وكان منهج الدراسة اليومي أن يبدأ الطالب بكتابة المتن في لوحه الخشبي، فيكتب قدر ما يستطيع حفظه ثم يمحوه، ثم يكتب قدراً آخر.. وهكذا حتى يحفظ القدر المطلوب، ثم يشرحه له الشيخ شرحاً وافياً بقدر ما عنده من تحصيل دون حاجة إلى فتح كتاب أو تحضير في مرجع، بعد ذلك يقوم هؤلاء الطلاب بالاستذكار فيما بينهم، ومناقشة ما قاله الشيخ، وقد يستعينون ببعض الشروح أو الحواشي لمقابلة ما سمعوه، ولا يجتازون ذلك المكان من الدرس حتى يروا أنهم قد حصلوا كل ما فيه، وكان جل اهتمامهم الفهم والتحصيل، وليس السرعة وإنهاء الكتاب.
وكان هذا المنهج هو العام السائد في بلاد الشيخ -رحمه الله - لطلبة العلم كافة، وقد تميزت دراسته على هذا المنهج ببعض الأمور التي قل أن تكون لغيره، أوجزها تلميذه عطية محمد سالم فيما يلي :
١- أنه أتيح له في باديء دراسته ما لم يتح لغيره، حيث كان بيت أخواله مدرسته الأولى، فلم يرحل في باديء أمره للطلب، وكان وحيد والديه، فكان في مكان التدلل والعناية.
٢- أنه قد حببت إليه القراءة منذ الصغر.
٣- أنه كان يقول عن نفسه :(( ولما حفظت القرآن، وأخذت الرسم العثماني، وتفوقت فيه على الأقران عنيت بي والدتي وأخوالي أشد عناية، وعزموا على توجيهي للدراسة في بقية الفنون، فجهزتني والدتي بجملين أحدهما عليه مركبي وكتبي، والآخر عليه نفقتي وزادي، وصحبني خادم ومعه عدة بقرات، وقد هيأت لي مركبي كأحسن ما يكون من مركب وملابس كأحسن ما تكون، فرحاً بي وترغيباً لي في طلب العلم، وهكذا سلكت سبيل الطلب والتحصيل )) (١)، وهذه العناية والاهتمام بلا شك يعينان على الطلب والتحصيل، بخلاف الحاجة وقلة ذات اليد.

(١) ينظر : أضواء البيان ١٠/٢٨-٢٩ ترجمة الشيخ عطية سالم.

قال :(( الذي يظهر لنا رجحانه بالدليل من الأقوال المذكورة هو ما ذهب إليه مالك(١)، والشافعي(٢)، وأحمد (٣)
(١) هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبدالله المدني، الفقيه إمام دار الهجرة، صاحب (الموطأ)، روى عن نافع ومحمد بن المنكدر وغيرهما، وروى عنه الشافعي وخلائق، وله نحو ألف حديث، توفي سنة ١٧٩هـ.
... ينظر : تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ أبي الحجاج يوسف المزي ( المتوفى سنة ٧٤٢هـ )، تحقيق وضبط : د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ، ٧/٦، وطبقات الحفاظ للحافظ جلال الدين عبدالرحمن السيوطي (المتوفى سنة ٩١١هـ)، تحقيق : د. علي محمد عمر، مكتبة الثقافة الدينية، ١٤١٧هـ، ص ١٠٤.
(٢) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان الإمام الشافعي، أبو عبدالله، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، له كتاب ( الرسالة ) و ( الأم ) و ( أحكام القرآن ) وغيرها، توفي سنة ٢٠٤هـ.
ينظر : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لأحمد بن محمد بن خلكان ( المتوفى سنة ٦٨١هـ )، تحقيق : د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤٢٥هـ، ٤ / ١٦٣، وسير أعلام النبلاء لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ( المتوفى سنة ٧٤٨هـ )، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤٠٦هـ، ١٠/٥، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص١٧١وما بعدها.
(٣) هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني، أبو عبدالله المروزي، إمام المحدثين، من كبار الحفاظ الأئمة ومن أحبار هذه الأمة، صنف كتابه ( المسند) وجمع فيه من الحديث ما لم يتفق لغيره، توفي سنة ٢٤١هـ.
ينظر : تهذيب الكمال للمزي ١/٦٨، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١١ / ١٧٧، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص٢٠٨.

وابن عطية (١).
تحرير المسألة :
الذي يظهر - مما تقدم - أن ما رجحه الشنقيطي - يرحمه الله - هو ما عليه أكثر المفسرين، وعليه فـ(الرحمن) أشد مبالغة من ( الرحيم ) ؛ لأن الزيادة في المبنى تُؤذن بزيادة في المعنى، فالرحمن لجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين خاصة، ويشهد لهذا القول ما تقدم عن
عيسى -عليه السلام- أنه قال: (( الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة)).
وأما القول بأنهما بمعنى واحد والجمع بينهما للتأكيد فلا يظهر، وقد ضعف هذا القول بعض المفسرين كابن عاشور (٢)، والقاسمي (٣).
يقول ابن عاشور :(( وجعلُ الجمع بينهما في الآية من قبيل التوكيد اللفظي - وهو ما مال إليه الزجاج - ضعيف ؛ إذ التوكيد خلاف الأصل، والتأسيس خير من التأكيد، والمقام هنا بعيد عن مقتضى التوكيد )) (٤) والله تعالى أعلم.
(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية، تحقيق: عبدالسلام عبدالشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٣هـ، ١/٦٣.
... وابن عطية هو: عبدالحق بن غالب بن عبدالرحمن بن عطية، أبو محمد الغرناطي القاضي، فقيه عالم بالتفسير والأحكام والحديث والنحو واللغة والأدب، ألف كتابه ( الوجيز في التفسير )، فأحسن فيه وأبدع، توفي سنة ٥٤١ l، وقيل : ٥٤٦ l.
... ينظر : طبقات المفسرين للسيوطي ص ٦٠، وطبقات المفسرين للداودي ص ١٨٥.
(٢) التحرير والتنوير ١/١٧٢.
(٣) محاسن التأويل ١/٧.
(٤) ينظر : التحرير والتنوير ١/١٧٢.

وقول الآخر (١):
وقَدَّدَتِ(٢) الأدِيمَ(٣) لِراهِشَيْهِ(٤) وأَلْفَى قَوْلَها كَذِباً ومَيْنَاً(٥)
والمين هو الكذب بعينه.
وقول الآخر (٦):
ألا حبذا هندٌ وأرض بها هندُ وهندٌ أتى من دونها النايُ والبعدُ
والبعد هو النأي بعينه.
والدليل من القرآن على أن الفرقان هو ما أوتيه موسى.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ $sY÷ s؟#uن مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ﴾ [ الأنبياء : ٤٨] ] (٧).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - في المراد بقوله تعالى :(والفرقان) أنه الكتاب الذي أوتيه موسى، وإنما عطف على نفسه؛ تنزيلاً لتغاير الصفات منزلة تغاير الذوات.
(١) البيت لعدي بن زيد ( المتوفى سنة ٣٦هـ )، وهو في لسان العرب لابن منظور ٧/٤٣١١ (مين)، وفيه (فقددت).
(٢) القَدُّ : قطع الجلد وشق الثوب، ونحو ذلك.
... ينظر : لسان العرب لابن منظور ٦/٣٥٤٣ (قدد)، والقاموس المحيط للفيروزآبادي ص٢٧٩ (ق د د).
(٣) الأديم : الجِلدُ ما كان، وقيل : الأحمر، وقيل : هو المدبوغ.
... ينظر : لسان العرب لابن منظور ١/٤٥ (أدم)، ومختار الصحاح للرازي ص ١٠ (أدم ).
(٤) الرَّاهشانِ : عِرْقان في باطن الذراعين.
... ينظر : الصحاح للجوهري ٣/١٩٧ (رهش)، ولسان العرب لابن منظور ٣/١٧٥١ (رهش).
(٥) الْمَيْن : الكذب وجمعه مُيُون، يقال : أكثر الظنون مُيُون.
... ينظر: مختار الصحاح للرازي ص ٦٤١ (م ي ن)، والقاموس المحيط للفيروزآبادي ص ١١١٤ (م ي ن).
(٦) البيت للحطيئة (المتوفى سنة ٤٥هـ). ينظر : ديوان الحطيئة، من رواية ابن حبيب عن ابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني، شرح : أبي سعيد السكري، دار صادر، بيروت، ١٤١٨هـ، ص ٣٩، وفيه (النأي) بالهمز.
(٧) أضواء البيان ١/٦٩.

فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - أن الواو للاستئناف، والوقف تام على لفظ الجلالة :﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾، واستدل لذلك بالقرائن التي تقدم ذكرها، كما استدل بدلالة الاستقراء في القرآن الكريم.
دراسة الترجيح:
قالت طائفة من المفسرين: الواو في قوله تعالى :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ للاستئناف، والوقف تام على لفظ الجلالة، ومن القائلين بذلك :
الفراء(١)، والطبري(٢)، والزجاج(٣)، والسمرقندي(٤)، والبغوي(٥)، والنيسابوري(٦)، وابن الأنباري(٧)، والقرطبي(٨)، والرازي(٩)، والنسفي(١٠)، وابن جزي(١١)، وأبو حيان(١٢)، والسمين الحلبي(١٣)، والشوكاني(١٤)، والألوسي(١٥)، والقاسمي(١٦)، والسعدي(١٧).
وقال آخرون: الواو للعطف، والوقف على تمام قوله: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾، وممن قال بذلك من المفسرين :
النحاس(١٨)، والزمخشري(١٩)، وابن عطية(٢٠)، والعكبري(٢١)، وابن عاشور(٢٢).
تحرير المسألة:
(١) معاني القرآن ١/١٣٧.
(٢) جامع البيان ٦/٢٠٤.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ١/٣٧٨.
(٤) بحر العلوم ١/٢٤٧.
(٥) معالم التنزيل ٣/٢٨٠.
(٦) إيجاز البيان ١/١٦٠.
(٧) البيان في غريب إعراب القرآن ١/١٧٢.
(٨) الجامع لأحكام القرآن ٤/١٥.
(٩) التفسير الكبير ٧/١٥٣.
(١٠) مدارك التنزيل ١/١٤٦.
(١١) التسهيل ١/١٠٠.
(١٢) البحر المحيط ٣/٢٨.
(١٣) الدر المصون ٣/٢٩.
(١٤) فتح القدير ١/٣١٦.
(١٥) روح المعاني ٣/٨٤.
(١٦) محاسن التأويل ٤/٥١.
(١٧) تيسير الكريم الرحمن ص١٠٢.
(١٨) إعراب القرآن ١/٣٥٦.
(١٩) الكشاف ١/٤١٣.
(٢٠) المحرر الوجيز ١/٤٠٣.
(٢١) التبيان في إعراب القرآن ص٧٣.
(٢٢) التحرير والتنوير ٣/١٦٥.

التحقيق أن المراد بالكلالة عدم الأصول والفروع، وهذا قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأكثر الصحابة(١)، وهو الحق إن شاء الله تعالى.
واعلم أن الكلالة تطلق على القرابة من غير جهة الولد والوالد، وعلى الميت الذي لم يخلف والداً ولا ولداً، وعلى الوارث الذي ليس بوالد ولا ولد، وعلى المال الموروث عمن ليس بوالد ولا ولد، إلاّ أنه استعمال غير شائع ](٢).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - في المراد بالكلالة في قوله تعالى :﴿ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ ﴾ هو عدم الأصول والفروع أي ما دون الوالد والولد وهو ما ذهب إليه الجمهور.
دراسة الترجيح:
(١) قول أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس في أصح الروايتين عنه وابن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم - رضي الله عنهم أجمعين-.
... ينظر: جامع البيان للطبري ٨/٥٣ وما بعدها، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٦٩٣.
(٢) ينظر: أضواء البيان ١/١٩٣.

عن زُبيد اليامي(١) عن عبدالرحمن بن أبي ليلى(٢) عن عمر -رضي الله عنه- قال: " صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر، على لسان محمد - ﷺ - ".
وهكذا رواه النسائي(٣)، وابن ماجه(٤)، وابن حبان(٥) في صحيحه من طرق عن زبيد
اليامي به، وهذا إسناد على شرط مسلم، وقد حكم مسلم في مقدمة كتابه(٦) بسماع ابن أبي ليلى عن عمر، وقد جاء مصرحاً به في هذا الحديث وغيره، وهو الصواب إن شاء الله تعالى))(٧).
(١) هو زبيد بن الحارث بن عبدالكريم اليامي، أبو عبدالرحمن الكوفي، ثقة ثبت عابد، مات سنة ١٢٢هـ. ينظر : تهذيب الكمال للمزي٣/١٠، وسير أعلام النبلاء للذهبي٥/٢٩٦، وتقريب التهذيب لابن حجر ص١٥٣.
(٢) هو عبدالرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، أبو عيسى، ثقة سكن الكوفة، وشهد حرب الخوارج بالنهروان مع علي رضي الله عنه، توفي سنة ٨٣هـ.
... ينظر: تهذيب الكمال للمزي ٤/٤٦٢، وتقريب التهذيب لابن حجر ص٢٩١.
(٣) أخرجه النسائي في السنن الصغرى، كتاب تقصير الصلاة في السفر، رقم (١٤٤١) ص ٢١٨٢ بنحوه.
(٤) أخرجه ابن ماجه في سننه، باب (تقصير الصلاة في السفر) رقم ١٠٦٣ ص٢٥٣٩ بنحوه.
(٥) أخرجه ابن حبان في صحيحه، باب الصلاة، فصل في صلاة السفر رقم (٢٧٧٢) ص٤٩٨ بنحوه، طبعة بيت الأفكار الدولية، ترتيب : الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، واعتنى به: جاد الله بن حسن الخداش.
... وابن حبان هو: محمد بن حبان بن أحمد الدارمي البستي، أبو حاتم، الإمام العلامة، الحافظ المجود، صاحب التصانيف، له ( تاريخ الثقات )، و (الضعفاء) وغيرها، مات سنة ٣٥٤هـ.
... ينظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ١٦/٩٢، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص٣٩١.
(٦) ينظر : مقدمة صحيح الإمام مسلم ص٦٩١.
(٧) تفسير القرآن العظيم ١/٨٢٨.

الطبري(١)، والزجاج(٢)، وابن العربي(٣)، والقرطبي(٤)، وأبو السعود(٥)، والشوكاني(٦)، والألوسي(٧)، والقاسمي(٨)، وابن عاشور(٩)، وغيرهم.
وذهب آخرون إلى أن (من) هنا للتبعيض، فيتعين في التيمم التراب الذي له غبار يعلق باليد، ومن القائلين بذلك:
ابن قتيبة (١٠)، والسمرقندي (١١)، والبغوي (١٢)، والزمخشري (١٣)، والرازي(١٤)، وأبو حيان(١٥)، والسمين الحلبي(١٦)، وغيرهم.
تحرير المسألة:
الذي يظهر - مما تقدم - أن لفظة ( من ) في قوله تعالى :﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾ لابتداء الغاية؛ وعليه فالصعيد هو ما علا وجه الأرض؛ فيدخل فيه التراب والرمل والشجر والحجر والنبات، ولا يتعين ما له غبار وهو ما اختاره الشنقيطي - وقال به جماعة من المفسرين؛ بدلالة السياق القرآني، فإنه تعالى قال بعد ذلك مباشرة :﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾، فقوله :﴿ من حرج ﴾ نكرة في سياق النفي زيدت قبلها (من)، والنكرة إذا كانت كذلك فهي نص في العموم، فالآية تدل على عموم النفي في كل أنواع الحرج، والتكليف بخصوص ما فيه غبار يعلق باليد لا يخلو من حرج في الغالب ؛ فالمناسب لذلك كون ( من ) لابتداء الغاية كما صرّح بذلك الشيخ -يرحمه الله-.
(١) جامع البيان ٩/٨٤.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٢/٥٦.
(٣) أحكام القرآن ٢/٦٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٥/١٦٦، ٦/٥٧.
(٥) إرشاد العقل السليم ٣/١١.
(٦) فتح القدير ٢/١٨.
(٧) روح المعاني ٦/٨١.
(٨) محاسن التأويل ٥/١٧٦.
(٩) التحرير والتنوير ٥/٦٨.
(١٠) تفسير غريب القرآن ص١١٢.
(١١) بحر العلوم ١/٣٥٧.
(١٢) معالم التنزيل ٢/١٧.
(١٣) الكشاف ١/٥٢٩.
(١٤) التفسير الكبير ١٠/٩٢.
(١٥) البحر المحيط ٤/١٩٤.
(١٦) الدر المصون ٤/٢١٦.

الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن المراد بقوله :﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ﴾، هو ما عليه أكثر المفسرين، أي : وهو الإله المعبود في السموات وفي الأرض، قال ابن عطية :(( وهذا عندي أفضل الأقوال وأكثرها إحرازاً لفصاحة اللفظ وجزالة المعنى، وإيضاحه أنه أراد أن يدل على خلقه، وإيثار قدرته، وإحاطته واستيلائه، ونحو هذه الصفات، فجمع هذه كلها في قوله :( وهو الله )، أي الذي له هذه كلها ﴿ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ كأنه وهو الخالق الرازق المحيي المحيط ﴿ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ )) (١).
وأما القول بأن المراد : وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض، فقد ضعفه بعض المفسرين كأبي حيان(٢)، وابن عاشور(٣).
والقول بأن الوقف تام على قوله :﴿ فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ أي يعلم سركم وجهركم في الأرض، لا يظهر والله تعالى أعلم.
٣- المراد بقوله ﴿ هذا ربي ﴾ في قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ [الأنعام: ٧٦]
اختلف في المراد بقول إبراهيم عليه السلام :﴿ هَذَا رَبِّي ﴾ على أقوال:
١- أنه كان يظن ذلك، وكان هذا منه عند قصور النظر في زمن الطفولة.
٢- أنه جازم بعدم ربوبية غير الله، ومراده: هذا ربي في زعمكم الباطل.
٣- أنه على حذف أداة استفهام الإنكار: أي أهذا ربي؟ ومعناه: إنكار أن يكون مثل هذا رباً!
ترجيح الشنقيطي - يرحمه الله -:
[ قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ الآيات.
(١) المحرر الوجيز ٢/٢٦٧.
(٢) البحر المحيط ٤/٤٣٥، قال أبو حيان :(( صحيح من حيث المعنى لكن صناعة النحو لا تساعد عليه)).
(٣) التحرير والتنوير ٧/١٣٣.

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥) }... ٨٥... ١٦٤
﴿ فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧) ﴾... ٩٧... ١٦٤، ١٦٥، ١٦٨
﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) ﴾... ١٤٠... ١٧٠، ١٧٢، ١٧٤
﴿ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) ﴾... ١٤٣... ١٧٠
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) ﴾... ١٤٤... ١٧٨، ١٧٩
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) ﴾... ١٤٦... ١٧٥، ١٧٧، ١٧٨، ١٧٩، ١٨٠، ١٨١


الصفحة التالية
Icon