٦- القاضي شمس الدين، أبو عبد الله، محمد بن مفلح الحنبلي(١).
٧- القاضي أبو العباس، أحمد بن الحسن بن عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي، المشهور بقاضي الجبل(٢).
٨- الشيخ أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي.
٩- الشيخ الحافظ، أبو حفص، عمر بن علي البزّار(٣).
١٠- الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي، المعروف بابن شيخ الحزَّامين(٤).
مؤلفاته :
شيخ الإسلام له مؤلفات كثيرة جداً لا تكاد تحصى، ومع ذلك هي غاية في الجودة، وآية في التحقيق.
وقد فُقد منها شيء كثير لأسباب، منها : شدةُ عداوة بعض معاصريه له، وسعيهم في كتم علمه، وإخماد ذكره، حتى بقيت بعض كتبه حبيسةً عند بعض تلاميذه لا يجرؤن على إظهارها(٥)، وقد كان لمؤلفاته – رحمه الله – نفع عظيم وأثر بالغ منذ تأليفها إلى يومنا هذا.
(٢) هو جمال الدين، أبو العباس، أحمد بن الحسن بن قدامة، شيخ الحنابلة في عصره، ولد بدمشق سنة ٦٩٣هـ، وتوفي بها سنة ٧٧١هـ. انظر : الدرر الكامنة ١/١٢٩، وشذرات الذهب ٦/٢١٩.
(٣) هو زين الدين، عمر بن سعد الله بن عبد الأحد الحراني الدمشقي الفقيه الفرضي القاضي الحنبلي، ولد سنة ٦٨٥هـ، وتوفي سنة ٧٤٩هـ. انظر : الدرر الكامنة ٣/٢٤٢، وشذرات الذهب ٦/١٦٢.
(٤) هو عماد الدين، أبو العباس، من مؤلفاته : البلغة في مذهب الإمام أحمد، ومختصر للسيرة النبوية، ولد سنة ٦٥٧هـ، وتوفي سنة ٧١١هـ. انظر : الدرر الكامنة ١/٩٦، وشذرات الذهب ٦/٢٤.
(٥) انظر : العقود الدرية ص٧٢ - ٧٣.
فبيان الرسول - ﷺ - أن الله أحكم آياته، ونسخ ما ألقاه الشيطان، هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب، وهذا هو المقصود بالرسالة، فإنه الصادق المصدوق ﷺ تسليماً، ولهذا كان تكذيبه كفراً محضاً بلا ريب " (١).
الدراسة :
ذهب كثير من المفسرين وأهل السِّير إلى أن سبب نزول هذه الآيات قصة الغرانيق(٢)، والتي رُويت من طرق متعددة.
(٢) قال ابن الأثير في النهاية ٣/٣٦٤ :" الغرانيق هاهنا : الأصنام، وهي في الأصل : الذكور من طير الماء، واحدها غُرْنُوق، وغُرْنَيْق، سمِّي به لبياضه، وقيل : الكُرْكيُّ، والغُرنوق أيضاً : الشابُّ الناعمُ الأبيض، وكانوا يزعمون أن الأصنام تُقرِّبهم من الله وتشفع لهم، فشُبِّهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع "، وقال محمد الأمين الشنقيطي في رحلة الحج إلى بيت الله الحرام ص١٢٩ :"ومعنى قول الشيطان : تلك الغرانيق العُلى : أن الأصنام في عُلو منْزلتها ورفعة شأنها كالغرانيق المرتفعة نحو السماء في طيرانها "، وانظر : أضواء البيان ٥/٧٣٢، وقال الحافظ في الفتح ٨/٤٤٠ :" وقيل المراد بالغرانيق العُلى : الملائكة، وكان الكفار يقولون : الملائكة بنات الله ويعبدونها، فسيق ذكر الكل ليرد عليهم بقوله تعالى : فلما سمعه المشركون حَملوه على الجميع، وقالوا : قد عظَّم آلهتنا، ورضوا بذلك، فنسخ الله ذلك وأحكم آياته "، وانظر : تفسير الزمخشري ٣/٣٧، وابن عطية ١١/٢١٢ - ٢١٣، والقرطبي ١٢/٥٧.
١ - أنه الوارد عن السلف، حيث رُوي عن ابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة - رضي الله عنهم -، كما روي عن علي بن الحسين(١)، والنخعي، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، ومحمد بن كعب، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وعطاء، وأبي صالح، والزهري،
وزيد بن أسلم(٢)، وقتادة(٣).
ورُوي أيضاً عن ابن مسعود وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، والنخعي، ومحمد بن كعب، وسعيد بن جبير، وأبي صالح، والزهري، وزيد بن أسلم(٤).
القول الثاني : أن المراد بالحسنة أداء الفرائض(٥).
(٢) هو زيد بن أسلم العدوي العمري مولاهم، أبو أسامة، أو أبو عبد الله، فقيه مفسر، كانت له خلقة للعلم في مسجد النبي - ﷺ - له كتاب في التفسير رواه عنه ولده عبد الرحمن، توفي سنة ١٣٦هـ. انظر : تهذيب التهذيب ٣/٣٩٥، وطبقات الداوودي ١/١٧٦.
(٣) تفسير ابن جرير ١٠/٢٢، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٤٣، وقد روي في ذلك أحاديث مرفوعة منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال يحيى - أحد الرواة - : أحسبه عن النبي - ﷺ - قال : قال :" وهي لا إله إلا إلا الله قال : وهي الشرك " أخرجه ابن جرير ١٠/٢٢، ولعل الأرجح وقفه على أبي هريرة كما هي روية ابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٥، كما رويت أحاديث أخرى بمعناه عن صفوان بن عسَّال وأنس، وكعب بن عجرة، وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم -. انظر : الدر المنثور ٥/٢٢٢ ولكن في ثبوت هذه الأحاديث مرفوعةً نظر، والله أعلم.
(٤) تفسير ابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٤.
(٥) المرجع السابق ١٣/١٦٢.
وقال الثعلبي :" وليس في كتاب الله بشير لإبراهيم بولد ذَكَر إلا بإسحاق " (١).
وأجيب بالمنع، بل فيه بشارتان بشارة بإسماعيل، وبشارة بإسحاق(٢).
وقال الواحدي :" وسياق هذه الآيات يدل على أنه إسحاق لأنه قال : ولا خلاف أن هذا إسحاق ثم قال : فعطف بقضية الذبح على ذكر إسحاق(٣).
وقوله :" إن هذا إسحاق بلا خلاف "، غير مسلَّم، بل قال كثير من المفسرين إنه إسماعيل.
٢ - سياق الآيات، حيث حكى الله تعالى عن إبراهيم أنه قال :(٤) والمراد مهاجرته إلى الشام، ثم قال : فوجب أن يكون هذا الغلام إسحاق، ثم قال بعده :... وذلك يقتضى أن هذا الغلام الذي بلغ معه السعي هو ذلك الغلام الذي حصل في الشام، وإسماعيل لم يكن عنده، إنما كان هو وأمه بمكة، فكيف يبلغ معه السعي(٥).
وأجيب : بأنه قد رُوى أن الخليل كان يذهب في كثير من الأوقات، راكباً البراق إلى مكة، يطلِّع على ولده ثم يرجع(٦).
وقد توقف بعض العلماء في هذه المسألة(٧).
والراجح – والله أعلم – القول الأول لقوة أدلته، وضعف أدلة القول الثاني، وأما ما ورد عن السلف فهو متعارض وليس قول بعضهم حجة على بعض.
(٢) انظر : روح المعاني للآلوسي ٢٣/١٣٥.
(٣) تفسيره الوسيط ٣/٥٢٩، وانظر : تفسير الرازي ٢٦/١٣٤، فقد بسط هذا الدليل، وانظر : القرطبي ١٥/٦٧.
(٤) سورة الصافات : الآية ٩٩.
(٥) ذكره الرازي ٢٦/١٣٤، واستدل به السهيلي في التعريف والإعلام.
(٦) أجاب بذلك ابن كثير في البداية والنهاية ١/١٥٩.
(٧) توقف في ذلك الزجاج في معانيه ٤/٣١١ حيث قال :" والقول فيهما كثير والله أعلم أيهما كان الذبيح "، وقال السيوطي في القول الفصيح ص ٨٦ :" وكنت ملت إليه – يعنى القول بأنه إسحاق – في علم التفسير، وأنا الآن متوقف في ذلك "، قال القرطبي في تفسيره ١٥/٦٧ :" وهذا مذهب ثالث ".
كما أوَّلها النحاس، وقال :" معنى أي : يملكها، كما تقول : هذا في قبضتي، وقال محمد بن يزيد : معنى بقوته، وأنشد.. " (١).
وأوّلها الثعلبي(٢)، والواحدي(٣)، والزمخشري(٤)، وابن عطية(٥)، وأبو حيان(٦)، والشوكاني(٧)، والرازي(٨)، وفوَّضها ابن جزي(٩).
(٢) تفسيره ٨/٢٥١.
(٣) الوسيط ٤/٥٩٣.
(٤) الكشاف ٣/٣٥٥.
(٥) تفسيره ١٤/١٠٣.
(٦) تفسيره ٧/٤٢٢.
(٧) تفسيره ٤/٦٦٦.
(٨) تفسيره ٢٧/١٦.
(٩) تفسيره ٤/٢٧٤، وقال :" إنه من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله ".
واستدلوا بقوله تعالى :(١) أي : خلقنا(٢).
قال القشيري :" والآية دخلها التخصيص على القطع ؛ لأن المجانين والصبيان ما أمروا بالعبادة حتى يقال أراد منهم العبادة، وقد قال الله تعالى : ومن خُلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة " (٣).
كما استدلوا بقراءة أُبَيّ :( وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدون )(٤).
كما استُدل له بقوله تعالى في الآية قبلها :(٥) (٦).
وقد رد هذا القول شيخ الإسلام – كما تقدم -، وقال : إنه مناقض للسورة، ثم إنه كالعذر لمن لا يعبده، وكلامه منَزه عن هذا.
القول الرابع : أن المعنى : إلا ليعرفوني ؛ وبه قال مجاهد(٧)، وابن جريج(٨).
قال الثعلبي :" ولقد أحسن في هذا القول ؛ لأنه لو لم يخلقهم لم يُعرف وجوده، وتوحيده، دليل هذا القول :
(٩) (١٠)، قال الألوسي :" وتُعَقِّب بأن المعرفة الصحيحة لم تتحقق في كلٍ ؛ بل بعض قد أنكر وجوده كالطبيعيين اليوم " (١١).
ورده شيخ الإسلام – كما تقدم – بأن ما حصل لهم من المعرفة ليس هو الغاية التي خلقوا لها، وبأن مجرد الإقرار بالله مع الشرك لا ينفع.
(٢) استدل بذلك ابن قتيبة في المشكل ص٢٨٢.
(٣) ذكره عنه القرطبي ١٧/٥٥، وذكر نحو هذا أبو يعلى، انظر : زاد المسير ٧/٢١٤، وانظر : تفسير الألوسي ٢٧/٢١.
(٤) استدل بذلك الواحدي في الوسيط ٤/١٨١، وابن عطية ٥/١٨٣، والقراءة شاذة.
(٥) سورة الذاريات : الآية ٥٥.
(٦) تفسير الألوسي ٢٧/٢٢.
(٧) ذكره عنه الثعلبي ٩/١٢٠، والبغوي ٧/٣٨١ [ ط طيبة ].
(٨) ذكره عنه ابن كثير ٤/٢٥٥.
(٩) سورة الزخرف : الآية ٨٧.
(١٠) تفسير الثعلبي ٩/١٢٠، وهكذا قال البغوي ٧/٣٨١ [ ط طيبة ]، فقد نقل هذا الكلام بنصه.
(١١) تفسيره ٢٧/٢١.
وأجاب ابن عاشور عن قول ابن عطية بقوله :" وليس في هذا الإعراب حجة لهم، ولا في إبطاله نفع لمخالفتهم كما علمت " (١).
وضعَّف هذا الوجه أيضاً أبو حيان، وقال :" وهذا إعراب المعتزلة "، وضعَّفه أيضاً من جهة الصناعة، وذلك أنه يجوز في المُشْتَغَل عنه الرفع بالابتداء، ولا يجوز الابتداء هنا بقوله : لأنها نكرة لا مسوغ للابتداء بها(٢).
وأجاب عنه السمين بقوله :
" وفيه نظر، لأنَّا لا نسلِّم أولاً اشتراط ذلك، | ولئن سلمّنا ذلك فثّم مسِّوغٌ وهو العطف " (٣). |
القول الأول :: أن الاستثناء منقطع وهو يرجع إلى قوله تعالى : ، والمعنى : ابتدعوها طلباً لرضوان الله، ولم يكتبها عليهم، وهذا قول الجمهور(٤)، واختاره الثعلبي(٥)، والسمعاني(٦)، والبغوي(٧)، والزمخشري(٨)، وابن القيم(٩)، وابن عاشور(١٠)، والسعدي(١١)، وقد ردَّ هذا القول شيخ الإسلام كما تقدم، ولم يبين وجه ذلك.
القول الثاني : أن الاستثناء في الآية منقطع، والمعنى : ما كتبنا عليهم هذه الرهبانية، لكن كتبنا عليهم رضوان الله(١٢)، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام كما تقدم.
(٢) انظر : تفسيره ٨/٢٢٦.
(٣) الدر المصون ١٠/٢٥٥، وانظر : شرح التسهيل لابن مالك ١/٢٩١ ط.
(٤) نسبه للجمهور ابن الجوزي في زاد المسير ٧/٣١١.
(٥) تفسيره ٩/٢٤٧.
(٦) تفسيره ٥/٣٨٠.
(٧) تفسيره معالم التنْزيل ٤/٣٠٠.
(٨) الكشاف ٤/٦٩.
(٩) مدارج السالكين ٢/٦٢.
(١٠) التحرير والتنوير ٢٧/٤٢٣.
(١١) تفسيره ص٨٤٣.
(١٢) ذكره النحاس في الإعراب ٤/٣٦٧.
وقال ابن جرير عند هذه الآية :" يقول تعالى لنبيه محمد - ﷺ - : فاصبر يا محمد لقضاء ربك وحكمه فيك، وفي هؤلاء المشركين بما أتيتهم به من هذا القرآن، وهذا الدين، وامضِ لما أمرك به ربك، ولا يثنيك عن تبليغ ما أمرت بتبليغه تذكيبهم أياك وأذاهم لك " (١).
وقال ابن عطية :" ثم أمر تعالى نبيه بالصبر لحكمه، وأن يمضي لما أمر به من التبليغ واحتمال الأذى والمشقة، ونهى عن الضجر والعجلة التي وقع فيها يونس - ﷺ - " (٢).
وقال ابن عاشور :" والمراد بحكم الرب هنا أمره، وهو ما حُمِّله إياه من الإرسال والاضطلاع بأعباء الدعوة، وهذا الحكم هو المستقر من آيات الأمر بالدعوة التي أولها :
إلى قوله :(٣) فهذا هو الصبر المأمور به في هذه الآية أيضاً، ولا جرم أن الصبر لذلك يستدعي انتظار الوعد بالنصر، وعدم الضجر من تأخره إلى أمده المقدر في علم الله " (٤).
وقال السعدي :" أي : لما حكم به شرعاً وقدراً، فالحكم القدري يصبر على المؤذى منه، ولا يُتلقى بالسخط والجزع، والحكم الشرعي يقابل بالقبول والتسليم والانقياد التام لأمره " (٥).
القول الثاني : أن المعنى : اصبر على أذى المشركين، وإليه ذهب عامة المفسرين، وممن اختاره الفراء(٦)، والنحاس(٧)، والواحدي(٨)، والسمعاني(٩)، والبغوي(١٠)، وابن الجوزي(١١)، وابن كثير(١٢).
وقد ضعّفه شيخ الإسلام - كما تقدم - وذكر أن الصبر على أذى الكفار من جملة ما حكم عليه قدراً، وأُمر به.
(٢) تفسير ابن عطية ١٦/٨٩.
(٣) سورة المدثر : الآيات ١ – ٧.
(٤) تفسيره ٢٩/١٠٤.
(٥) تفسيره ص٣٨١.
(٦) معاني القرآن ٣/١٧٨.
(٧) إعراب القرآن ٥/١٧.
(٨) الوسيط ٤/٣٤١.
(٩) تفسيره ٦/٣١.
(١٠) تفسيره ٤/٣٨٤.
(١١) زاد المسير ٨/٧٦.
(١٢) تفسيره ٤/٤٣٦.
رجح شيخ الإسلام أن الضمير المستتر في قوله تعالى : و يعود إلى العبد، والمعنى : قد أفلح من زكى نفسه، وقد خاب من دسى نفسه.
قال - رحمه الله - :" قال تعالى : و (١)، قال قتادة وابن عيينة وغيرهما : قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال، وقال الفراء والزجاج : قد أفلحت نفس زكاها الله، وقد خابت نفس دساها الله، وكذلك ذكره الوالبي عن ابن عباس وهو منقطع، و[ ليس ] هو مراد الآية ; بل المراد بها الأول قطعاً لفظاً ومعنى.
أما ( اللفظ ) فقوله : اسم موصول ولا بد فيه من عائد على
تفكرت في مبدأ خلقك وصورتك لعلمت أن الذي خلقك أقدر على أن يعيدك بعد موتك وينشئك خلقاً جديداً، وأن ذلك لو أعجزه لأعجزه وأعياه خلقك الأول، وأيضاً فإن الذي كمَّل خلقك في أحسن تقويم، بعد أن كنت نطفة من ماء مهين، كيف يليق به أن يتركك سدى، لا يكمل ذلك بالأمر والنهي وبيان ما ينفعك ويضرك ولا تنقل لدار هي أكمل من هذه ويجعل هذه الدار طريقاً لك إليها، فحكمة أحكم الحاكمين تأبى ذلك وتقضي خلافه..." (١).
وقال ابن عاشور :" و( ما ) يجوز أن تكون استفهامية، والاستفهام
توبيخي، والخطاب للإنسان المذكور في قوله : ، فإنه بعد أن استثنى منه الذين آمنوا بقي الإنسان المكذب، وضمير الخطاب التفات، ومقتضى الظاهر أن يقال : فما يكذبه، ونكتة الالتفات هنا أنه أصرح في مواجهة الإنسان المكذب بالتوبيخ، ومعنى يجعلك مُكذباً، أي : لا عذر لك في تكذيبك بالدين " (٢).
القول الثالث : أن الخطاب للرسول - ﷺ - والمعنى استيقِنْ بعدما جاءك من الله البيان أن الله أحكم الحاكمين، ونُسب(٣) لقتادة، حيث قال عند هذه الآية :" استيقن... " (٤).
وهذا ليس فيه تصريح بأن المراد النبي - ﷺ -، بل يحتمل أن مراده بذلك أنه خطاب للإنسان كما ذكر شيخ الإسلام، وتقدم ذكر كلامه حول هذا الأثر، وأنه إن أُريد به الإنسان، فهو صحيح، وإن أُريد به الرسول - ﷺ - فهو فاسد لفظاً ومعنى.
ولذلك ينبغي اطِّراح هذا القول، ما دام أنه لا تصح نسبته لقتادة، ولم يثبت عن أحد من السلف لا سيما وأن معناه باطل.
والراجح - والله أعلم - القول الثاني، وأن المراد بذلك الإنسان لوروده عن بعض السلف، ولدلالة السياق عليه.
(٢) تفسيره ٣٠/٤٣٠.
(٣) نسبه إليه ابن جرير ١٢/٦٤٢، فهماً منه لأثره.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٤/٥٢٤ [ ط التركي ].
ثم قال :" فقوله : يقتضي تنْزيهه عن كل موصوف بأنه معبودهم ؛ لأن كل ما عبده الكافر وجبت البراءة منه " (١).
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بالاسم الموصول في الآية على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنها للجنس العام، فيدخل فيها ما لا يعقل من الأصنام، وصفات من يعلم ؛ لأن شمول الجنس لما تحته هو باعتبار صفاته، وعند الاجتماع تغلَّب صفة من يعلم، وهذا اختيار شيخ الإسلام كما تقدم.
وهو قول الزمخشري، حيث قال :" فإن قلت فلمَ جاء على دون ( مَنْ ) قلت : لأن المراد الصفة، كأنه قال : لا أعبد الباطل، ولا تعبدون الحق، وقيل : إن
مصدرية، أي : لا أعبد عبادتكم ولا تعبدون عبادتي " (٢).
واختار هذا القول ابن القيم، ونحا نحو شيخ الإسلام في توجيه الإتيان بـ وقال :" إن المقصود هنا ذكر المعبود الموصوف بكونه أهلا للعبادة مستحقا لها فأتى
بـ الدالة على هذا المعنى، كأنه قيل : ولا أنتم عابدون معبودي الموصوف بأنه المعبود الحق، ولو أتى بلفظة ( من ) لكانت إنما تدل على الذات فقط، ويكون ذكر الصلة تعريفاً لا أنه هو جهة العبادة، ففرق بين أن يكون كونه تعالى أهلاً لأن يعبد تعريف محض أو وصف مقتضى لعبادته فتأمله فإنه بديع جدا، وهذا معنى قول محققي النحاة أن ( ما ) تأتي لصفات من يعلم، ونظيره : لمَّا كان المراد الوصف وأنه هو السبب الداعي إلى الأمر بالنكاح وقصده وهو الطيب فتنكح المرأة الموصوفة به أتى بـ دون ( مَنْ ) وهذا باب لا ينخرم، وهو من ألطف مسالك العربية " (٣).
وقال بعضهم إن أريد بها الله تعالى ؛ فإنه يجوز وقوعها على غير أولي العلم(٤).
(٢) تفسيره ٤/٢٣٨.
(٣) بدائع الفوائد ١/١١.
(٤) انظر : الدر المصون ١١/١٣١، وانظر : التحرير والتنوير ٣٠/٥٨٢.
الربيع بن خُثيم بن عائذ... ٥٩٤
أبو رجاء العطاردي = عمران بن ملحان التميمي البصري
رفيع بن مهران الرياحي البصري... ١١٩
(ز)
الزجاج = إبراهيم بن السري بن سهل
الزمخشري = محمود بن عمر
ابن الزملكاني = محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري
الزهراوي = عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي
الزهري = محمد بن مسلم بن شهاب
زيد بن أسلم العدوي العمري... ١٩٥
(س)
سالم بن أبي الجعد الأشجعي الغطفاني الكوفي... ٤٨٢
سالم بن عجلان الأفطس... ٢٠٣
السدي = إسماعيل بن عبد الرحمن
أبو السعود = محمد بن محمد بن مصطفى
سعيد بن جبير الأسدي الكوفي... ١١٠
سعيد بن سنان البرجمي... ١٦٤
سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي... ١١٧
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي... ٢٠٥
سلمة بن دينار المخزومي... ٥٢٦
سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي... ٤٤٤
سليمان بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن مسلم الخولاني... ٤٨٠
سليمان بن عمرو بن الأحوص الجشمي... ٢٠٣
السمرقندي = نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم
السمعاني = منصور بن محمد بن عبد الجبار
أبو سنان = سعيد بن سنان البرجمي
سهل بن عبد الله التستري... ٣٧٣
ابن سيد الناس = محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس الربعي
(ش)
شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي... ٦٢٦
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي... ١٣٥
الشعبي = عامر بن شراحيل
أبو الشعثاء = جابر بن زيد
شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي... ٩٤
الشوكاني = محمد بن علي بن محمد
أبو الشيخ = عبد الله بن محمد بن جعفر
ابن شيخ الحزَّامين = أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي
(ص)
صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب الأسدي... ٢٠٣
أبو صالح = باذان مولى أم هانئ
(ض)
أبو الضحى = مسلم بن صبيح
الضحاك بن مزاحم الهلالي... ٨٣
(ط)
أبو طالب المكي = محمد بن علي بن عطية الحارثي
طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني... ١٦٥
(ظ)
ظالم بن عمرو، أبو الأسود الديلي... ٦٠٩
(ع)
ابن عاشور = محمد الطاهر بن محمد الطاهر بن محمد الشاذلي
عاصم بن بهدلة بن أبي النجود الكوفي... ٩٧