النسائي، ورواه الترمذي بلفظ آخر، وقال فيه حديث حسن صحيح١.
وفي هذا الحديث دليل على أن تحسين القراءة وتجويدها هي سنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنها ما ثبت من حديث موسى بن يزيد الكندي -رضي الله عنه- قال: كان ابن مسعود -رضي الله عنه- يُقْرئ رجلا فقرأ الرجل: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ ٢ مرسلة، فقال ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال الرجل: وكيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أقرأنيها هكذا: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ ٣ ومدَّها.
وهكذا أنكر ابن مسعود -رضي الله عنه- على الرجل أن يقرأ كلمة "الفقراء" بالقصر لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أقرأه إياها بالمد، فدل ذلك على وجوب تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة وهي الموافقة لأحكام التجويد.
والواقع أن الناس كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن الكريم وإقامة حدوده فهم متعبدون أيضًا بتصحيح ألفاظه، وتجويد حروفه على الصفة الْمُتَلَقَّاة من أئمة القراءة المتصل سندهم بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذه الصفة لا يمكن أن تؤخذ من المصحف ولا من الكتب، وإنما تؤخذ بالتلقي عن العلماء المتخصصين في ذلك؛ لأن هناك بعض الأحكام لا يمكن إتقانها إلا بالتلقي والمشافهة مثل الرَّوْم والإشْمَام والتَّسْهِيل وغير ذلك من الأحكام الدقيقة٤.
٢ سورة التوبة: ٦٠.
٣ قال السيوطي في الدر المنثور "ج: ٣، ص٢٥٠": أخرجه سعيد بن منصور والطبراني وابن مَرْدَوَيه، وذكره ابن الجزري في النشر وقال: "هذا حديث حجة ونَصٌ في باب المدِّ. وقال: رجاله ثقات، كما قال: رواه الطبراني في معجمه.
٤ من كتاب "مع القرآن الكريم"، للدكتور: شعبان محمد إسماعيل، ص٣٣٢ بتصرف.