ومنه قوله تعالى :﴿ ٤س®Lxm عَفَوْا ﴾ [ الأعراف : ٩٥] أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم (١).
وقال بعض العلماء : العفو : نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع.
ومنه قول الشاعر(٢):

خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سَورتي(٣) حين أغضبُ
وهذا القول راجع إلى ما ذكرنا، وبقية الأقوال(٤) ضعيفة ](٥).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - : في المراد بالعفو في قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ أنه : الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها.
دراسة الترجيح :
قال أكثر المفسرين: المراد بالعفو في قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ الزائد على الحاجة وسد الْخَلَّة التي لا بد منها.
ومن القائلين بذلك الآتي ذكرهم :
(١) ينظر : لسان العرب لابن منظور ٥/٣٠٢٠ (عفا)، ومختار الصحاح للرازي ص ٤٤٣ ( ع ف ا ).
(٢) هو أبو الأسود الدؤلي، والبيت في لسان العرب لابن منظور ٥/٣٠٢٠ (عفا).
(٣) السَّوْرَة : الوَثْبةُ، وقد سُرْتُ إليه، أي : وَثَبْتُ إليه، ويقال : إن لغضبه لَسَوْرَةً وسَوْرَة الغَضَب : وُثُوبُه. ينظر : لسان العرب لابن منظور ٤/٢١٤٧ ( سور )، ومختار الصحاح للرازي ص ٣٢٠ ( س و ر ).
(٤) من هذه الأقوال : أن المراد بالعفو : الصدقة المفروضة، وقيل : إن المراد نفقات التطوع، وقيل : إن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة.. إلى غير ذلك من الأقوال التي لا تخلو من نظر وتحتاج إلى دليل.
... ينظر : النكت والعيون للماوردي ١/٢٧٨، وزاد المسير لابن الجوزي ١/٢٤٢.
(٥) أضواء البيان ١/٥١.

الأول : ما قدمناه من أن المثل حقيقة هو المثل من طريق الخلقة.
الثاني : أنه قال ( من النعم )، فبين جنس المثل، ولا اعتبار عند المخالف بالنعم بحال.
الثالث : أنه قال :﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾، وهذا ضمير راجع إلى مثل من النعم ؛ لأنه لم يتقدم ذكر سواه يرجع الضمير إليه، والقيمة التي يزعم المخالف أنه يرجع الضمير إليها لم يتقدم لها ذكر.
الرابع : أنه قال :﴿ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ﴾، والذي يتصور فيه الهدي مثل المقتول من النعم، فأما القيمة فلا يتصور أن تكون هدياً )) (١) - والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة :
١٥- إعراب قوله تعالى :﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ ﴾ [المائدة : ٩٥]
اختلف في إعراب قوله :﴿ ن!#t"yfsùُ @÷WدBِ ﴾ بالإضافة على قراءة الجمهور(٢)، غير الكوفيين على أقوال :
١- أن الإضافة بيانية، أي جزاء هو مثل ما قتل من النعم.
٢- أن يكون ( جزاء ) مصدر مضاف إلى مفعوله الثاني، أي فعليه أن يَجزي مثل ما قتل، ومفعوله الأول محذوف، والتقدير : فعليه أن يجزي المقتول من الصيد مثله، ثم حذف المفعول الأول لدلالة الكلام عليه، وأضيف إلى المصدر الثاني.
٣- أن تكون ( مثلُ ) مقحمة كما في قولهم : إني لأكرم مثلك، أي أكرمك، وقولهم : مثلك لا يفعل ذلك، أي أنت لا تفعل ذلك، والتقدير : فجزاء ما قتل(٣).
ترجيح الشنقيطي - يرحمه الله - :
(١) أحكام القرآن ٢/١٣٥.
(٢) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر، ينظر : السبعة لابن مجاهد ص٢٤٧، والكشف عن وجوه القراءات لمكي بن أبي طالب ١/٤١٨، والتيسير لأبي عمرو الداني ص١٠٠.
(٣) ينظر : مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب ١/٢٧٥، والبحر المحيط لأبي حيان ٤/٣٦٤، والدر المصون للسمين الحلبي ٤/٤١٩.

" خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب لعبدالقادر بن عمر البغدادي (المتوفى سنة ١٩٠٣هـ)، تحقيق : محمد نبيل طريفي، وأميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٩٨م.
" حاشية الصبّان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، لمحمد بن علي الصبان (المتوفى سنة ١٢٠٦هـ)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٩هـ.
" الدر المصون في علوم الكتاب المكنون لأحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى سنة ٧٥٦هـ)، تحقيق : د. أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى ١٤٠٦هـ.
" الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين عبدالرحمن ابن أبي بكر السيوطي (المتوفى سنة ٩١١هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١١هـ.
" دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب لمحمد الأمين الشنقيطي (المتوفى سنة ١٣٩٣هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت (ملحق بطبعة أضواء البيان)، الطبعة الأولى، ١٤١٧هـ.
" ديوان الأعشى، دار صادر، بيروت، ١٤١٤هـ.
" ديوان جرير، تحقيق : د. عمر فاروق الطبَّاع، دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٧هـ.
" ديوان حسان بن ثابت، تحقيق: د. وليد عرفات، دار صادر، بيروت.
" ديوان الحطيئة، من رواية ابن حبيب عن ابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني، شرح : أبي سعيد الخدري السكري، دار صادر، بيروت، ١٤١٨هـ.
" ديوان عمر بن أبي ربيعة المخزومي، تحقيق : د. فايز محمد، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية، ١٤١٦هـ.
" الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع : عبدالرحمن محمد القاسم، الطبعة الأولى، ١٤٢٠هـ.
" الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (المتوفى سنة ٨٥٢هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.


الصفحة التالية
Icon