٢- إذا رجح أحد المفسرين قولاً في مسألة ما، فإنني قد أنص على ترجيحه بقولي: واختار هذا القول من المفسرين: فلان، وقد لا أنص عليه، بل أكتفي بقولي : وممن قال بهذا القول من المفسرين: فلان وفلان ؛ فيدخل فيه من اختار هذا القول ومن قدّمه ولم يرجحه.
٣- إذا كان من بين الأقوال التي يحتملها معنى الآية، قول لم يظفر بترجيح أحد من العلماء، فإنني عند دراسة الترجيح أذكر هذا القول ثم أحيل في الحاشية على من قال به من المفسرين.
٥- بيان نتيجة الدراسة ملخصة مع المناقشة والترجيح.
٦- توثيق المادة العلمية على النحو التالي :
أ - عزو الآيات القرآنية إلى سورها.
ب- عزو القراءات القرآنية إلى مصادرها الأصلية مع بيان الصحيح منها والشاذ.
ج- تخريج الأحاديث النبوية والآثار من مصادرها الأصلية، فما كان بنحو لفظ الحديث أو بمعناه قيّدت ذلك بقولي : بنحوه أو بمعناه، وما كان بلفظ الحديث سكتُّ عنه، مع بيان درجة الحديث والحكم عليه من خلال أقوال العلماء إن لم يكن في الصحيحين.
د- توثيق الأقوال المنقولة عن العلماء.
l- عزو الأبيات الشعرية إلى قائليها وتوثيقها من مصادرها.
و- شرح غريب الألفاظ والمصطلحات.
ز- التعريف بالأعلام الواردين في البحث، وقد ترجمت لكل من وقفت على ترجمة له.
ح- التعريف بالفرق والمذاهب والأماكن والبلدان.
فمن نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه في كتابه العزيز، أو أثبته له رسوله - ﷺ - زاعماً أن ذلك الوصف يلزمه ما لا يليق بالله جل وعلا، فقد جعل نفسه أعلم من الله ورسوله بما يليق بالله جل وعلا ﴿ سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: ١٦]، ومن اعتقد أن وصف الله يشبه صفات الخلق فهو مُشّبِّه ملحد ضال، ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله - ﷺ - مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق فهو مؤمن جامع بين الإيمان بصفات الكمال والجلال، والتنزيه عن مشابهة الخلق، سالم من ورطة التشبيه والتعطيل.. الخ كلامه )) (١).
وأيضاً عند قوله تعالى :﴿ مَنْ د‰÷ku‰ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ ِ@د=ôزمƒ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ $w‹د٩ur مُرْشِدًا ﴾ [الكهف : ١٧ ].
قال: (( ويؤخذ من هذه الآيات وأمثالها في القرآن بطلان مذهب القدرية(٢) : أن العبد مستقل بعمله من خير أو شر، وأن ذلك ليس بمشيئة الله بل بمشيئة العبد، سبحانه جل وعلا
عن أن يقع في ملكه شيء بدون مشيئته لِلَّهِ وتعالى عن ذلك علواً كبيراً )) (٣).
وأيضاً عند قوله تعالى :﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا ﴾ [الحجرات : ١٤ ].
(٢) القدرية هي : فرقة تنفي قضاء الله وقدره في معاصي العباد، وتضيف خلقها إلى فاعلها، فهم يزعمون أن الله تعالى غير خالق لأكساب الناس ولا لشيء من أعمال الحيوانات، بل الناس هم الذين يقدرون على أكسابهم، وليس لله فيها صنع ولا تقدير.
ينظر : الفَرْق بين الفِرَق للبغدادي ص ١١٤ وما بعدها، والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان لأبي الفضل عباس بن منصور التريني السكسكي (المتوفى سنة ٦٨٣هـ ) تحقيق : د. بسام علي العموش، مكتبة المنار، الأردن، الطبعة الأولى، ١٤٠٨هـ، ص٥٠.
(٣) أضواء البيان ٢/٣٥٣.
والصيغ التي سأذكرها هي مما ورد في قسم الدراسة من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنعام.
أقسام الألفاظ :
تنقسم الألفاظ التي استعملها الشنقيطي في تفسيره قسمين رئيسين :
القسم الأول : ألفاظ التصحيح، وتحته نوعان :
أ - الترجيح بلفظ صريح :
فقد ذكر الشنقيطي - رحمه الله - كثيراً من ألفاظ الترجيح بلفظ صريح، وغالب ترجيحات الشنقيطي - رحمه الله - هي من هذا القسم، ومن أمثلته ما يلي :
١- الصحيح، وهذا القول هو الصحيح.
٢- الظاهر، الظاهر في الجواب، الظاهر المتبادر من سياق الآية، الظاهر المتبادر من الآية، الذي يظهر، الذي يظهر لي، الذي يظهر لنا رجحانه بالدليل.
٣- الحق، وهو الحق إن شاءالله تعالى، والحق الذي لا شك فيه.
٤- التحقيق.
وهذه الصيغ ونحوها تدل على ترجيح الشنقيطي - رحمه الله - لهذا القول وتقديمه على غيره من الأقوال وتضعيف ما سواه.
ومن الأمثلة على هذه الصيغ ما يلي :
عند قوله تعالى: ﴿ وَلَا (#ûqè=çFّ)s؟ أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ﴾ [الأنعام: ١٥١].
قال :(( الإملاق : الفقر، وقال بعض أهل العلم : الإملاق الجوع، وقيل : الإملاق الإنفاق، يقال : أملق ماله بمعنى أنفقه، وذكر أن علياً (١) قال لامرأته : أملقي ما شئت
من مالك.
... ينظر : الاستيعاب في معرفة الأصحاب لأبي عمرو يوسف بن عبدالبر ( المتوفى سنة ٤٦٣l )، تحقيق : د. خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٧l، ص٥٢٧، وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري (المتوفى سنة ٦٣٥l)، دار الفكر، بيروت، ١٤٢٥l، ٣/٥٨٧.
والواحدي (١)، والقرطبي (٢)، وابن جزي
الكلبي(٣)، وابن كثير(٤)، والألوسي(٥)،
... والواحدي هو : علي بن أحمد بن محمد، أبو الحسن الواحدي النيسابوري، كان واحد عصره في التفسير وصنف التفاسير الثلاثة (البسيط) و ( الوسيط ) و ( الوجيز )، وصنف ( أسباب النزول) ( و الإعراب عن الإعراب ) وغيرها من المصنفات، توفي سنة ٤٦٨ l.
... ينظر: طبقات المفسرين لعبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى سنة٩١١ l)، تحقيق: علي محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الأولى، ١٣٩٦ l، ص٧٨، وطبقات المفسرين لأحمد بن محمد الأدنه وي، ص١٢٧.
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، اعتنى به وصححه : الشيخ هشام سمير البخاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٢ l، ١/٨٣، وعزاه إلى جمهور المفسرين.
... والقرطبي هو: أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي المالكي، مصنف التفسير المشهور، إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على إمامته وكثرة اطلاعه، مات سنة ٦٧١هـ.
... ينظر : طبقات المفسرين للداودي ص٣٤٧، وطبقات المفسرين للأدنه وي ص٢٤٦.
(٣) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤١٣هـ، ١/٣١.
... وابن جزي هو : محمد بن أحمد بن جزي الكلبي المالكي، أبو القاسم، كان فقيهاً حافظاً بارعاً في فنون العربية والأصول والقراءات والحديث والأدب، توفي سنة ٧٤١هـ.
... ينظر : الدرر الكامنة لابن حجر ٣/٣٥٦، وطبقات المفسرين للداودي ص٣٥٧.
(٤) تفسير القرآن العظيم ١/٣٣.
(٥) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للألوسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة ١٤٠٥هـ، ١/٥٩.
... والألوسي هو : شهاب الدين محمود بن عبدالله الحسيني الألوسي، أبو الثناء، مفسر، محدث، أديب، من أهل بغداد، كان سلفي الاعتقاد مجتهداً، تقلد الإفتاء ببلده، وله مصنفات مشهورة. توفي سنة ١٢٧٠l. ينظر : الأعلام للزركلي ٧/١٧٦.
الزمخشري(١)، وابن كثير(٢).
تحرير المسألة :
الذي يظهر مما تقدم أن المراد بقوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ y٧ڑ/u' لِلْمَلَائِكَةِ 'دoTخ) جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ Zpxے‹د=yz ﴾ هو ما رجحه الشنقيطي - يرحمه الله - في تفسيره، وبه قال أكثر المفسرين، وعليه فالمراد بقوله تعالى :( خليفة) آدم - عليه السلام - كما هو ظاهر السياق القرآني.
ويحتمل أن يكون المراد بالخليفة : الخلائف من آدم وبنيه، ولكن القول الأول أقرب لدلالة ظاهر القرآن عليه، والله تعالى أعلم.
٢- المراد بالفرقان في قوله تعالى :﴿ وَإِذْ $sY÷ s؟#uن مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ ﴾
قال تعالى :﴿ وَإِذْ $sY÷ s؟#uن مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ ِNن٣¯=yès٩ tbrك‰tG÷ksE ﴾ [البقرة: ٥٣].
اختلف في المراد بالفرقان في الآية على خمسة أقوال :
١- أنه ما في التوراة من الفرق بين الحق والباطل، فيكون الفرقان نعتاً للتوراة.
٢- أنه الكتاب الذي أوتيه موسى فكرره بغير اللفظ.
٣- أنه النصر.
٤- أنه فرق البحر لهم.
... والزمخشري هو : محمود بن عمر بن محمد، أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي، النحوي اللغوي المتكلم، المعتزلي المفسر، يلقب بجار الله لأنه جاور بمكة زمناً، كان ممن برع في النحو واللغة والأدب، وصنف التصانيف، مات سنة ٥٣٨هـ.
... ينظر : إنباه الرواة للقفطي ٣/٢٦٥، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٢٠/١٥١، وطبقات المفسرين للأدنه وي ص ١٧٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم ١/١٠٦. وينظر : المحرر الوجيز لابن عطية ١/١١٧، والبحر المحيط لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي المتوفى سنة ٧٥٤هـ، المكتبة التجارية، مصطفى أحمد الباز، مكة المكرمة، ١/٢٢٧.
في روضة الناظر ما نصه :(( ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه، متفرد بعلم المتشابه، وأن الوقف الصحيح عند قوله تعالى :﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: ٧] لفظاً ومعنى، أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال : ويقولون آمنا به بالواو، وأما المعنى فلأنه ذم مبتغي التأويل، ولو كان ذلك للراسخين معلوماً لكان مبتغيه ممدوحاً لا مذموماً، ولأن قولهم : آمنا به، يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه سيما إذا تبعوه بقولهم : كلٌّ من عند ربنا، فذكرهم ربهم ها هنا يعطي الثقة به والتسليم لأمره، وأنه صدر من عنده، كما جاء من عنده المحكم ؛ ولأن لفظة أما لتفصيل الجمل، فذكره لها في الذين في قلوبهم زيغ مع وصفه إياهم باتباع المتشابه وابتغاء تأويله يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة، وهم الراسخون، ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل، وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد فلا يجوز حمله على غير ما ذكرناه )) أ هـ من الروضة بلفظه(١).
ومما يؤيد أن الواو استئنافية لا عاطفة، دلالة الاستقراء في القرآن أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئاً وأثبته لنفسه، أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله :﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [النمل: ٦٥]، وقوله :﴿ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الأعراف: ١٨٧]، وقوله :﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ [القصص: ٨٨] فالمطابق لذلك أن يكون قوله :﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: ٧] معناه: أنه لا يعلمه إلاّ هو وحده كما قاله الخطابي(٢)،
(٢) الخطابي هو: حمد بن محمد بن خطاب البستي الخطابي، أبو سليمان، الإمام العلاّمة الحافظ اللغوي، صاحب التصانيف، توفي سنة ٣٨٨ هـ.
... ينظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ١٧/٢٣، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص٤٢٠، وشذرات الذهب لابن العماد ٣/٢٥٦.
وقال بعض المفسرين: المراد بالآية: أن أولياء اليتامى كانوا يتزوجون النساء بأموال اليتامى، فلما كثر النساء مالوا على أموال اليتامى، فقصروا على الأربع حفظاً لأموال اليتامى، وممن قال بذلك من المفسرين :
الرازي(١) وغيره.
تحرير المسألة:
الذي يظهر - مما تقدم - أن المراد بقوله تعالى :﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ الآية، أي: إن خفتم ألاّ تقسطوا في زواج اليتيمات فدعوهن، وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن، وهو ما رجحه الشنقيطي -يرحمه الله- وعليه جماعة من المفسرين، وذلك لدلالة القرآن عليه؛ حيث يبين هذا المعنى ويشهد له قوله تعالى :﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ﴾ [النساء: ١٢٧] كما فسرته عائشة رضي الله عنها(٢)، كما في الصحيحين(٣).
قال ابن عاشور: (( وعائشة لم تسند هذا إلى رسول الله - ﷺ - ولكن سياق كلامها يؤذن بأنه عن توقيف، ولذلك أخرجه البخاري(٤) في باب تفسير سورة النساء بسياق الأحاديث المرفوعة اعتداداً بأنها ما قالت ذلك إلاّ عن معاينة حال النزول، وأفهام المسلمين التي أقرّها الرسول - ﷺ -، لا سيما وقد قالت : ثم إن الناس استفتوا رسول الله، وعليه فيكون إيجاز لفظ الآية اعتداداً بما فهمه الناس مما يعلمون من أحوالهم.. إلى أن قال: أي كان هذا الاستفتاء في زمن نزول هذه السورة، وكلامها هذا أحسن تفسير لهذه الآية))(٥).
(٢) تقدم في ترجيح الشنقيطي.
(٣) تقدم تخريجه في ترجيح الشنقيطي.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) ينظر: التحرير والتنوير ٤/٢٢٢.
ونقل ابن جرير(١) نحوه عن ابن عمر، ولما نقل ابن كثير هذا القول عمن ذكرنا قال: ((واعتضدوا بما رواه الإمام مالك(٢) عن صالح بن كيسان(٣) عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت :" فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، في السفر والحضر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر ".
وقد روى هذا الحديث البخاري (٤) عن عبدالله بن يوسف التنيسي (٥)، ومسلم(٦) عن يحيى بن يحيى(٧)، وأبو داود (٨) عن القعنبي(٩)،
(٢) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الصلاة (قصر الصلاة في السفر) رقم (١٨٣)، ١/١٠٨ بنحوه.
(٣) صالح بن كيسان المدني، أبو محمد أو أبو الحارث، مُؤدب ولد عمر بن عبدالعزيز، ثقة ثبت فقيه، مات بعد الأربعين والمائة.
ينظر: تهذيب الكمال للمزي ٣ / ٤٣٤، سير أعلام النبلاء للذهبي ٥ / ٤٥٤، والإصابة لابن حجر ٣/٣٨.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب (كيف فرضت الصلاة في الإسراء) رقم(٣٥٠) ص٣١ بنحوه.
(٥) عبدالله بن يوسف التنيسي، أبو محمد الكلاعي الدمشقي، ثقة متقن حسن الحديث، من أثبت الناس في الموطأ، مات سنة ٢١٨هـ.
ينظر: تهذيب الكمال للمزي ٤/٣٣٠، وتقريب التهذيب لابن حجر ص٢٧٢.
(٦) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ( صلاة المسافرين وقصرها ) رقم ( ١٥٧٠ ) ص٧٨٥ بنحوه.
(٧) هو يحيى بن يحيى بن بكر التميمي النيسابوري، أبو زكريا، ثبت فقيه صاحب حديث وليس بالمكثر، روى عن مالك، والليث بن سعد وغيرهما، مات سنة ٢٢٦هـ.
ينظر: تهذيب الكمال للمزي ٨/١٠٢، وتقريب التهذيب لابن حجر ص٥٢٨.
(٨) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب صلاة السفر، باب ( صلاة المسافر ) رقم ( ١١٩٨ ) ص ١٣١١ بنحوه.
(٩) هو عبدالله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي، أبو عبدالرحمن البصري، ثقة عابد، كان يحيى بن معين وعبدالله بن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحداً، مات سنة ٢٢١هـ.
... ينظر: وفيات الأعيان لابن خلكان ٣/٤٠، وتهذيب الكمال للمزي ٤/٢٨٧، وتقريب التهذيب لابن حجر ص ٢٦٥ وما بعدها.
الثالث: أن التربة فرد من أفراد الصعيد، وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يكون مخصصاً له عند الجمهور(١)، سواء ذكرا في نص واحد كقوله تعالى :﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [ البقرة : ٢٣٨ ]، أو ذكرا في نصين كحديث :"أيما إهاب دبغ فقد طهر " عند أحمد (٢)، ومسلم (٣)، وابن ماجه (٤)، والترمذي(٥)، وغيرهم، مع حديث :" هلاّ انتفعتم بجلدها "، يعني شاة ميتة عند الشيخين(٦)، كلاهما من حديث ابن عباس، فذِكْرُ الصلاة الوسطى في الأول، وجلد الشاة في الأخير لا يقتضي أن غيرهما من الصلوات في الأول، ومن الجلود في الثاني ليس كذلك، قال في (مراقي السعود) (٧) عاطفاً ما لا يخصص به العموم:
وذكر ما وافقه من مفرد | ومذهب الراوي على المعتمد |
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند رقم (١٨٩٥) ص١٩١.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب (طهارة جلود الميتة بالدباغ) رقم (٨١٢) ص ٧٣٦ بنحوه.
(٤) أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب اللباس، باب (لبس جلود الميتة إذا دبغت) رقم (٣٦٠٩) ص٢٦٩٣.
(٥) أخرجه الترمذي في جامعه أبواب اللباس عن رسول الله - ﷺ -، باب ( ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت ) رقم (١٧٢٨) ص١٨٢٨، وقال: حديث حسن صحيح.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب ( الصدقة على موالي أزواج النبي - ﷺ - ) رقم ( ١٤٩٢ ) ص١١٨.
وأخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب (طهارة جلود الميتة بالدباغ) رقم (٨٠٧) ص٧٣٦.
(٧) ينظر : مراقي السعود لسيدي عبدالله الشنقيطي ص ٥٦، وينظر : نثر الورود على مراقي السعود لمحمد الأمين الشنقيطي ١/٣٠٩.
(٨) هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي، أبو ثور، الفقيه الشافعي، كان ثقة صاحب علم وفضل وورع، توفي سنة ٢٤٠هـ.
... ينظر: تهذيب الكمال للمزي ١/١٠٩، وتقريب التهذيب لابن حجر ص٢٩.
أن قوله :﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ يتعلق بقوله :﴿ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ ﴾، أي وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض، ويبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى :﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الفرقان: ٦]الآية.
قال النحاس: (( وهذا القول من أحسن ما قيل في الآية ))(١) نقله عنه القرطبي(٢).
الوجه الثالث:
وهو اختيار ابن جرير(٣)، أن الوقف تام على قوله في: ﴿ السَّمَاوَاتِ ﴾، وقوله :﴿ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ يتعلق بما بعده، أي يعلم سركم وجهركم في الأرض، ومعنى هذا القول: أنه -جل وعلا- مستوٍ على عرشه فوق جميع خلقه، مع أنه يعلم سر أهل الأرض وجهرهم لا يخفى عليه شيء من ذلك، ويبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى :﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ﴾ [الملك: ١٦-١٧] الآية، وقوله :﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: ٥] مع قوله :﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [الحديد : ٤]، وقوله :﴿ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا ڑْüخ٧ح !$xî ﴾ [الأعراف: ٧] ] (٤).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - في المراد بقوله :﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ﴾ أي وهو الإله المعبود في السماوات وفي الأرض، كما يدل له القرآن.
دراسة الترجيح:
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٧/١١.
(٣) جامع البيان ١١/٢٦١.
(٤) أضواء البيان ١/٣٥١ وما بعدها.
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِن اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩) }... ٢٤٩... ١٧٦
﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥٧) ﴾... ٢٥٧... ١٤٨، ١٤٩، ١٥٠
﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِن اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) ﴾... ٢٧٣... ١١٦
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) ﴾... ٢٧٨... ٢٨١
﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) ﴾... ٢٧٩... ٢٨١، ٢٨٣