- أنه عند تفسير قوله تعالى :(١) رجح دخول أزواج النبي - ﷺ - في أهل بيته لدلالة الحديث الصحيح على ذلك(٢).
- ومن أمثلته اعتماده على تفسير الصحابة، تفسيره لقوله تعالى :(٣) فقد رجَّح أن المعنى : لا أسألكم يا معشر العرب، ويا معشر قريش عليه أجراً، لكنْ أسألكم أن تصلوا القرابة التي بني وبينكم، واستدل لذلك بما ورد عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في هذا المعنى (٤).
- ومن أمثلته أخذه - رحمه الله - بأقوال التابعين، أنه رجَّح أن معنى التمنَّي قوله تعالى :
(٥) : التلاوة والقرآن، وقال :" كما عليه المفسرون من السلف " (٦).
ثالثاً : عنايته بالترجيح بين الأقوال :
شيخ الإسلام له عناية كبيرة بالاختيار والترجيح بين الأقوال، فهو في الغالب يستدل للصحيح منها، ويبين وجه ضعف الضعيف، ويناقش أدلة القول المرجوح، وهذه ميزة كبيرة تشتد الحاجة إليها عند الدارسين، ولا سيما إذا كان الترجيح صادراً عن إمام كبير، حافظ للمنقول، رأس في المعقول.
وقد كُتب لاختيارات هذا الإمام في التفسير وغيره من الفنون القبول عند الناس، وذلك لما تشتمل عليه من البراهين الساطعة، والأدلة الواضحة، وما هو بالمعصوم.
ومسائل هذه الرسالة دليل واضع على إمامة هذا العالم في الاختيار والترجيح في التفسير.
وكان – رحمه ا لله – يجتهد اجتهاداً عظيماً في معرفة القول الحق في معنى الآية، ويلجأ إلى الله – تعالى – ويسأله الهداية إلى ذلك.
(٢) انظر : مجموع الفتاوى ١٣/٢٧.
(٣) سورة الشورى : الآية ٢٣.
(٤) منهاج السنة ٤/٢٥.
(٥) سورة الحج : الآية ٥٢.
(٦) مجموع الفتاوى : ١٥/١٩٠.
قال ابن جرير :" وهذا القول أشبه بتأويل بدلالة قوله : على ذلك ؛ لأن الآيات التي أخبر الله جل ثناؤه أنه يحكمها لا شك أنها آيات تنْزيله فمعلوم أن الذي ألقي فيه الشيطان هو ما أخبر الله تعالى ذكره أنه نسخ ذلك منه وأبطله ثم أحكمه بنسخه ذلك منه، فتأويل الكلام إذن : تلا كتاب الله وقرأ أو حدث وتكلم
في كتاب الله الذي تلاه وقرأه أو في حديثه الذي حدث وتكلم
يقول تعالى : فيذهب الله ما يلقي الشيطان من ذلك على لسان نبيه ويبطله" (١).
واستدلّ كثيرٌ من المفسرين(٢) لهذا القول بقول الشاعر(٣) :
تمنّى كتابَ الله أولَ ليلةٍ | وآخرها لاقى حمامَ المقادر |
وقد حكى شيخ الإسلام الاتفاق على أن التمني بمعنى التلاوة، كما تقدم.
(٢) استدل به الثعلبي ٧/٣٠، والسمعاني ٣/٤٧٧، والزمخشري ٣/٣٧، وابن عطية ١٢/٢١١، وابن كثير ٣/٢٤١.
(٣) نسبه بعضهم لحسان بن ثابت - رضي الله عنه -، وليس في ديوانه، وذكره في لسان العرب ٢/٤٢٨٤ مادة (منى).
(٤) انظر : إعراب القرآن للنحاس ٣/١٠٤، وتفسير الشوكاني ٣/٦٥٤، وكأن البخاري يفرِّق بينها حيث حكى قول ابن عباس ثم قال :" ويقال قراءته ".
(٥) تفسيره ٣/٦٥٤ باختصار.
١٦٣- صحيح سنن الترمذي، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٨هـ.
١٦٤- صحيح مسلم، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي، المطبعة الإسلامية، استانبول.
١٦٥- الصفدية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق : د. محمد رشاد سالم، ١٤٠٦هـ.
١٦٦- الصفدية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق : سيد الحليمي وزميله، مكتبة أضواء السلف، الرياض، الطبعة الأولى ١٤٢٣.
١٦٧- صفة الصفوة، لأبي الفرج ابن الجوزي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى ١٤٠٩.
١٦٨- الصلاة وحكم تاركها، لابن قيم الجوزية، تحقيق : محمد نظام الدين الفتيّح، مكتبة دار التراث، المدينة، الطبعة الثانية، ١٤١٢هـ.
١٦٩- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم، تحقيق : د. علي الدخيل الله، دار العاصمة، الطبعة الثانية، ١٤١٢هـ.
( ض )...
١٧٠- الضعفاء الكبير، لأبي جعفر العقيلي المكي، تحقيق : عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٤هـ.
١٧١- ضعيف الجامع الصغير، للألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤١٠هـ.
١٧٢- ضعيف سنن الترمذي، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، ١٤١١هـ.
١٧٣- ضعيف سنن النسائي، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، ١٤١١هـ.
١٧٤- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، لشمس الدين السخاوي، دار مكتبة الحياة، بيروت.
( ط )...
١٧٥- طبقات الشافعية، لجمال الدين الأسنوي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٧هـ.
١٧٦- طبقات المفسرين، لشمس الدين محمد بن علي الداودي، تحقيق : علي محمد عمر، الطبعة الثانية، ١٤١٥هـ، مكتبة وهبة، القاهرة.
١٧٧- طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم، تحقيق : يوسف علي بديوي، دار ابن كثير، الطبعة الثالثة، ١٤٢٠هـ.
( ع )...