عباده المؤمنين، لِيَمِيز الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، ويرفع درجات الصابرين، ويَحُطَّ خطاياهم، وكلمَّا زاد إيمان العبد، وقوى يقينه، زِيد في بلائه، ولمَّا ارتفع ذكرُ الشيخ – رحمه الله – وذاع صيته، وعظُمت مكانته في القلوب، حَسَده بعض الناس لا سيما أهلُ الأهواء والبدع، والتعصُّب المذهبي، الذين ناظرهم وردّ عليهم وكشف أستارهم، فسعوا في أذاه، وَوَشَوا به إلى السلاطين، ورموه بما هو منه براء، وقد سجن بسبب هذه المكائد سبع مرات، أربعاً بمصر، وثلاثاً بدمشق، وجميعها نحو خمس سنين(١)، وقد مات – رحمه الله – محبوساً في قلعة دمشق، وكانت مدة حبسه في هذه المرَّة الأخيرة سنتين، وثلاثة أشهر، وأربعة عشر يوماً، وذلك بسبب مسألة الزيارة، وشد الرَّحال إلى قبور الأنبياء والصالحين، وقد ضُيِّق عليه قبل وفاته بأشهر، فمنع التلاميذ من الدخول عليه، وأخرج ما عنده من الكتب والأوراق والأقلام والدواة، فتفرغ للعبادة والذكر وقراءة القرآن إلى أن توفي.
ورغم ما أصابه من الأذى بسبب أعدائه فقد حَلِم عليهم، وعفا عنهم، ولمَّا أراد الملكُ الناصر أن ينتقم ممن سعى في سجنه وأفتى بقتله في مصر من القضاة والفقهاء، ثناه عن ذلك، وأخذ يثني عليهم، وأنهم لو ماتوا لم تجد مثلهم في دولتك، وقال له :" أمَّا أنا فهم في حل من جهتي ".. حتى سكَّن ما عنده عليهم(٢).
وكان القاضي ابن مخلوف المالكي(٣) يقول إثر ذلك :" ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نبق ممكنا في السعي فيه، ولما قدر علينا عفا عنَّا " (٤).
(٢) انظر : البداية والنهاية ١٤/٥٤، والعقود الدرية ص٢٢١.
(٣) هو زين الدين، علي بن مخلوف بن ناهض النويري المالكي، قاضي المالكية بمصر، توفي بمصر عن ٨٣ عاماً سنة توفي سنة ٧١٨هـ. انظر : شذرات الذهب ٦/٤٩.
(٤) البداية والنهاية ١٤/٥٤.
ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسّرين والتابعين لم يسندها أحدٌ منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية، والمرفوع فيه حديث شعبة(١) : عن أبي بشر(٢)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : فيما أحسب – الشك في الحديث – أن النبي - ﷺ - كان بمكة... وذكر القصة.
(٢) هو جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري البصري ثم الواسطي، أحد الأئمة والحفاظ، مات ساجداً رحمه الله بمكة سنة ١٢٤هـ. انظر : سير أعلام النبلاء ٥/٤٦٥، وتهذيب التهذيب ٢/٨٣.
وقال السمين عن هذا القول: " والحق أنه خلاف الظاهر، لا لما قاله الزمخشري، بل لمنافرته نظمه، للاحتياج إلى عود الضمير على النفس مقيدة بإضافتها إلى ضمير ( من)" (١). والراجح القول الأول ؛ لأنه الظاهر المتبادر من سياق الآيات، وأما القول الثاني ففيه تكلف، وتقدم تقرير ذلك.
شربن بماء البحر ثم ترفَّعت... متى لُجج خُضْرٍ لهنَّ نَئِيْجُ... أبو ذؤيب الهذلي
كشفتْ عن ساقها... وبدا من الشر البواح... سعد بن مالك
لقد بكَّر الناعي بِخَيْرَيْ بني أسد... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصَّمد... سبرة بن عمرو
علوته بُحسام ثم قلت له... خذها حُذَيفُ فأنت السيد الصَّمدُ... لا يعرف... ٦٩٩
ولا رهينة إلا سيد صمد... الزبرقان
شهابُ حُروب لا تزال جيادُه... عوابس يعْلُكْن الشَّكيم المُصَمَّدا... لا يعرف... ٧٠١
لقد أسمعت لو ناديت حياً... ولكن لا حياة لمن تنادي... لا يعرف... ٥٧٧
تمنّى كتاب الله أولَ ليلةٍ... وآخرها لاقى حمامَ المقادر... حسان بن ثابت
وما زال في الإسلام من آل هاشم... دعائم غُرٍ ما تُرام ومَفْخرُ... حسان بن ثابت
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما... ومن يَبْكِ حولاً كاملاً فقد اعتذر... لبيد... ، ٥٦٠
ماذا يقول الواصفون له... وصفاته جلت عن الحصر... ابن الزملكاني
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا... مقام سيّد تيمٍ إذ عصت مضر... أبو حيان الأندلسي... -٢٢
دعوا كل قول عند قول محمد... فما آمنٌ في دينه كمخاطر... لا يعرف... ٥٠٢
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر... لبستُ ولا من غَدرة أتقنَّعُ... غيلان بن سلمة
اصبر عناقُ إنه شرٌّ باق... قد سن قومُك ضرب الأعناق... لا يعرف... ٤٩٩
وقامت الحرب بنا عن ساق
جارية لم تلبس المرقَّقَا... ولم تذق من البقول الفُستقا... أبو نخيلة
وَسْوس يدعو مخلصاً ربَّ الفلق... سِراً وقد أوَّن تأْوين العُقق... لا يعرف
يا ليلةً لم أنمها بتُّ مُرتقباً... أرعى النجوم إلى أن قُدَّ الفَلق... لا يعرف
فَضْل الجياد على الخيل البطاءِ فلا... يُعطى بذلك ممنوناً ولا نَزِقَا... زهير بن أبي سلمى
وأسلمتُ وجهي لمن أسلمتْ... له الأرض تحمل صخراً ثقالا... زيد بن عمرو
أستغفرُ اللهَ ذنبا لستُ محصيَه... ربَّ العباد إليه الوجهُ والعملُ... لا يعرف
إن أجْزأتْ حُرَّةٌ يوماً فلا عجب... قد تجزئ الحرة المذْكارُ أحيانا... لا يعرف
فليت لنا من ماء زمزم شربة... مبردةً باتت على طَهَيَان... الأحول الكندي