وقد طلب منه تلميذُه أبو عبد الله بن رُشيَّق(١)، وهو من أخصَّ أصحابه، وأعرف الناس بخطه، وأكثرهم كتابة لكلامه، طلب منه وهو محبوس في آخر عمره، أن يكتب تفسيراً لجميع القرآن مرتباً على السور، فكتب له الشيخ بقول :" إن القرآن فيه ما هو بيّن بنفسه، وفيه ما قد بينّه المفسرون في غير كتاب، ولكن بعضُ الآيات أشكل تفسيرُها على جماعة من العلماء، فربما يطلع الإنسان عليها عدة كتب ولا يتبين له تفسيرها، وربما كتب المصنِّفُ الواحدُ في تفسير آية تفسيراً، ويفسر غيرَها بنظيره، فقصدت تفسير تلك الآيات بالدليل ؛ لأنه أهم من غيره، وإذا تبين معنى آية تبين معاني نظائرها " (٢).
وقد زعم ابن بطُّوَطة(٣) في رحلته أن شيخ الإسلام ابن تيمية صنَّف في السجن كتاباً في تفسير القرآن سماه البحر المحيط، في نحو أربعين مجلداً(٤).
وهذا غير صحيح، ولم يذكره أحد من تلاميذه، بل إن ابن تيمية – رحمه الله – لم يقصد ذلك أصلاً كما تقدم.

(١) هو عبد الله بن رشيق المغربي، كاتب مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية، وكان أبصر بخط شيخ الإسلام منه، إذا عزب شيء منه على الشيخ استخرجه، وكان سريع الكتابة لا بأس به ديناً عابداً كثير التلاوة حسن الصلاة، توفي سنة ٧٤٩هـ. انظر : البداية والنهاية ١٤/٢٢٩.
(٢) العقود الدرية ص٢٥.
(٣) هو محمد بن عبد الله اللواتي المغربي، ولد في طنجة في المغرب، وطاف البلاد في رحلات طويلة دامت قرابة ثلاثين عاماً، ثم كتبها في كتاب أسماه : تحفة النظار في غرائب الأمصار، وقد تُرجم كتابه إلى لغات متعددة، توفي عام ٧٧٩هـ. انظر : الدرر الكامنة ٣/٤٨٠، والأعلام ٦/٣٥.
(٤) انظر : رحلته ص١١٢.

وقال أبو حيان :" وذكر المفسرون في كتبهم ابنُ عطية، والزمخشري، فمن قبلهما، ومن بعدهما، ما لا يجوز وقوعه من آحاد المؤمنين منسوباً إلى المعصوم صلوات الله عليه، وأطالوا في ذلك، وفي تقريره سؤالاً وجواباً " (١)، ثم ذكر أقوال الأئمة في تضعيفها، وقرر ذلك بالأدلة النقلية والعقلية.
وقال الحافظ ابن كثير :" قد ذكر كثير من المفسرين هاهنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة، ظنَّاً منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلّها مرسلة، ولم أرها مُسندةً من وجه صحيح، والله أعلم " (٢).
وقال الشوكاني :" ولم يصح شيء من هذا، ولا ثبت بوجه من الوجوه، ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه " (٣).
وممن أنكرها شهابُ الدين الألوسي في تفسيره، ونقل أقوال الأئمة في ذلك، وذكر ما يترتب على إثباتها من المفاسد(٤).
(١) تفسيره ٦/٣٥٢.
(٢) تفسيره ٣/٢٢٣٩.
(٣) تفسيره ٣/٦٥٣، ثم ذكر أقوال الأئمة في بطلانها.
(٤) تفسيره ١٨/١٧٧ وما بعدها.

٦٧- التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية، لعبد اللطيف البرزنجي، الطبعة الأولى، ١٤١٣هـ.
٦٨- التعريفات، للجرجاني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤٠٨هـ.
٦٩- التعريف ولإعلام فيما أبهم من الأسماء ولأعلام في القرآن، لأبي القاسم السهيلي، تحقيق مهنا، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى ١٤٠٧.
٧٠- تعظيم قدر الصلاة، للإمام محمد بن نصر المروزي، تحقيق : عبد الرحمن الفريؤائي، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، ١٤٠٦هـ.
٧١- تفسير آيات أشكلت، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق : عبد العزيز الخليفة، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى.
تفسير أبي حيان = البحر المحيط.
تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم.
تفسير ابن الجوزي = زاد المسير في علم التفسير.
تفسير ابن جرير = جامع البيان في تأويل القرآن.
تفسير ابن عاشور = التحرير والتنوير.
تفسير ابن كثير = تفسير القرآن العظيم.
تفسير الألوسي = روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني.
تفسير البغوي = معالم التنْزيل.
تفسير البيضاوي = أنوار التنْزيل وأسرار التأويل.
تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن.
تفسير الثعلبي = الكشف والبيان.
تفسير الرازي = التفسير الكبير.
تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق التنْزيل.
تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن.
تفسير السمرقندي = بحر العلوم.
تفسير السمعاني = تفسير القرآن.
تفسير السهيلي = التسهيل لعلوم التنْزيل.
تفسير الشوكاني = فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير.
تفسير القاسمي = محاسن التأويل.
تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن.
٧٢- تفسير القرآن، لأبي المظفر السمعاني، تحقيق : ياسر إبراهيم، دار الوطن، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ.


الصفحة التالية
Icon