وغيرهم، كما نقله عنهم ابن كثير (١)، وغيره(٢).
وقال جماعة من أهل العلم : إن المراد بما استيسر من الهدي، إنما هو الإبل والبقر دون الغنم، وهذا القول مروي عن عائشة، وابن عمر، وسالم (٣)، والقاسم (٤)، وعروة بن الزبير(٥)، وسعيد بن جبير، وغيرهم (٦).

(١) ينظر : تفسير القرآن العظيم ١/٣٤٨.
(٢) ينظر : جامع البيان للطبري ٤/٢٧-٣٠، والدر المنثور للسيوطي ١/٣٨٤.
(٣) هو سالم بن معقل بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو عبدالله، مولى أبي حذيفة، من خيار الصحابة وكبار قرائهم، أعتقته مولاته زوج أبي حذيفة، شهد بدراً وقتل يوم اليمامة شهيداً، وذلك سنة ١٢هـ. ينظر : الاستيعاب لابن عبدالبر ص ٢٩٧، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١ / ١٦٧، والإصابة لابن حجر ٢/٢٨٤.
(٤) هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي، أبومحمد ويقال : أبو عبدالرحمن المدني، كان إماماً ثقة عالماً فقيهاً ورعاً كثير الحديث، توفي سنة ١٠٨هـ.
... ينظر : وفيات الأعيان لابن خلكان ٤/٥٩، وتهذيب الكمال للمزي ٦/٨٣، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٥/٥٣.
(٥) هو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبدالله المدني، ثقة فقيه مشهور، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، توفي سنة ٩٢هـ وقيل غير ذلك.
... ينظر : وفيات الأعيان لابن خلكان ٣/٢٥٥، وتهذيب الكمال للمزي ٥/١٥٤، وتقريب التهذيب لابن حجر ص٣٢٩.
(٦) ينظر : جامع البيان للطبري ٤/٣٠ -٣٣، والدر المنثور للسيوطي ١/٣٨٤.

وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد : متعمداً لقتله ناسياً لإحرامه(١).
تحرير المسألة :
الذي يظهر - مما سبق - أن المراد بالآية ﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ﴾ أي متعمداً لقتله، ذاكراً لإحرامه، وهو قول جمهور المفسرين، وذلك بدلالة ظاهر السياق القرآني، فإن قوله تعالى بعد ذلك :﴿ لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ﴾ يدل على أنه متعمد أمراً لا يجوز، أما الناسي فهو غير آثم بالإجماع، فلا يناسب أن يقال فيه :﴿ لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ﴾.
قال ابن عاشور :(( ولا وجه ولا دليل لمن تأول التعمد في الآية بأنه تعمد القتل مع نسيان أنه محرم )) (٢)والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية :
١٤- المراد بالمثلية في قوله تعالى: ﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ [المائدة : ٩٥]
اختلف العلماء في المراد بالمثلية في قوله :﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ ﴾ على قولين :
١- أنها المماثلة في الصورة والخلقة.
٢- أن المماثلة معنوية وهي القيمة، أي قيمة الصيد في المكان الذي قتله فيه وهو قول أبي حنيفة(٣).
ترجيح الشنقيطي يرحمه الله - :
(١) وهذا قول مجاهد، ينظر: جامع البيان للطبري ١١/٨، والدر المنثور للسيوطي ٢/٥٧٧، ومعالم التنزيل للبغوي ٢/٦٤
(٢) التحرير والتنوير ٧/٤٣.
(٣) ينظر : بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ( المتوفى سنة ٥٨٧هـ)، تحقيق : محمد عدنان ياسين درويش، دار إحياء التراث العربي، بيروت - الطبعة الثانية ١٤١٩هـ، ٢/٤٣١، وينظر : شرح فتح القدير للإمام كمال الدين محمد عبدالواحد السواسي المعروف بابن الهمام الحنفي ( المتوفى سنة ٦٨١هـ )، تعليق : عبدالرازق غالب المهدي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٥هـ، ٣/٦٥.

" أنوار التنزيل وأسرار التأويل لعبدالله بن عمر بن محمد البيضاوي (المتوفى سنة ٦٨٥هـ)، مؤسسة شعبان، بيروت.
" أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لأبي محمد عبدالله بن جمال الدين ابن هشام الأنصاري ( المتوفى سنة ٣٦١هـ )، المكتبة العصرية، صيدا - بيروت، ١٤١٥هـ.
" إيجاز البيان عن معاني القرآن لمحمود بن أبي الحسن النيسابوري (المتوفى سنة ٥٥٣هـ)، تحقيق د. علي بن سليمان العبيد، مكتبة التوبة، الرياض، الطبعة الأولى ١٤١٨هـ.
" الإيجاز في سيرة ومؤلفات ابن باز، لصالح راشد محمد الهويمل، دار طيبة، الرياض، ١٤١٥هـ.
" بحر العلوم لأبي الليث نصر بن محمد السمرقندي ( المتوفى سنة ٣٧٥هـ )، تحقيق : علي معوض وعادل عبدالموجود وزكريا النوتي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٣هـ.
" البحر المحيط في أصول الفقه لبدر الدين محمد بن بهاد الزركشي الشافعي (المتوفى سنة ٧٩٤هـ )، تحقيق : لجنة من علماء الأزهر، دار الكتبى، القاهرة، الطبعة الثالثة، ١٤٢٤هـ.
" البحر المحيط لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي (المتوفى سنة ٧٥٤هـ)، المكتبة التجارية، مصطفى أحمد الباز، مكة المكرمة.
" بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ( المتوفى سنة ٥٨٧هـ)، تحقيق : محمد عدنان ياسين درويش، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤١٩هـ.
" البداية والنهاية لإسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (المتوفى سنة ٧٧٤هـ)، المعارف، بيروت، الطبعة الثانية، ١٩٧٧م.
" البرهان في علوم القرآن، لأبي عبدالله محمد بن بهادر بن عبدالله الزركشي ( المتوفى سنة ٧٩٤ هـ )، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، بيروت، ١٣٩١هـ.


الصفحة التالية
Icon