وكل هذا يدل على أن هناك صفة معينة، وكيفية ثابتة لقراءة القرآن لا بد من تحقيقها، وهي الصفة المأخوذة عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- وبها أنزل القرآن، فمن خالفها أو أهملها فقد خالف السنة وقرأ القرآن بغير ما أنزل الله.
وصفة القراءة هذه هي التي اصطلحوا على تسميتها بعد ذلك بالتجويد١.

١ من كتاب قواعد التجويد، للدكتور: عبد العزيز القاري، "ص: ١، ٢" بتصرف.

٦- أركانُ القراءةِ الصحيحةِ:
القرآن الكريم إنما يُتلقَّى بالرواية، فيرويه الجمع من القراء عن شيوخهم ويتسلسل السند إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ولذلك كان لقبول صحة القراءة ثلاثة أركان:
الأول: موافقتها لوجه من وجوه اللغة العربية ولو ضعيفًا كقراءة ابن عامر في سورة الأنعام في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ ١ ببناء الفعل "زُيِّن" للمجهول، ورفع "قتلُ" على أنه نائب فاعل، ونصب "أولادهم" مفعول للمصدر، وجر "شركائِهم" مضافًا إلى المصدر.
ولقد ثبت أن "شركائهم" مرسوم بالياء في المصحف الذي بعثه الخليفة عثمان -رضي الله عنه- إلى الشام.
وقد أنكر هذه القراءة بعض النحاة؛ بحجة أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه لا يكون إلا بالظرف وفي الشعر خاصة، ولكن لما كانت قراءة ابن عامر ثابتة بطريق التواتر القطعي فهي إذن لا تحتاج إلى ما يسندها من كلام العرب، بل تكون هي حجة يرجع إليها ويستشهد بها.
١ سورة الأنعام: ١٣٧.


الصفحة التالية
Icon