خصائص تفسيره
شيخ الإسلام ابن تيمية من أئمة التفسير، له فيه منْزلة رفيعة، ودراية واسعة، ومنهج فريد، شهد له بذلك تلاميذه وعلماء عصره، وكل منْصِف اطَّلع على كلامه فيه من بعده.
يقول تلميذه شمس الدين الذهبي :" وأمَّا التفسير فمسَلَّم إليه، وله من استحضار الآيات من القرآن – وقتَ إقامة الدليل بها على المسألة – قوة عجيبة، وإذا رآه المقرئ تحيَّر فيه، ولِفَرْط إمامته في التفسير، وعظم اطلاعه، يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين، ويوُهي(١) أقوالاً عديدة، وينصر قولاً واحداً موافقاً لما دل عليه القرآن والحديث " (٢).
ويقول تلميذه ابن عبد الهادي :" وأقبل على التفسير إقبالاً كلياً، حتى حاز فيه قَصَب السَّبْق " (٣).
وسبق قول ابن سيَّد الناس فيه :" إن تكلَّم في التفسير فهو حامل رايته " (٤).
ويقول تلميذه علم الدين البِرْزَالي :" وكان إذا ذكر التفسير أبهت الناس من كثرة محفوظه، وحسن إيراده، وإعطائه كلَّ قول ما يستحق من الترجيح، والتضعيف والإبطال، ... وكان يجلس في صبيحة كل جمعة على الناس، يفسر القرآن العظيم، فانتفع بمجلسه، وبركة دعائه، وطهارة أنفاسه، وصدق نيته، وصفاء ظاهره وباطنه، وموافقة قوله لعمله، وأناب إلى الله، خلق كثير " (٥).
(٢) العقود الذرية ص٢٣، والذيل على طبقات الحنابلة ٢/٣٩١، والعقود الدرية ص٢٣.
(٣) العقود الدرية ص٦.
(٤) انظر ص١٥.
(٥) العقود الدرية ص١٣، وقال الذهبي، كما في العقود ص٨ :" وأخذ في تفسير الكتاب العزيز في الُجمع على كرسي من حفظه، فكان يورد المجلس ولا يتلعثم، وكذا كان الدرس بتؤدة وصوت جهوري فصيح ". وانظر : المقفي للمقريزي ١/٤٦٩.
وقد رُوي عن ابن عباس : كل ما في القرآن ( كاد ) فهو ما لا يكون ؛ قال الله تعالى :(١)، ولم يذهب و (٢) ولم يفعل.
قال القشيري القاضي(٣) : ولقد طالبته قريش وثقيف إذْ مرّ بآلهتهم أن يُقْبِلَ بوجهه إليها، ووعدوه الإيمان به إن فعل، فما فعل، ولا كان ليفعل.
قال ابن الأنباري(٤) : ما قارب الرسول ولا ركَنْ.
وقد ذُكرت في معنى هذه الآية تفاسيرُ أُخر ما ذكرناه من نص الله على عصمة رسوله يردُّ سَفْسَافها(٥)، فلم يبق في الآية إلا أن الله تعالى امتنّ على رسوله بعصمته وتثبيته مما كاده به الكفّار، وراموا من فتنته، ومرادنا من ذلك تنْزيهه وعصمته - ﷺ -، وهو مفهوم الآية.
وأما المأخذ الثاني : فهو مبني على تسليم الحديث لو صحَّ، وقد أعاذنا الله من صحته، ولكن على كل حال فقد أجاب على ذلك أئمة المسلمين بأجوبة منها الغثُّ والسَّمين ".
(٢) سورة طه : الآية ١٥.
(٣) هو الإمام الزاهد عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري القشيري الشافعي الصوفي، أبو القاسم، ولد سنة ٣٧٦هـ، من مؤلفاته : التفسير الكبير، والرسالة القشيرية، توفي سنة ٤٦٥هـ. انظر : تاريخ بغداد ١١/٨٣ ترجمة رقم (٥٧٦٣)، وسير أعلام النبلاء ١٨/٢٢٧.
(٤) هو الإمام اللغوي محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين بن بيان بن سماعة، أبو بكر، ولد سنة ٢٧١هـ، كان صدوقاً ديناً، من مؤلفاته : الوقف والابتداء، وكتاب المشكل، توفي سنة ٣٢٨هـ. انظر : تاريخ بغداد ٣/١٨١، وسير أعلام النبلاء ١٥/٢٧٤.
(٥) أي : رديئها. انظر : مختار الصحاح ص١٣٧.
٣٦- البحر المحيط، تفسير أبي حيان، تحقيق : عادل عبد الموجود وزملائه، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٢هـ.
٣٧- البحر المحيط في أصول الفقه، لبدر الدين الزركشي، اعتنى به : عمر بن سليمان الأشقر وزملاؤه.
٣٨- بدائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن القيم، جمعه : يسري السيد محمد، دار ابن الجوزي، الدمام، الطبعة الأولى، ١٤١٤هـ.
٣٩- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للصنعاني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية ١٤٠٦.
٤٠- بدائع الفوائد، لابن الق٧يم، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٤هـ.
٤١- البداية والنهاية، لابن كثير، تحقيق : عبد الله التركي، دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى ١٤١٨.
٤٢- البداية والنهاية، لابن كثير، مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة السادسة، ١٤٠٥هـ.
٤٣- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع، للشوكاني، دار المعرفة بيروت.
٤٤- البرهان في علوم القرآن، للزركشي، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٨هـ.
٤٥- البعث والنشور، لأبي بكر البيهقي،
٤٦- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، لجلال الدين السيوطي، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي الحلبي، ١٣٨٤هـ.
٤٧- بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق : محمد بن عبد الرحمن بن قاسم.
٤٨- البيان لمواضع الآيات المفسرة في أضواء البيان، لحسين العواجي، دار الإيمان، الإسكندرية.
٤٩- البيان في غريب القرآن، لابن الأنباري.
( ت )...
٥٠- تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، شرحه ونشره : أحمد صقر، المكتبة العلمية.
٥١- تاريخ بغداد، للحافظ أبي بكر بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت.
٥٢- التاريخ الكبير، للإمام البخاري، دار الكتب العلمية، بيروت.