الفراء(١)، وابن قتيبة(٢)، والطبري(٣)، والزجاج(٤)، والنحاس(٥)، والسمرقندي(٦)،
والواحدي(٧)، وابن العربي(٨)، وابن عطية(٩)، والقرطبي(١٠)، والرازي(١١)، وابن كثير(١٢)، وأبو السعود(١٣)، والشوكاني(١٤)، والقاسمي(١٥)، وابن عاشور(١٦)، والسعدي(١٧).
وقال بعض المفسرين : المراد بالعفو : نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع، ومن القائلين بذلك :
الزمخشري(١٨)، والألوسي(١٩) وغيرهما.
تحرير المسألة :
الذي يظهر - مما تقدم ذكره - أن المراد بالعفو في قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ هو الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها، وهو ما رجحه الشنقيطي - يرحمه الله - في تفسيره وقال به أكثر المفسرين.
والقول بأن المراد به : نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع، يرجع إلى القول الأول كما ذكر ذلك الشنقيطي - يرحمه الله -.
أما الأقوال الأخرى فلا تخلو من نظر، والبعض منها يحتاج إلى دليل، والله تعالى أعلم.
١٢- المراد بالقروء في قوله تعالى :﴿ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾
قال تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: ٢٢٨]

(١) معاني القرآن ١/١٠٣.
(٢) تفسير غريب القرآن ص٧٦.
(٣) جامع البيان ٤/٣٣٧.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ١/٢٩٣.
(٥) إعراب القرآن ١/٣١٠.
(٦) بحر العلوم ١/٢٠٣.
(٧) الوسيط ١/٣٢٤.
(٨) أحكام القرآن ١/٢٠٢.
(٩) المحرر الوجيز ١/٢٩٥.
(١٠) الجامع لأحكام القرآن ٢/٤٥.
(١١) التفسير الكبير ٦/٤٢.
(١٢) تفسير القرآن العظيم ١/٣٨٣.
(١٣) إرشاد العقل السليم ١/٢١٩.
(١٤) فتح القدير ١/٢٢٢.
(١٥) محاسن التأويل ٣/٢١٤.
(١٦) التحرير والتنوير ٢/٣٥١.
(١٧) تيسير الكريم الرحمن ص٨١.
(١٨) الكشاف ١/٣٦٠.
(١٩) روح المعاني ٢/١١٥.

اعلم أنه على قراءة الكوفيين :﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ ﴾ [المائدة : ٩٥] الآية بتنوين جزاء، ورفع مثل، فالأمر واضح، وعلى قراءة الجمهور :﴿ ن!#t"yfsùُ @÷WدBِ ﴾ بالإضافة، فأظهر الأقوال أن الإضافة بيانية، أي جزاء هو مثل ما قتل من النعم، فيرجع معناه إلى الأول(١)، والعلم عند الله تعالى] (٢).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - في إعراب قوله :﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ ﴾ بالإضافة على قراءة الجمهور أن الإضافة بيانية، أي جزاء هو مثل ما قتل من النعم.
دراسة الترجيح :
ذهب بعض المفسرين(٣) إلى أن الإضافة في قوله تعالى :﴿ فَجَزَاءٌ مِثْلُ ﴾ بيانية أي جزاء هو مثل ما قتل من النعم.
وذهب أكثر المفسرين وأهل اللغة إلى أن ( جزاء ) مصدر مضاف لمفعوله الثاني تخفيفاً، والأصل : فعليه جزاء مثل ما قتل، أي أن يجزي مثل ما قتل ثم أضيف، وممن قال بذلك: الزجاج(٤)، والنحاس(٥)، والزمخشري(٦)، والنيسابوري(٧)، وابن جزي(٨)، وأبو حيان(٩)، والسمين الحلبي(١٠).
وذهبت طائفة من المفسرين وأهل اللغة إلى أن ( مثل ) مقمحة، كما في قولهم : إني لأكرم مثلك، أي أكرمك، والتقدير : فجزاء ما قتل، وممن قال بذلك :
(١) أي فيرجع إلى المعنى الأول من كون المماثلة في الصورة والخلقة من النعم دون القيمة.
(٢) أضواء البيان ١/٣٤٤.
(٣) ممن ذكر هذا القول الألوسي في روح المعاني ٧/٢٤.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٢/٢٠٧.
(٥) إعراب القرآن ٢/٤٠.
(٦) الكشاف ١/٦٤٤ وما بعدها.
(٧) إيجاز البيان ١/٢٣٢.
(٨) التسهيل ١/١٨٨.
(٩) البحر المحيط ٤/٣٦٥.
(١٠) الدر المصون ٤/٤١٩.

" ذيل الأعلام (معجم تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين) لأحمد العلاونة، دار المنارة، جدة، الطبعة الأولى، ١٤٢٢هـ.
" رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، لمحمد الأمين الشنقيطي، دار الشروق، جدة، الطبعة الأولى، ١٤٠٣هـ.
" روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لشهاب الدين محمود بن عبدالله الألوسي (المتوفى سنة ١٢٧٠هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤٠٥هـ.
" روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه لموفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي (المتوفى سنة ٦٢٠هـ )، تحقيق : د. عبدالكريم علي النملة، دار العاصمة، الرياض، الطبعة السادسة، ١٤١٩هـ.
" زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم الجوزية، تحقيق : شعيب الأرنؤوط، وعبدالقادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، توزيع مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، الطبعة الرابعة عشرة، ١٤٠٧هـ.
" زاد المسير في علم التفسير لأبي الفرج جمال الدين عبدالرحمن بن الجوزي البغدادي (المتوفى سنة ٥٩٧هـ)، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤٠٧هـ.
" السبعة في القراءات لأبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد البغدادي (المتوفى سنة ٣٢٤هـ )، تحقيق: د. شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثالثة.
" سنن الدارقطني، تحقيق: عبدالله هاشم يماني المدني، دار المعرفة، بيروت، ١٣٨٦هـ.
" سنن أبي داود، دار السلام، الرياض، الطبعة الثالثة، ١٤٢١هـ.
" السنن الكبرى، لأبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي ( المتوفى سنة ٣٠٣هـ )، تحقيق : د. عبدالغفار سليمان البنداري، وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١١هـ.
" السنن الكبرى، للبيهقي، ضبط وتقديم : عبدالسلام محمد علوش، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى ١٤٢٥هـ.


الصفحة التالية
Icon