٢- طول نَفَس شيخ الإسلام – رحمه الله – في بحث بعض المسائل، واستطراده الطويل، وتكراره الأدلة، والردود بأساليب مختلفة، حيث يتحدث عن المسألة في بعض الأحيان في عشرات الصفحات في الموضع الواحد، ولذلك يصعب تحديد اختياره أحياناً، ويحتاج الباحث إلى مراجعة جميع نصوصه في المسألة أكثر من مرَّة، بتدبر وتأمل، ثم مراجعة كتب التفسير، وقد درست مسائل فتبين لي أنها غير داخلة في حدود البحث فحذفتها، ولعلَّ ذلك راجع إلى سرعته في الكتابة، واعتماده على حفظه، وعدم نظره فيما يكتب مرة أخرى ؛ لكثرة تأليفه، وقيامه بأعباء التعليم، والجهاد، والدعوة، ويظهر ذلك بالمقارنة بين كتبه، وكتب تلاميذه، رحمة الله على الجميع.
٣- ومن الصعوبات التي واجهتني أيضاً، حصر الأقوال في كل مسألة، وتحرير اختيار المفسرين من السلف وغيرهم، حيث التزمت أن أذكر جميع الأقوال المعتبرة في كل مسألة، على أنني استفدت ممن اعتني بهذا الجانب من المفسرين كالماوردي، وابن الجوزي، ولكنهم لا يستوعبون جميع الأقوال، ومن قال بها من السلف في بعض الأحيان، وقد يشقِّقون بعض الأقوال مع أن مؤداها واحد.
هذا وقد بذلت جهدي في بحث مسائل هذه الرسالة وتحريرها، ومراجعتها، وكنت أحب أن أطيل الوقوف عند بعض المسائل، وأرجع إلى المزيد من المصادر في الفنون الأخرى غير التفسير، ولكن ضيق الوقت حال بيني وبين هذه الرغبة، فقدمتها معترفاً بالقصور، والتقصير، راجياً ممن يطّلع على مواضع الخلل أن لا يضنَّ عليَّ بما يُصلح الزلل.
وفي الختام أحمد الله – تعالى – حمداً كثيراً طيباً مباركاً، يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، على ما منَّ به عليَّ من المنن العظيمة التي لا تحصى، ومنها إتمام هذا البحث.
فاللهم لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك.
قلت : ذا قول الأكثرين وقد ذكر البغوي في قوله : الآية قال : قال مجاهد : سجودها تحول ظلالها، وقال أبو العالية(١) : ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع ساجداً حين يغيب ثم لا ينصرف حتى يؤذن له، فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى مطلعه، قال : وقيل سجودها بمعنى الطاعة فإنه ما من جماد إلا وهو مطيع لله خاشع له مسبح له، كما أخبر الله عز وجل عن السماوات والأرض :(٢)، وقال في وصف الحجارة :(٣)، (٤)، قال : وهذا مذهب حسن موافق لقول أهل السنة.
قلت : قد تقدم قول الطبري وغيره بهذا القول فإذا كان السجود في هذه الآية ليس عاماً، وهو هناك عام كان السجود المطلق هو سجود الطوع، فهذه المذكورات تسجد تطوعاً هي وكثير من الناس، والكثير الذي حق عليه العذاب إنما يسجد كرهاً، وحينئذ فالكثير الذي حق عليه العذاب لم يقل فيه إنه يسجد ولا نفى عنه كل سجود، بل تخصيص من سواه بالذكر يدل على أنه ليس مثله، وحينئذ فإذا لم يسجد طائعاً حصل فائدة التخصيص، وهو مع ذلك يسجد كارهاً، فكلا القولين صحيح، وكذلك قال طائفة من المفسرين واللفظ للبغوي قالوا : وكثير حق عليه العذاب بكفرهم وتركهم السجود وهم مع كفرهم تسجد ظلالهم لله - تعالى - " (٥).
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بقوله تعالى : على قولين :
(٢) سورة فصلت : الآية ١١.
(٣) سورة البقرة : الآية ٧٤.
(٤) سورة الإسراء : الآية ٤٤.
(٥) جامع الرسائل ١/٤٠، وقد حكى الخلاف عن ابن الجوزي في زاد المسير ٥/٢٨٥.
وقد اختار القول بأن المراد بالنكاح العقد شيخ الإسلام كما تقدم، وابن القيم، ووجَّه الآية بقوله :" وجهها – والله أعلم – أن المتزوج أُمر أن يتزوج المحصنة العفيفة، وإنما أُبيح له نكاح المرأة بهذا الشرط كما ذكر ذلك سبحانه في سورتي النساء والمائدة، والحكم المعلق على الشرط ينتفي عند انتفائه، والإباحة قد علقت على شرط الإحصان، فإذا انتفى الإحصان انتفت الإباحة المشروطة به، فالمتزوج إما أن يلتزم حكم الله وشرعه الذي شرعه على لسان رسوله، أو لا يلتزمه، فإن لم يلتزمه فهو مشرك لا يرضى بنكاحه إلا من هو مشرك مثله، وإن التزمه وخالفه ونكح ما حرم عليه لم يصح النكاح فيكون زانياً، فظهر معنى قوله : وتبين غاية البيان، وكذلك حكم المرأة، وكما أن هذا الحكم هو موجب القرآن وصريحه فهو موجب الفطرة، ومقتضى العقل... " (١) وفيه تكلّف.
معنى قوله تعالى : أي شيء يصنع بكم(١).
اختلف العلماء في المصدر في قوله تعالى : هل هو مضاف إلى فاعله، أو إلى مفعوله :
فذهب بعضهم إلى أنه مضاف إلى فاعله، والمعنى : لولا أنكم تدعونه وتعبدونه(٢)، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -(٣)، واختاره شيخ الإسلام كما تقدم، وأبو حيان(٤)، وابن القيم(٥)، والألوسي(٦)، ومن أدلة هذا القول قوله تعالى :(٧) (٨).
القول الثاني : أن المصدر مضاف إلى مفعوله، والمعنى : لولا دعاؤه إياكم إلى توحيده، وعبادته على ألسنة رسله(٩)، وروي عن مجاهد(١٠)، واختاره الفراء(١١)، وابن عاشور(١٢).
ومن أدلة هذا القول قوله تعالى :(١٣) (١٤).
والراجح - والله تعالى أعلم - القول الأول ؛ لأن معناه أظهر.
هذا ويرى بعض الباحثين أنه لا مانع من حمل الآية على المعنيين ؛ لأنه لا مانع من إرادتهما جميعاً(١٥).
(٢) اختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الدعاء هنا يشمل دعاء العبادة ودعاء المسألة، انظر المصادر السابقة له.
(٣) تفسير ابن جرير ٩/٤٢٧، وابن أبي حاتم ٨/٢٧٤٥، وانظر تفسير ابن الجوزي ٦/٢٩.
(٤) تفسير أبي حيان ٦/٥١٧.
(٥) بدائع الفوائد ٣/٣٠٤.
(٦) تفسير الألوسي ١٩/٥٤.
(٧) سورة العنكبوت : الآية ٦٥.
(٨) انظر : تفسير الشنقيطي ٦/٣٦١.
(٩) تفسير الشنقيطي ٦/٣٥٩.
(١٠) تفسير ابن جرير ٩/٤٢٧، وابن أبي حاتم ٨/٢٧٤٥.
(١١) معاني القرآن للفراء ص ٢٧٥.
(١٢) تفسير ابن عاشور ١٩/٨٦.
(١٣) سورة الذاريات : الآية ٥٦.
(١٤) انظر : تفسير القرطبي ١٣/٥٧، والشنقيطي ٦/٣٦١.
(١٥) قواعد التفسير ٢/٨١٠.
القول الأول : أن الاستثناء متصل، وأجازه الفراء(١)، والزجاج على معنى : لا يعلم أحدٌ الغيب إلا الله، أي : لا يعلم الغيب إلا الله(٢)، واختاره العكبري(٣) (٤).
واختار القول بالاتصال شيخ الإسلام كما تقدم بدليل أن المستثنى مرفوع، وقد بيَّن
– رحمه الله – أنه لا يَرد على هذا توهُّم أن الله – جلّ وعلا – داخل في جملة، بل المراد بالسماء كل ما سما، أي : علا وارتفع، وليس المراد بالسموات في الآية السموات السبع، وعلى هذا التأويل يرتفع الإشكال الذي من أجله صرف كثير من المفسرين معناه إلى الانقطاع(٥).
ويناقش بأن ظاهر الآية أن المراد بالسموات والأرض هي المعهودة بدلالة جمعها.
كما اختار الاتصال ابن القيم، وبيَّن أن المراد من ذكر السموات والأرض تحقيق إرادة العموم والإحاطة وليس التعيين، وإليك نص كلامه :" لأن السموات والأرض ههنا أبلغ صيغ العموم وليس المراد بها معيناً، فهي في قوة ( أحد ) المنفي بقولك : لا يعلم أحد الغيب إلا الله، وأتى في هذا بذكر السموات والأرض تحقيقاً لإرادة العموم والإحاطة، فالكلام مؤدٍ معنى : لا يعلم أحد الغيب إلا الله.
وإنما نشأ الوهم في ظنهم أن الظرف ههنا للتخصيص والتقييد، وليس كذلك ؛ بل لتحقيق الاستغراق والإحاطة، فهو نظير الصفة في قوله تعالى :
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤/١٢٧.
(٣) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء، محب الدين، عالم بالأدب واللغة والفرائض والحساب، ولد ببغداد سنة ٥٣٨هـ، وتوفي بها سنة ٦١٦هـ، من مؤلفاته : شرح ديوان المتنبي، وإملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن. انظر : بغية الوعاة ٢/٣٨ ترجمة (١٣٧٥)، وشذرات الذهب ٥/٦٧.
(٤) إملاء ما من به الرحمن ص٤١٨.
(٥) انظر : تفسير ابن جزي ٢/١٣٦.
القول الأول : أن المعنى : إلا ما أريد به وجهُه، وبه قال ابن عباس - رضي الله عنهما -(١)، ومجاهد، وسفيان الثوري(٢) (٣)، وأبو العالية(٤)، واستُدل(٥) لهذا القول بقول الشاعر :
أستغفرُ اللهَ ذنبا لستُ محصيَه | ربَّ العباد إليه الوجهُ والعملُ(٦) |
قال ابن عطية :" ومنه قول القائل : أردت بفعلي وجه الله - تعالى -، ومنه قوله عز وجل :(٨) " (٩).
وقد استدل شيخ الإسلام لهذا القول أيضا بدليلين تقدما في كلامه وهما :
١ - أن سياق الآية يدل عليه ؛ فإنه تعالى لما نهى عن الإشراك به ذكر أن كل عمل خالطه الشرك فهو باطل، وإنما يبقى الخالص لوجهه الكريم.
(٢) هو الإمام الحافظ الحجة الزاهد أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، أحد الأئمة الحفاظ الفقهاء العباد، توفي عام ١٦١هـ. انظر : سير أعلام النبلاء ٧/٢٢٩، وتقريب التهذيب ص٢٤٤.
(٣) تفسير ابن أبي حاتم ٩/٣٠٢٨.
(٤) تفسير البغوي ٣/٤٥٩، وذكره الإمام البخاري في الصحيح حيث قال عند هذه الآية :" إلا ملكه، ويقال : إلا ما أريد به وجه الله " ٨/٦٤١ كتاب التفسير، سورة القصص، قال ابن كثير :" حكاه البخاري في صحيحة كالمقرر له " تفسير ابن كثير ٣/٤١٤، ولا يظهر لي في ما ذكره البخاري اختيار، واختاره أيضاً الواحدي في الوسيط ٣/٤١١.
(٥) انظر : تفسير ابن جرير ١٠/١١٩.
(٦) هذا البيت لا يعرف قائله، انظر خزانة الأدب ٣/١١.
(٧) انظر تفسير ابن جرير ١٠/١١٩، والوسيط للواحدي ٣/٤١١.
(٨) سورة الأنعام : الآية ٥٢.
(٩) تفسيره ١٢/١٩٨.
وقوله :(١) ليس في القرآن ما ينسخهما، ولكن بعض الناس يظن أن من المجادلة ترك الجهاد بالسيف، وكل ما كان متضمناً لترك الجهاد المأمور به فهو منسوخ بآيات السيف، والجهاد والمجادلة قد تكون مع أهل الذمة والهدنة والأمان ومن لا يجوز قتاله بالسيف، وقد تكون في ابتداء الدعوة كما كان النبي - ﷺ - يجاهد الكفار بالقرآن، وقد تكون لبيان الحق وشفاء القلوب من الشبه مع من يطلب الاستهداء والبيان وبسط هذا له موضع آخر " (٢).
الدراسة :
في هذه الآية ينهى الله - تعالى - عباده المؤمنين عن مجادلة أهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى - إلا بالكلام اللَّين الجميل اللطيف ؛ وذلك بدعوتهم إلى الله - تعالى - بعلم وبصيرة، ورد الباطل بالحجة والبرهان بأحسن أسلوب وأقرب طريق(٣).
وقد اختلف المفسرون في المراد بالذين ظلموا، وهل هذه الآية منسوخة أم لا على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الآية محكمة، والمراد بالذين ظلموا منهم هم أهل الحرب الذين أبوا الإسلام وإعطاءَ الجزية فهؤلاء يجادلون بالسيف ؛ وهذا قول مجاهد(٤).
القول الثاني : أن الآية محكمة، والمراد بأهل الكتاب في الآية من آمن بالنبي - ﷺ - واتبعه، وذلك فيما يحدثون به عن كتبهم ؛ وهذا قول ابن زيد(٥).
(٢) النبوات ٢/٦٢٠.
(٣) تفسير ابن جرير ١٠/١٤٩، والسعدي ص٦٣٣.
(٤) تفسير ابن جرير ١٠/١٤٩، وابن أبي حاتم ٩/٣٠٦٩.
(٥) تفسير ابن جرير ١٠/١٥٠، وابن أبي حاتم ٩/٣٠٦٨.
توكيد لما قبله، وذلك لأنه هو الظاهر، ولأن توجيهات أصحاب القول الثاني لا تخلو من التكلف.
قال الشوكاني بعد أن ذكر القول الثاني وتوجيهات أهله :" والراجح الأول، وما بعده من هذه الوجوه كلها ففي غاية التكلف والتعسُّف " (١).
وقال ابن كثير بعد أن أورد الآية :" هذا نص في دخول أزواج النبي - ﷺ - في أهل البيت ههنا ؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النُّزول داخل فيه قولاً واحداً، إما وحده على قول، أو مع غيره على الصحيح" (١).
والشوكاني وقال :"وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين فجعلت هذه الآية شاملة للزوجات ولعلي وفاطمة والحسن والحسين، أما الزوجات فلكونهن المرادات فى سياق هذه الآيات كما قدمنا، ولكونهن الساكنات فى بيوته - ﷺ - النازلات فى منازله ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس وغيره، وأما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته فى النسب ويعضد ذلك ما ذكرناه من الأحاديث المصرحة بأنهم سبب النُّزول، فمن جعل الآية خاصة بأحد الفريقين فقد أعمل بعض ما يجب إعماله وأهمل مالا يجوز إهماله " (٢).
واختاره الشنقيطي، واستدل بالسياق، وقال :" والتحقيق – إن شاء الله – أنهن داخلات في الآية، وإن كانت الآية تتناول غيرهن من أهل البيت " (٣).
سورة الأحزاب : الآية ٣٤
قال تعالى :(٤).
اختار شيخ الإسلام أن معنى الحكمة في الآية السنة.
(٢) تفسيره ٤/٣٩٤.
(٣) أضواء البيان ٦/٥٧٧.
(٤) سورة الأحزاب : الآية ٣٤.
القول الأول : ذهب عامة المفسرين إلى أن الظالم لنفسه هو مسلم من هذه الأمة ؛ وبه قاله عثمان(١)، وابن مسعود(٢)، وابن عباس(٣)، وعائشة(٤) - رضي الله عنهم -، وكعب الأحبار(٥)، وأبو إسحاق السبيعي(٦)، ومحمد بن الحنفية(٧)، واختار هذا القول ابن جرير(٨)، والزجاج(٩) وقال :" عليه أكثر المفسرين "، والواحدي(١٠)، وابن عطية(١١)، والرازي(١٢)، وابن رجب(١٣)، وابن القيم(١٤)، والشوكاني(١٥).
أدلة هذا القول :
١- وردت أحاديث كثيرة مرفوعة إلى النبي - ﷺ - من رواية جمع من الصحابة
به(١٦)، ومن طرق يشد بعضها بعضاً(١٧)، تثبت أن الظالم لنفسه من هذه الأمة ومن جملة المصطفين، ومن ذلك :
(٢) أخرجه ابن جرير ١٠/٤١١.
(٣) أخرجه ابن جرير ١٠/٤١١، وعزاه السيوطي في الدر ٥/٤٧٢ إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم وليس في المطبوع منه، وابن مردويه، والبيهقي في البعث.
(٤) أخرجه الطيالسي ص٢٠٩ ح١٤٨٩، والحاكم ٢/٤٢٦ وصححه وتعقبه الذهبي، وأخرجه أيضاً الطبراني في الأوسط ٦/٢٣٦ ح٦٠٩٤، وعبدالرزاق ٢/٣٥، والثعلبي ٨/١٠٩، وانظر : الدر ٥/٤٧٢.
(٥) أخرجه عبدالرزاق ٢/١٣٦، وابن جرير ١٠/٤١١، وانظر : الدر المنثور ٥/٤٧٣.
(٦) أخرجه ابن جرير ١٠/٤١٢.
(٧) أخرجه ابن جرير في الموضع السابق.
(٨) تفسيره ١٠/٤١٤.
(٩) معاني القرآن ٤/٢٦٨.
(١٠) الوسيط ٣/٥٠٥.
(١١) تفسيره ١٣/١٧٦.
(١٢) تفسيره ٢٦/٢٢.
(١٣) فتح الباري ١/١٤٥.
(١٤) طريق الهجرتين ص٣٤١.
(١٥) تفسيره ٤/٤٩١.
(١٦) أورد هذه الأحاديث ابن أبي حاتم ١٠/٣١٨١، والبيهقي في البعث ص٨٣، وابن القيم في طريق الهجرتين ص ٣٤٣، وابن كثير ٣/٥٦٢، والسيوطي في الدر ٥/٤٧٢.
(١٧) ذكر ذلك البيهقي في البعث ص٨٣، وابن القيم في طريق الهجريتن ص٣٦٥، وابن كثير٣/٥٦٢.
(١)، فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة قرية أخرى غير أنطاكية، كما أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضاً(٢)، أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظاً في هذه القصة مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة ؛ فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك، والله تعالى سبحانه أعلم " (٣).
وقال ابن كثير في تاريخه عن القول بأنها أنطاكية :" وهذا القول ضعيف جداً " (٤).
وقال الحافظ ابن حجر :" ولعلها كانت مدينة بالقرب من هذه الموجودة ؛ لأن الله أخبر أنه أهلك أهلها وليس لذلك أثر في هذه المدينة الموجودة الآن " (٥).
والأظهر – والله أعلم – أن القرية المذكورة في الآية ليست أنطاكية المعروفة الموجودة الآن، وذلك لما يرد على هذا القول من الإشكالات التي ذكرها شيخ الإسلام وابن كثير وابن حجر، وأما الإجماع الذي ذكره الماوردي فإنه منخرم بنسبة ابن كثير القول بخلافه إلى بعض السلف، أو يكون المراد بأنطاكية قريةً أخرى غير هذه المشهورة المعروفة الآن كما أشار إلى ذلك ابن كثير وابن حجر(٦).
(٢) ورد عن ابن جريج أنه قال :" ذكر لنا أنها قرية من قرى الروم " الدر المنثور ٥/٤٩٠، ويحتمل أن يكون المراد بها أنطاكية لأنها من قرى الروم، ويحتمل أن المراد غيرها، والأول أولى موافقة لعامة المفسرين.
(٣) تفسير ابن كثير ٣/٥٧٦ بتصرف يسير في الوجه الأول، وكلامه هنا مستقى من كلام ابن تيمية كما تقدم، وانظر : البداية والنهاية ٢/١١.
(٤) البداية والنهاية ٢/١١.
(٥) فتح الباري لابن حجر ٦/٥٦٩.
(٦) انظر : الإجماع في التفسير ص٣٧٣.
الوجه الرابع : أن البشارة بإسحاق كانت معجزة ; لأن العجوز عقيم ; ولهذا قال الخليل - عليه السلام - : وقالت امرأته :(١)، وقد سبق أن البشارة بإسحاق في حال الكبر وكانت البشارة مشتركة بين إبراهيم وامرأته ؛ وأما البشارة بالذبيح فكانت لإبراهيم - عليه السلام - وامتحن بذبحه دون الأم المبشرة به وهذا مما يوافق ما نقل عن النبي - ﷺ - وأصحابه في الصحيح وغيره : من أن إسماعيل لما ولدته هاجر غارت سارة فذهب إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة وهناك أمر بالذبح، وهذا مما يؤيد أن هذا الذبيح دون ذلك، ومما يدل على أن الذبيح ليس هو إسحاق أن الله تعالى قال : فكيف يأمر بعد ذلك بذبحه ؟ والبشارة بيعقوب تقتضي أن إسحاق يعيش ويولد له يعقوب، ولا خلاف بين الناس أن قصة الذبيح كانت قبل ولادة يعقوب، بل يعقوب إنما ولد بعد موت إبراهيم - عليه السلام -، وقصة الذبيح كانت في حياة إبراهيم بلا ريب.
القول السابع : أن الذي جاء بالصدق الأنبياء، وصدَّق به الأتباع، ورُوي عن الربيع بن أنس، وكان يقرأ :( والذين جاءوا بالصدق وصدَّقوا به )(١).
وقد رجح شيخ الإسلام العموم - كما تقدم -، وأن الصَّدق يشمل كل صدق، والذي صدَّق به يشمل كل من آمن بالنبي - ﷺ - وبما جاء به، وبيَّن أن الموصوف في الآية صنف واحد، وأن المراد مدحُ النوع الذي يجئ بالصدق ويصدَّقُ به.
وهذا اختيار ابن عطية حيث قال :" قوله تعالى : معادل لقوله :(٢) و( مَن ) هنالك للجميع والعموم، فكذلك ها هنا هي للجنس أيضاً، كأنه قال : والفريق الذي جاء بعضه بالصدق، وصدَّق بعضه، ويستقيم المعنى واللفظ ( جاءوا بالصدق وصدقوا به ) والصدق هنا : القرآن وأنباؤه، والشرع بجملته " (٣).
والقول بالعموم هو ظاهر الآية وعليه يدل سياقها – والله أعلم -.
سورة الزمر : الآية ٤٢
قال تعالى :(٤).
اختار شيخ الإسلام أن النفس المُمسَكة والمرسَلة في الآية كلتيهما توُفيت وفاة النوم، فمن استكملت أجلها أمسكها عنده، ومن لم تستكمله ردَّها إلى جسدها.
حيث ذكر – رحمه الله – ما رُوى عن ابن عباس – رضي الله عنهما - في تفسير هذه الآية أنه قال :" تَلْتَقي أرواحُ الأحياء في المنام بأرواح الموتى ويتساءلون بينهم، فيمسك الله أرواح الموتى، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها "، ثم ذكر عن السُّدى نَحْوَه، ثم قال :" وهذا أحد القولين وهو أن قوله : أُريد بها من مات قبل ذلك لقي روحَ الحي.
(٢) سورة الزمر : الآية ٣٢.
(٣) تفسيره ١٤/٨٤.
(٤) سورة الزمر : الآية ٤٢.
القول الأول : أن المراد به دعاء العبادة، ويدل عليه قوله - ﷺ - :" الدعاء هو العبادة، وقرأ رسول الله - ﷺ - :" (١)، ويدل عليه أيضاً ختام الآية
وبه قال ابن عباس(٢)، واختاره الطبري(٣)، والثعلبي(٤)، والبغوي(٥)، والواحدي(٦)، والسمعاني(٧)، والزمخشري(٨).
القول الثاني : أن المراد به دعاء المسألة ؛ وبه قال السدي، حيث قال : عن دعائي، واختاره ابن جزي، وقال :" ويكون معنى قوله : عن الرغبة إليَّ، كما قال - ﷺ - :" من لم يسأل الله يغضب عليه " (٩)، وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم :" هو العبادة " فمعناه أن الدعاء والرغبة إلى الله هي العبادة ؛ لأن الدعاء يَظْهر فيه افتقارُ العبد وتضرُّعه إلى الله " (١٠).
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/٣٥٢ [ ط التركي ]، وأبو الشيخ الأصبهاني في العظمة ٢/٥١٥، وعزاه في الدر ٥/٦٦ أيضاً لابن المنذر.
(٣) تفسيره ٢٠/٣٥١ [ ط التركي ].
(٤) تفسيره ٨/٢٧٩، ونسبه القرطبي أيضاً لأكثر المفسرين ١٥/٢١٣.
(٥) تفسيره ٧/١٥٦ [ ط طيبة ].
(٦) تفسيره الوسيط ٤/٢٠.
(٧) تفسيره ٥/٢٩.
(٨) تفسيره الكشاف ٣/٣٧٦.
(٩) أخرجه أحمد ٢/٤٧٧، والترمذي ٥/٤٢٦ح٣٣٧٣، كتاب الدعوات، باب (٢)، وابن ماجه ٢/١٢٥٨ ح٣٨٢٧ كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي ١/٤٩١.
(١٠) تفسيره ٢/٢٨٤.
قال الثعلبي :" ومنه المَنُون، لأنه ينقص من الإنسان أي قوته " (١).
واستُدل له بقول الشاعر :
فَضْل الجياد على الخيل البطاءِ فلا | يُعطى بذلك ممنوناً ولا نَزِقَا(٢) |
وقد فسَّر الآيةَ جمع من المفسرين بالمعنيين جميعاً فقالوا : غير مقطوع ولا منقوص، كالواحدي(٣)، وابن الجوزي(٤)، وشيخ الإسلام كما تقدم، وهو ظاهر كلام ابن جرير(٥) ولا تنافي بينهما، قال الجوهري :" المنُّ : القطع، ويقال : النقص " (٦).
وقد ردَّ الشنقيطي تفسير الممنون بالمنقوص، وقال :" وهذا، وإن صحَّ لغة فالأظهر أنه ليس معنى الآية " (٧).
القول الثالث : أن المعنى : غير محسوب ؛ وبه قال مجاهد(٨)، وتقدم أن شيخ الإسلام يرى أن هذا القول بمعنى غير مقطوع ولا منقوص ؛ لأن ما ينتهي مقدَّر محسوب، وهذا رأي النحاس ؛ حيث فسَّر المحسوب بالمقطوع(٩).
القول الرابع : أن المعنى : غير ممنون عليهم ؛ حكاه السدي(١٠)، واختاره ابن عطية، وقال :" فيظهر في الآية أنه وصفه بعدم المنِّ والأذى من حيث هو من جهة الله تعالى، فهو شريف لا منّ فيه، وأعطيات البشر هي التي يدخلها المنُّ " (١١).
(٢) استدل به القرطبي ١٥/٢٢٣، وهو لزهير بن أبي سلمى، انظر : ديوانه ص٤٩ بلفظ :" فضل الجواد ".
(٣) تفسيره الوسيط ٤/٢٦.
(٤) تفسيره زاد المسير ٧/٥٤.
(٥) تفسيره ٢٠/٣٨١.
(٦) الصحاح ٦/٢٢٠٧.
(٧) أضواء البيان ٧/١١٦.
(٨) أخرجه ابن جرير ٢٠/٣٨١ [ ط التركي ].
(٩) أخرجه ابن جرير ٢٠/٣٨١ [ ط التركي ].
(١٠) أخرجه ابن جرير ٢٠/٣٨١ [ ط التركي ]، ولفظه عنه :" قال بعضهم : غير منقوص، وقال بعضهم : غير ممنون عليهم "، وانظر : تفسير ابن كثير ٤/٩٩.
(١١) تفسيره ١٤/١٦٥، وانظر : تفسير الرازي ٢٦/١٠٠.
ورُوي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم ؟ قال :" فاطمة وولدها عليهم السلام " (١)، وهو ضعيف أيضاً(٢).
وروي هذا القول عن علي بن الحسين، وسعيد بن جبير، وعمرو بن شعيب(٣).
و هنا بمعنى الأقرباء، و للظرفية المجازية، والجار والمجرور في موضع الحال، أي : إلا المودة ثابتة في أقربائي، متمكنة فيهم(٤)، ورده شيخ الإسلام كما تقدم، وقال : لو كان المراد هذا المعنى لقال : إلا المودة لذوي القربى، كما ضعفه ابن عاشور(٥)، والسمعاني(٦).
(٢) ضعفه ابن أبي حاتم ١٠/٣٢٧٧، والحافظ في الفتح ٨/٧١٧، وقال :" وإسناده ضعيف، وهو ساقط ؛ لمخالفته هذا الحديث الصحيح " – يعني حديث البخاري -، وقال شيخ الإسلام كما في منهاج السنة ٧/٩٩ :" هذا الحديث كذب وموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، وهذه الآية في سورة الشورى، وهي مكية باتفاق أهل السنة، ومن المعلوم أن علياً إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد غزوة بدر، والحسن ولد في السنة الثالثة من الهجرة، والحسين ولد في السنة الرابعة، فتكون هذه الآية قد نزلت قبل وجود الحسن والحسين بسنين متعددة، فكيف يفسر النبي - ﷺ - الآية بوجوب مودة قرابة لا تعرف ولم تخلق بعد " اهـ بتصرف يسير، ولابن كثير في تفسيره ٤/١٢٢ كلام نحو هذا في تضعيف الحديث، وانظر : قواعد الترجيح عند المفسرين ١/٢٦٦.
(٣) أخرجه عنهم ابن جرير ٢٠/٤٩٩ – ٥٠٠ [ ط التركي ]، واختاره الشيعة ؛ مجمع البيان ٩/٤٨.
(٤) قاله الألوسي ٢٥/٣١، وانظر : الزمخشري ٣/٤٠٢.
(٥) تفسير ابن عاشور ٢٥/٨٣.
(٦) تفسيره ٤/٧٤.
القول الثاني : أن المعنى : إنه لتذكرة وموعظة لك ولأمتك.
قال ابن كثير :" وإنه لتذكير لك ولقومك، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم كقوله تعالى :(١)، وكقوله تعالى :(٢)، (٣) أي : عن هذا القرآن، وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له " (٤).
وقال القرطبي :" والصحيح أنه شرف لمن عمل به، كان من قريش أو من غيرهم" (٥)، وهذا اختيار شيخ الإسلام – كما تقدم -.
والراجح – والله أعلم – القول الأول ؛ لدلالة القرآن عليه، حيث وردت عدة آيات جاء الذكر فيها بمعنى الشرف، كقوله تعالى : ، وقوله تعالى :(٦).
ولوروده عن جمع من السلف، منهم الحبر ابن عباس – رضي الله عنهما - ؛ ولأنه قول عامة المفسرين كما تقدم.
هذا وقد حملها الشيخ عبدالرحمن السعدي على المعنيين، فقال :" أي : فخر لكم، ومنقبة جليلة، ونعمة لا يقادر قدرها ولا يعرف وصفها، ويذكركم أيضاً ما فيه الخير الدنيوي والأخروي ويحثكم عليه، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه عنه هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم، وكفراً منكم بهذه النعمة " (٧).
...
...
سورة الزخرف : الآية ٨٦
قال تعالى :(٨).
رجح شيخ الإسلام أن الاستثناء في قوله تعالى : منقطع، والمعنى : أن الشفاعة لا يملكها أحد دون الله، ولكن من شهد بالحق وهم يعلمون هم أصحاب الشفاعة، منهم الشافع ومنهم المشفوع له.
قال – رحمه الله – عند هذه الآية :" فأخبر أنه لا يملكها أحد دون الله، وقوله :
(٢) سورة الشعراء : الآية ٢١٤.
(٣) سورة الزخرف : الآية ٤٤.
(٤) تفسير ابن كثير ٤/١٣٩.
(٥) تفسير القرطبي ١٦/٦٣.
(٦) سورة المؤمنون : الآية ٧١، وانظر : تفسير الطبري ٩/٢٣٤، وقد رجح ابن جرير أن المراد بالذكر في هاتين الآيتين الشرف.
(٧) تفسير السعدي ص٧٦٧.
(٨) سورة الزخرف : الآية ٨٦.
١ - ما ذكره شيخ الإسلام من أن الآية تدل على أن القوم الذين سيدعون إلى قتالهم من جنس آخر، وأصحاب الفتح هم أصحاب الحديبية.
٢ - أن فتح مكة لم يكن فيه قتال(١).
٣ - قوله : إن السين للاستقبال القريب غير مسلَّم، ففي القرآن آيات كثيرة تأتي فيها السين للاستقبال البعيد، ومنها آيات الساعة.
القول العاشر : رُوي عن مجاهد وابن جريج أنهما قالا : هم رجال أولو بأس شديد، ولم يُعَيِّنا فرقة(٢).
واختاره ابن جرير وقال :" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلَّفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال، ونَجْدَةٍ في الحروب، ولم يوضح لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيَّ بذلك هوازن، ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم، ولا أعيان بأعيانهم، وجائز أن يكون عنى بذلك هذه الأجناس، وجائز أن يكون عنى بهم غيرُهم، ولا قولَ فيه أصحُّ من أن يقال كما قال الله جل ثناؤه : إنهم سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد " (٣).
وقال أبوحيان :" والذي أقوله : إن هذه الأقوال تمثيلات من قائليها، لا أن المعنيَّ بذلك ما ذكروا، بل أخبر بذلك مبهماً دلالةً على قوة الإسلام وانتشار دعوته، وكذا وقع حسن إسلام تلك الطوائف، وقاتلوا أهلَ الردة زمان أبي بكر - ﷺ -، وكانوا في فتوح البلاد أيام عمر - ﷺ - وأيام غيره من الخلفاء، والظاهر أن هؤلاء المقاتَلين ليسوا ممن تؤخذ منهم الجزية، إذ لم يذكر هنا إلا القتال أو الإسلام " (٤).
(٢) ذكره عنهما ابن كثير ٤/٣٠٤.
(٣) تفسير ابن جرير ١١/٣٤٦.
(٤) تفسير أبي حيان ٨/٩٤.
٢ - أن الله وصفهم بخلاف صفات المنافقين ؛ فإن المنافقين وصفهم بكفر في قلوبهم وأنهم يبطنون خلاف ما يظهرون ; كما قال تعالى :(١) الآيات، فالمنافقون يصفهم في القرآن بالكذب ; وأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وبأن في قلوبهم من الكفر ما يعاقبون عليه ; وهؤلاء لم يصفهم بشيء من ذلك لكن لما ادعوا الإيمان قال للرسول : ونفي الإيمان المطلق لا يستلزم أن يكونوا منافقين.
٣ - أن الله تعالى قال :(٢)، يعني في قولكم :. يقول : إن كنتم صادقين فالله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ; وهذا يقتضي أنهم قد يكونون صادقين في قولهم :. ثم ِصدْقُهم، إما أن يراد به اتصافهم بأنهم (٣) ; وإما أن يراد به أنهم لم يكونوا كالمنافقين، بل معهم إيمان وإن لم يكن لهم أن يدعوا مطلق الإيمان، وهذا أشبه، والله أعلم.
٤ - أن سياق الآية يدل على أن الله ذمهم لكونهم منُّوا بإسلامهم لجهلهم وجفائهم، وأظهروا ما في أنفسهم مع علم الله به ; فإن الله تعالى قال :(٤) فلو لم يكن في قلوبهم شيء من الدين لم يكونوا يعلمون الله بدينهم ; فإن الإسلام الظاهر يعرفه كل أحد، ودخلت الباء في قوله : لأنه ضمن معنى يخبرون ويحدثون، كأنه قال : أتخبرونه وتحدثونه بدينكم، وهو يعلم ما في السموات وما في الأرض.
٥ - السورة – الحجرات – تنهى عن بعض المعاصي، والذنوب التي فيها تعدٍ على الرسول وعلى المؤمنين، فالأعراب المذكورون فيها من جنس الباقين أهل السباب والفسوق والمنادين من وراء الحجرات وأمثالهم، ليسوا من المنافقين، ولهذا قال المفسرون : إنهم الذين استنفروا عام الحديبية، وأولئك وإن كانوا من أهل الكبائر، فلم يكونوا في الباطن كفاراً منافقين.
(٢) سورة الحجرات : الآية ١٧.
(٣) سورة الحجرات : الآية ١٥.
(٤) سورة الحجرات : الآية ١٦.
معنى الآية : ما يتكلم الإنسان به من كلام، إلا لديه عندما يتلفظ به حافظ حاضر ملازم له يكتب ما يقول(١).
وقد اختلف المفسرون في الذي يُكتب على الإنسان، على قولين :
القول الأول : أنهما لا يكتبان إلا ما يؤجر عليه أو يؤزر ؛ وبه قال عكرمة، وروي عن الحسن(٢).
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله : الآية قال :" يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر، حتى إنه ليكتب قوله : أكَلتُ، شربتُ، ذهبتُ، جئتُ، رأيتُ، حتى إذا كان يوم الخميس عُرض قوله وعمله، فأُقرّ منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقي سائره، فذلك قوله :(٣) " (٤).
وروي عنه أنه قال : قال ابن عباس – رضي الله عنهما - :" إنما يكتب الخيرُ والشرُّ، لا يكتب يا غلام أسرج الفرس، يا غلام اسقني الماء، إنما يكتب الخير والشر " (٥).
وروي عن الحسن وقتادة أنهما قالا :" يكتب الملكان الكلام، فيثبت الله من ذلك الحسنات والسيئات، ويمحو غير ذلك " (٦).
ولا تنافي بين ما ورد عن ابن عباس ؛ فيحمل قوله الأول بأن المراد به : ما تبقى كتابته، أما ما سواه فيمحى.
(٢) تفسير ابن جرير ١١/٤١٧.
(٣) سورة الرعد : الآية ٣٩.
(٤) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١٠/٣٣٠٨، وانظر : الدر ٦/١١٨.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ١٠/٣٣٠٨، وأخرجه الحاكم ٢/٣٦٥، وصححه، وعزاه في الدر ٦/١١٨ لابن مردويه.
(٦) ذكره عنهما ابن عطية ٥/١٦٠ [ ط دار الكتب العلمية ]، وقال :" هذا هو ظاهر الآية ".
وقال السّمين :" وهذا لا يظهر من حيث المعنى، ولا من حيث الصناعة ؛ أما الأول فلابدَّ أن يهجعوا، ولا يتصور نفي هجوعهم، وأما الصناعة فلأن ما في حيّز النفي لا يتقدم عليه عند البصريين، هذا إن جعلتها نافية، وإن جعلتها مصدرية صار التقدير : من الليل هجوعهم، ولا فائدة فيه ؛ لأن غيرهم من سائر الناس بهذه المثابة " (١).
ورده ابن عاشور بحديث عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما – لما بلغ النبي - ﷺ - أنه كان يقوم الليل قال له :" إن لنفسك عليك حقاً... " (٢).
وضعفه ابن القيم من وجوه تسعة منها :
١ - أن قيام من نام من الليل نصفه أحب إلى الله من قيام من قامه كله.
٢ - أنه لو كان المراد بذلك إحياء الليل جميعه لكان أولى الناس بهذا رسول الله - ﷺ -، وما قام ليلة حتى الصباح.
٣ - أنه سبحانه إنما أمر رسوله أن يتهجد بالقرآن من الليل لا في الليل كله، فقال :(٣).
٤ - أن الصحابة – الذين هم أول وأولى من دخل في هذه الآية – لم يفهموا منها عدم نومهم بالليل أصلاً(٤).
(٢) التحرير والتنوير ٢٦/٣٤٩، والحديث أخرجه البخاري ٤/٢٨١ ح١٩٧٧، كتاب الصوم، باب حق الأهل في الصوم، ومسلم ٢/٨١٣ ح١١٥٩، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما -.
(٣) سورة الإسراء : الآية ٧٩.
(٤) التبيان في أقسام القرآن ١٨١.
القول الخامس : أن معنى ما نوى(١).
القول السادس : أن اللام بمعنى ( على ) فتقديره : ليس على الإنسان إلا ما سعى(٢)، وقال بعضهم : إنها في الذنوب وقد اتفق أنه لا يحتمل أحد ذنب أحد، ويدل على هذا قوله بعدها :(٣)، أي : لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ولا يؤاخذ إلا بذنب نفسه(٤).
وضعّفه ابن القيم، وقال :" إنه صرف للكلام إلى ضد معناه المفهوم منه، ولا يسوغ مثل هذا، ولا تحتمله اللغة " (٥).
القول السابع : أنه ليس له إلا سعيه، غير أن الأسباب مختلفة، فتارة يكون سعيه في تحصيل قرابة وولد يترحم عليه، وصديق، وتارة يسعى في خدمة الدِّين والعبادة، فيكتسب محبة أهل الدِّين، فيكون سبباً حصل بسعيه ؛ وهو قول أبي الوفاء بن عقيل(٦)، واستحسنه ابن القيم(٧).
القول الثامن : أنه ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل، فأمَّا من باب الفضل فجائز أن يزيده الله – عز وجل – ما يشاء(٨).
والأظهر – والله أعلم – القول الأول، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام، ومن وافقه ؛ لأن هذا هو الذي تجتمع عليه الأدلة من الكتاب والسنة، وأما الأقوال الأخرى فلا تخلو من التكلُّف والاعتراض.
(٢) انظر : تفسير ابن الجوزي ٧/٢٣٧.
(٣) سورة النجم : الآية ٣٨.
(٤) انظر : تفسير القرطبي ١٧/٧٥، وابن الجوزي ٢/٣٨٤.
(٥) الروح ص١٥٤.
(٦) هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، عالم العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته، ولد سنة ٤٣١هـ، وتوفي سنة ٥١٣هـ، من مؤلفاته : الواضح في الأصول، وكتاب الفنون في أربعمائة جزء. انظر : لسان الميزان ٤/٢٤٣، والشذرات ٤/٣٥.
(٧) انظر : الروح لابن القيم ص١٥٥.
(٨) ذكره الثعلبي ٩/١٥٤، وابن الجوزي ٧/٢٣٧.
قال ابن العربي :" من قال : لفظه خبر ومعناه الأمر فهو فاسد ".
وذكر أن التحقيق أنه خبر عن الشرع ؛ أي لا يمسه إلا المطهرون شرعاً، فإن وجد بخلاف ذلك فهو غير الشرع(١).
وقال ابن عطية :" والقول بأن نهي قول فيه ضعف، وذلك أنه إذا كان خبراً فهو في موضع الصفة، وقوله بعد ذلك صفة أيضاً، فإذا جعلناه نهياً جاء معنى أجنبياً معترضاً بين الصفات، وذلك لا يحسن(٢).
وقال ابن جزي :" الضمير يعود على الكتاب المكنون، ويحتمل أن يعود على القرآن المذكور قبله ؟ إلا أن هذا ضعيف لوجهين :
أحدهما : أن مس الكتاب حقيقة، ومس القرآن مجاز، والحقيقة أولى من المجاز.
والآخر : أن الكتاب أقربُ، والضمير يعود على أقرب مذكور " (٣).
قال ابن كثير :" وقال الآخرون : أي : من الجنابة والحدث، قالوا : ولفظ الآية خبر، ومعناها الطلب، قالوا : والمراد بالقرآن ههنا المصحف كما روى مسلم عن ابن عمر :" أن رسول الله - ﷺ - نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو " (٤) " (٥).
وقال الواحدي :" ومذهب قوم أن الضمير يعود إلى القرآن، والمراد به المصحف، كما روى في الحديث :" نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو "، يعني به المصحف والمراد بقوله أي : من الأحداث والجنابات " (٦).
وقال الألوسي :"ورجح جمع جعل الجملة وصفاً للقرآن ؛ لأن الكلام مسوق لحرمته وتعظيمه، لا لشأن الكتاب المكنون، وإن كان في تعظيمِه تعظيمُه " (٧).
(٢) تفسير ابن عطية ٥/٢٥٢، وقال الألوسي ٢٧/١٥٤ :" فيه إلباس ".
(٣) تفسيره ٢/٤٠٥.
(٤) أخرجه مسلم ٣/١٤٩٠ ح١٨٦٩، في كتاب الإمارة، باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم.
(٥) تفسير ابن كثير ٤/٣١٩.
(٦) الوسيط ٤/٢٣٩.
(٧) الألوسي ٢٧/١٥٤.
واستدل أصحاب هذا القول بأنه المشهور(١)، والمعروف عند الإطلاق(٢).
وهو قول جمهور المفسرين، وممن اختاره السمرقندي(٣)، والواحدي(٤)، والسمعاني(٥)، وابن عطية(٦)، والبغوي(٧) ونسبه للجمهور، وابن الجوزي(٨) ونسبه للجمهور، والرازي(٩)، والبيضاوي(١٠)، وابن كثير(١١) ونسبه للجمهور، والبقاعي(١٢)، وابن عاشور(١٣) ونسبه للجمهور.
والراجح – والله تعالى أعلم – القول الأول، وهو أن المراد بالفتح في الآية صلح الحديبية، وذلك لورود ذلك عن النبي - ﷺ -.
قال ابن جرير :" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال : معنى ذلك لا يستوي منكم أيها الناس من أنفق في سبيل الله من قبل فتح الحديبية للذي ذكرنا من الخبر عن رسول الله - ﷺ - الذي رويناه عن أبي سعيد الخدري عنه " (١٤).
وأما قول أصحاب القول الثاني إن فتح مكة هو المشهور، والمعروف عند الإطلاق، فيجاب عنه بأنه قد دل الدليل على تعيينه(١٥).
سورة الحديد : الآية ٢٥
قال :(١٦).
(٢) ذكر ذلك الرازي في تفسيره ٢٩/١٩١، واستدل بحديث :" لا هجرة بعد الفتح "، وقال ابن عاشور ٢٧/٣٧٤ :" وظاهر الفتح أنه فتح مكة، فإن هذا الجنس المعرّف صار علماً بالغلبة على فتح مكة، وهذا قول جمهور المفسرين ".
(٣) تفسيره ٣/٣٢٤.
(٤) الوسيط ٤/٢٤٥.
(٥) تفسيره ٥/٣٦٧.
(٦) تفسيره المحرر الوجيز ١٥/٤٠٤.
(٧) تفسيره ٨/٣٣ [ ط طيبة ].
(٨) تفسيره زاد المسير ٧/٣٠١.
(٩) تفسيره ٢٩/١٩١.
(١٠) تفسيره ٢/٤٦٧.
(١١) تفسيره ٤/٣٢٨.
(١٢) تفسيره نظم الدرر ١٩/٢٦٨.
(١٣) تفسيره ٢٧/٣٧٤.
(١٤) تفسير ابن جرير ١١/٦٧٤.
(١٥) انظر : فتح الباري ٧/٥٠٦ حيث قال :" والتحقيق أنه – أي الفتح – يختلف ذلك باختلاف المراد من الآيات ".
(١٦) سورة الحديد : الآية ٢٥.
قال النحاس :" والمعنى فستعلم وسيعلمون بأيكم الفتنة، والمفتون بمعنى الفتنة والفتون، كما يقال : ليس له معقول ولا معقود رأي، وهذا من أحسن ما قيل فيه " (١)، واختاره أيضاً الواحدي في الوجيز(٢)، وابن الأنباري(٣).
وقد ضعَّف هذا شيخ الإسلام كما تقدم، وبيَّن أنه لا أصل له في اللغة، ولو صح لم يكن قياساً، بل مقصوراً على السماع.
قال ابن عاشور :" والباء على هذا للملابسة في محل خبر مقدم على وهو مبتدأ يُضَمَّن فعلُ ( تبصر ويبصرون ) معنى : تُوقن ويوقنون، على طريق الكناية بفعل الإبصار عن التحقق ؛ لأن أقوى طرق الحس حاسة البصر، ويكون الإتيان بالباء للإشارة إلى هذا التضمين " (٤).
قال ابن القيم بعد أن ذكر هذه الأقوال :" وهذه الأقوال كلها تكلُّف ظاهر لا حاجة إلى شيء منه، و( ستبصر ) مُضمّن معنى تَشْعُر وتَعْلَم، فَعُدِّي بالباء كما تقول : ستشعر بكذا وتعلم به، قال تعالى :(٥)، وإذا دعاك اللفظ إلى المعنى من كان قريب فلا تجب من دعاك إليه من مكان بعيد " (٦).
الوجه الرابع : قول شيخ الإسلام : أيُّكم هو المجنون الذي به المَفْتُون، وهو الشيطان.
والأظهر - والله تعالى أعلم - أن المراد بـ المجنون، كما ذهب إلى ذلك جمهور المفسرين، وممن اختار ذلك السمرقندي(٧)، الواحدي في الوسيط(٨)، والزمخشري(٩)، وأن معنى قوله تعالى : في أي الفريقين منكم يوجد المجنون ؛ لأن الباء تأتي بمعنى ( في )، ولورود القراءة التي تؤيده، ولأنه أقل تكلفاً من الأقوال الأخرى كما ذكر ابن عطية.
سورة القلم : الآية ٤٢
(٢) الوجيز للواحدي ٢/١١٢١.
(٣) البيان ٢/٤٥٣.
(٤) التحرير والتنوير ٢٩/٦٧.
(٥) سورة العلق : الآية ١٤.
(٦) التبيان في أقسام القرآن ص١٣٦، وتوجيهه للآية بمعنى قول ابن كثير المتقدم ذكره.
(٧) تفسيره ٣/٣٩٢.
(٨) الوسيط ٤/٣٣٥.
(٩) الكشاف ٤/١٢٦.
وقال قتادة :" أي التمسوا له الأطباء، فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئاً " (١).
واختار هذا القول عامة المفسرين، وممن اختاره الفراء(٢)، وابن جرير(٣)، والزجاج(٤)، والسمرقندي(٥)، والواحدي(٦)، والسمعاني(٧)، والزمخشري(٨)، والبغوي(٩)، وابن جزي(١٠)، والألوسي(١١)، والقاسمي(١٢)، والسعدي(١٣)، وابن عاشور(١٤).
القول الثاني : أنه قول الملائكة بعضهم لبعض : من يَرْقَى بنفسه فيصعد بها، ملائكةُ الرحمة، أو ملائكةُ العذاب ؛ وبه قال ابن عباس(١٥)، وأبو العالية(١٦)، وأبو الجوزاء(١٧) (١٨).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - :" إذا بلغت نفسه يرقى بها، قالت الملائكة : من يصعد بها، ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب " (١٩).
فهو مشتق من الرُّقيِّ، وهو العلو(٢٠).
(٢) معاني القرآن ١٣/٢١٢.
(٣) تفسيره ١٢/٣٤٥.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٥/٢٥٤.
(٥) تفسيره ٣/٤٢٧.
(٦) الوسيط ٤/٣٩٥.
(٧) تفسيره ٦/١٠٢.
(٨) الكشاف ٤/٦٦٩.
(٩) تفسيره ٤/٤٢٤.
(١٠) التسهيل ٢/٥١٥.
(١١) تفسيره ٢٩/٤٦.
(١٢) محاسن التأويل ١٦/٢٥٧.
(١٣) تفسيره ص٩٠٠.
(١٤) تفسيره ٢٩/٣٥٨.
(١٥) أخرجه عنه ابن جرير ١٢/٣٤٦، وابن أبي حاتم ١٠/٣٣٨٨.
(١٦) ذكره ابن الجوزي في الدر ٦/٤٧٧، وعزاه لسعيد بن منصور وابن المنذر.
(١٧) هو أوس بن عبد الله الرَّبَعيُ البصريُ من كبار العلماء، قتل يوم الجماجم، وكان من العُبَّاد. انظر : سير أعلام النبلاء ٤/٣٧١، وتهذيب التهذيب ١/٣٨٣.
(١٨) أخرجه ابن جرير ١٢/٣٤٦، وذكر البغوي ٤/٤٢٤ هذا القول عن مقاتل وسليمان التيمي، وذكره ابن الجوزي ٨/١٣٩عن مقاتل.
(١٩) أخرجه ابن جرير في تفسيره ١٢/٣٤٦.
(٢٠) انظر : تفسير ابن جزي ٢/٥١٥.
وقال - رحمه الله - أيضاً :" ومنه قوله : على القول الصحيح إنها اسم موصول والمعنى : وبانيها وطاحيها ومسويها، ولما قال :(١)، أخبر بـ لأن المقصود الإخبار عن فلاح عينه وإن كان فعله للتزكية والتدسية قد ذهب في الدنيا، فالقسم هناك بالموصوف بحيث إنه إنما أقسم بهذا الموصوف والصفة لازمة، فإنه لا توجد مبنية إلا ببانيها ولا مطحية إلا بطاحيها ولا مسواة إلا بمسويها، وأما المرء المزكي نفسه والمدسِّيها فقد انقضى عمله في الدنيا، وفلاحه وخيبته في الآخرة ليسا مستلزمين لذلك العمل " (٢).
الدراسة :
اختلف المفسرون في ( ما ) المذكورة في هذه الآيات الثلاث على قولين :
القول الأول : أنها موصولة، والتقدير ( والذي بناها )، أو ( ومن بناها )، ويروى عن مجاهد(٣)، والحسن(٤)، وعطاء والكلبي(٥).
وقالوا : إن ( ما ) تقع عامة لمن يعقل، ولما لا يعقل، كما قال تعالى :(٦).
قال ابن جزي :" وضَعَّف بعضهم كونها موصولة بتقديم ذكر المخلوقات على الخالق " (٧).
واختار هذا القول بعض المفسرين، وممن اختاره أبو عبيدة(٨)، وابن قتيبة(٩)، والثعلبي(١٠)، والسمعاني(١١)، وابن القيم(١٢)، وأبو السعود(١٣)، والألوسي(١٤)، والقاسمي(١٥).
وقد نصر هذا القول شيخ الإسلام كما تقدم من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى.
(٢) مجموع الفتاوى ١٦/٥٩٦.
(٣) ذكره عنه ابن عطية ١٦/٣١١، وابن كثير ٨/٤١١.
(٤) ذكره عنه ابن عطية ١٦/٣١١.
(٥) ذكره عنهما الواحدي في الوسيط ٤/٤٩٥، والبغوي ٨/٤٣٧.
(٦) سورة البلد : الآية ٣.
(٧) تفسيره ٢/٥٧٧.
(٨) مجاز القرآن ٢/٣٠٠.
(٩) تأويل مشكل القرآن ص٤٠٦.
(١٠) تفسيره ١٠/٢١٣.
(١١) تفسيره ٦/٢٣٢.
(١٢) التبيان ص١٤.
(١٣) تفسيره ٩/١٦٣.
(١٤) روح المعاني ٣٠/١٤٢.
(١٥) تفسيره ١٧/٦١٦٨.
١ - هدى التوفيق، فهذا لا يقدر عليه إلا الله.
٢ - هدى إرشاد ودلالة، فهذا يكون من الله، ويكون من الخلق : من الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن العلماء.
كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(١)، أما هداية التوفيق فهي إلى الله لا أحد يستطيع أن يوفق شخصاً إلى الخير كما قال الله تعالى :
(٢)، وإذا نظرنا إلى هذه الآية الكريمة وجدنا أن الله تعالى بين كل شيء، بين ما يلزم الناس في العقيدة، وما يلزمهم في العبادة، وما يلزمهم في الأخلاق، وما يلزمهم في المعاملات، وما يجب عليهم اجتنابه في هذا كله " (٣).
والراجح - والله أعلم - القول الأول ؛ لأنه بمعنى آيتي الحجر والنحل، والقرآن يفسر بعضه بعضاً.
(٢) سورة القصص : الآية ٥٦.
(٣) تفسير جزء عمَّ ص٢٢٩.
وقال ابن عطية :" وهذا قول حسن وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا، بل في الجنس من يعتريه ذلك، وهذه عبرة منصوبة " (١).
وتقدم تضعيف شيخ الإسلام لهذا القول بأنه ليس كل كافر يهرم، بل منهم من يموت قبل ذلك، وأن كثيراً من المؤمنين يصيبه الهرم.
وقال ابن كثير :" ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك ؛ لأن الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه – أي النار-، كقوله :(٢) " (٣).
والراجح - والله أعلم - القول الأول، وذلك لقوة أدلته، ولورود الاعتراضات على القول الثاني، وتقدم بيان ذلك.
المسألة الثانية : المراد بالاستثناء في قوله تعالى :(٤) وقد اختلف المفسرون فيه على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الاستثناء متصل، والمعنى : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يردون إلى النار، أو ردوهم إلى النار إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون.
وهذا القول مبني على القول الأول في المسألة الأولى وهو أن المراد بأسفل سافلين : النار ؛ وبه قال مجاهد(٥).
وقال الحسن :" وهي كقوله :" (٦).
ومعنى الإنسان على هذا القول : الناس، قال الفراء :" ثم استثنى فقال : استثناء من الإنسان ؛ لأن معنى الإنسان الكثير، ومثله : وهي قراءة عبد الله :( أسفل السافلين ).. فقيل سافلين على الجميع ؛ لأن الإنسان في معنى جمع " (٧).
(٢) سورة العصر : الآيات ١ – ٣.
(٣) تفسيره ٤/٥٦٣.
(٤) سورة التين : الآية ٦.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٤/٥٢٠ [ ط التركي ].
(٦) تفسير عبد الرزاق ٣/٤٤١، وابن جرير ٢٤/٥٢١ [ ط التركي ].
(٧) معاني القرآن ٣/٢٧٧.
قال ابن عطية بعد أن ذكر القولين :"ويتجه في معنى الآية قول ثالث بارع المعنى، وذلك أن يكون المراد : لم يكن هؤلاء القوم منفكين من أمر الله تعالى وقدرته ونظره لهم حتى يبعث إليهم رسولاً منذراً تقوم عليهم به الحجة، وتتم على من آمن النعمة، فكأنه قال : ما كانوا ليتركوا سدى، ولهذا المعنى نظائر في كتاب الله تعالى " (١).
وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام كما تقدم، وقال :" هو أصح الأقوال لفظاً ومعنىً ".
القول الرابع : قال الثعلبي :" قال بعض أئمة أهل اللغة : قوله أي : هالكين، من قوله : انفك صَلاَ المرأة(٢) عند الولادة، وهو أن ينفصل ولا يلتئم فتهلك، ومعنى الآية لم يكونوا هالكين أي معذَّبين إلا بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسول وإنزال الكتب " (٣).
القول الخامس : اختار ابن جزي أن المعنى : لم يكونوا لينفصلوا من الدنيا حتى بعث الله لهم سيدنا محمداً - ﷺ - فقامت عليهم الحجة، لأنهم لو انفصلت الدنيا دون بعثه لقالوا : ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا، فلما بعثه الله لم يبق عذر ولا حجة(٤).
القول السادس : قال أبو حيان :" والظاهر أن المعنى : لم يكونوا منفكين، أي : منفصلاً بعضهم عن بعض، بل كان كل منهم مقراً الآخرَ على ما هو عليه، مما اختاره لنفسه هذا من اعتقاده في شريعته، وهذا من اعتقاده في أصنامه، والمعنى أنه اتصلت مودَّتهم واجتمعت كلمتهم إلى أن أتتهم البينة " (٥)، وضعّفه الألوسي(٦).
(٢) الصَّلاَ : وسط الظهر، وقيل : هو ما انحدر من الوركين. انظر : اللسان ٤/٢٤٩١، مادة (صلا).
(٣) تفسيره ١٠/٢٦١.
(٤) تفسيره ٢/٥٩٦.
(٥) البحر المحيط ٨/٤٩٤.
(٦) تفسيره ٣٠/٢٠٣.
والراجح – والله أعلم – ما ذهب إليه ابن كثير ومن وافقه من أن المراد بالسهو عن الصلاة يشمل تركها، وتضييع حقوقها، وذلك لورود ذلك كله عن السلف ؛ ولأنه يمكن حمل الآية على جميع ما ورد فيها، لكنْ لا يدخل فيها تركها بالكلية ؛ لأن من تركها مطلقاً لا يسمى مصلياً.
أي : نفسي لا تقبل ولا يصلح لها أن تعبد ما عبدتموه قط، ولو كنتم عبدتموه في الماضي فقط، فأي معبود عبدتموه في وقت فأنا لا أقبل أن أعبده في وقت من الأوقات، ففي هذا من عموم عبادتهم في الماضي والمستقبل، ومن قوة براءته وامتناعه وعدم قبوله لهذه العبادة في جميع الأزمان ما ليس في الجملة الأولى، تلك تضمنت نفي الفعل في الزمان غير الماضي، وهذه تضمنت نفي إمكانه وقبوله لما كان معبوداً لهم ولو في بعض الزمان الماضي فقط، والتقدير : ما عبدتموه ولو في بعض الأزمان الماضية فأنا لا يمكنني ولا يسوغ لي أن أعبده أبداً، ولكن لم ينف إلا ما يكون منه في الحاضر والمستقبل ؛ لأن المقصود براءته هو في الحال والاستقبال. وهذه السورة يؤمر بها كل مسلم وإن كان قد أشرك بالله قبل قراءتها ".
ثم قال :" وأما قوله عن الكفار : فهو خطاب لجنس الكفار وإن أسلموا فيما بعد فهو خطاب لهم ما داموا كفاراً ؛ فإذا أسلموا لم يتناولهم ذلك، فإنهم حينئذ مؤمنون لا كافرون، وإن كانوا منافقين فهم كافرون في الباطن فيتناولهم الخطاب... ولم يقل :( ولا تعبدون ما أعبد ) بل ذكر الجملة الاسمية ليبين أن نفس نفوسكم الخبيثة الكافرة بريئة من عبادة إله محمد لا يمكن أن تعبده ما دامت كافرة ؛ إذ لا تكون عابدته إلا بأن تعبده وحده بما أمر به على لسان محمد، ومن كان كافراً بمحمد لا يكون عمله عبادة لله قط، وتبرئتهم من عبادة الله جاءت بلفظ واحد بجملة اسمية تقتضي براءة ذواتهم من عبادة الله لم تقتصر على نفي الفعل... " ثم قال :" وذكر النفي عن الكفار في الجملتين لتقاربَ كلُّ جملة جملةً، فلما قال :
وهذا القول يمكن أن يدخل في معنى القول الأول، وتقدم قول شيخ الإسلام أن بقاءه ودوامه من تمام الصمدية. وهناك أقوال أخرى بمعنى ما ذكر(١).
وشيخ الإسلام يرى أن كل ما ورد عن السلف في معنى الصمد صواب، وأنه لا تعارض بين أقوالهم، ويردُّ الأقوال المذكورة فيه إلى القولين الأول والثاني، وأن كليهما وارد عن السلف وأهل اللغة، وأن الاشتقاق اللغوي يشهد للقولين جميعاً(٢).
وقد وافق شيخ الإسلام في حمل الاسم الكريم على المعاني المذكورة كلِّها بعضُ المفسرين منهم الزجاج، حيث قال بعد أن ذكر بعض الأقوال في معنى الصّمد :" وكلها تدل على وحدانيته، وهذه الصفات كلها يجوز أن تكون لله عزّ وجل " (٣).
وهو ظاهر اختيار الشنقيطي حيث قال بعد أن ذكر الأقوال في معناه :" فالله
– تعالى – هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات، وهو الذي تنَزه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين، كأكل الطعام ونحوه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً " (٤).
كما اختاره أيضاً ابن عاشور وقال بعد أن ذكر القول الأول :" وقد كثرت عبارات المفسرين من السلف في معنى الصّمد، وكلها مندرجة تحت هذا المعنى الجامع " (٥).
وما ذهب إليه شيخ الإسلام ومن وافقه هو الراجح ؛ لأن الأقوال المذكورة في معنى الاسم الكريم ترجع إلى القولين الأول والثاني، وكلاهما ثابت لله تعالى.
(٢) وانظر : قواعد الترجيح عند المفسرين ٢/٥١١، ٥١٦ فقد ذكر هذه الآية وكلام شيخ الإسلام حولها مثالاً لقاعدة : القول الذي يؤيده تصريف الكلمة وأصلُ اشتقاقها أولى بتفسير الآية.
(٣) معاني القرآن ٥/٣٧٨.
(٤) أضواء البيان ٢/١٨٧.
(٥) تفسيره ٣٠/٢٢٦.
وكذلك قوله عن أهل الكساء :" هؤلاء أهل بيتي " (١) مع أن القرآن يتناول نساءه، فالتخصيص لكون المخصوص أولى بالوصف ؛ فالقمر أحق ما يكون بالليل بالاستعاذة، والليل مظلم تنتشر فيه شياطين الإنس والجن ما لا تنتشر بالنهار، ويجري فيه من أنواع الشر ما لا يجري بالنهار من أنواع الكفر والفسوق والعصيان والسحر والسرقة والخيانة والفواحش وغير ذلك، فالشر دائماً مقرون بالظلمة، ولهذا إنما جعله الله لسكون الآدميين وراحتهم، لكن شياطين الإنس والجن تفعل فيه من الشر ما لا يمكنها فعله بالنهار ويتوسلون بالقمر وبدعوته والقمر وعبادته، فذكر سبحانه الاستعاذة من شر الخلق عموماً ثم خص الأمر بالاستعاذة من شر الغاسق إذا وقب وهو الزمان الذي يعمُّ شرُّه ثم خُصَّ بالذكر السحر والحسد " (٢).
وقال – رحمه الله – :" ومثاله أيضاً – أي القولين المتلازمين – تفسير ( الغاسق ) بالليل، وتفسيره بالقمر، فإن ذلك ليس باختلاف ؛ بل يتناولهما لتلازمهما، فإن القمر آية الليل، ونظائره كثيرة " (٣).
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بالغاسق في الآية على أقوال أربعة(٤) :
القول الأول : أنه القمر، وقد ورد هذا في حديث مرفوع، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : نظر رسول الله - ﷺ - إلى القمر، فقال :" استعيذي بالله من شرِّ هذا فإنه الغاسق إذا وقب " (٥).
(٢) مجموع الفتاوى ١٧/٥٠٥ باختصار، وانظر نفس المرجع ٥٣٣.
(٣) مجموع الفتاوى ١٥/١١.
(٤) هذه الأقوال المشهورة، وهناك أقوال شاذة تأتي الإشارة إلى بعضها.
(٥) أخرجه الترمذي ٥/٤٢٢ ح٣٣٦٦، كتاب تفسير القرآن، باب : ومن سورة المعوّذتين وقال :" هذا حديث حسن صحيح "، والحاكم ٢/٥٤٠، والنسائي في الكبرى ٦/٨٣، ح١٠٣٧، وأحمد ٦/٦١، وابن جرير ١٢/٧٤٩، وغيرهم.
وتقدم تضعيف شيخ الإسلام لهذا القول من جهة اللفظ والمعنى، كما ردَّه الزمخشري، وقال :" وما أحقَّه لأن الجن سمواً جناً لاجتنانهم، والناس ناساً لظهورهم من الإيناس، وهو الإبصار كما سمو بشراً، ولو كان يقع الناس على القَبيلين وصحَّ ذلك وثبت لم يكن مناسباً لفصاحة القرآن وبُعدِه من التَّصنُّع، وأجود منه أن يراد بالناس : الناسي، كقوله :(١)، وكما قرئ :( من حيث أفاض الناسي )(٢)، ثم يُبين بالجنة والناس ؛ لأن الثقلين هما النوعان الموصوفان بنسيان حق الله عزّ وجل " (٣).
وتعقَّب قول الفراء، الرازي(٤)، والألوسي(٥)، كما تعقبه ابن القيم من وجوه أربعة، تقدم ذكرُ مضمونها في كلام شيخ الإسلام، والزمخشري، وإليك بيانها إجمالاً :
١ - أنه لم يقم دليل على أن الجني يوسوس في صدر الجني، ويدخل فيه، كما يدخل في الإنسي، ويجري منه مجراه من الإنسي.
٢ - أنه فاسد من جهة اللفظ أيضاً، فإنه قال : فكيف يبيِّن الناس بالناس.
٣ - أن يكون قد قسَّم الناس إلى قسمين : جِنَّة وناس، وهذا غير صحيح.
٤ - أن الجنَّة لا يطلق عليهم اسم الناس بوجه، ثم قال : فإن قيل : لا محذور في ذلك فقد أطلق على الجن اسم الرجال كما في قوله تعالى: فإذا أطلق عليهم اسم الرجال لم يمتنع أن يطلق عليهم اسم الناس.
(٢) وهي قراءة سعيد بن جبير، والمراد بالناسي : آدم عليه السلام، والقراءة شاذة. انظر : المحتسب ١/٢٠٧.
(٣) تفسيره ٤/٢٤٥، وانظر : البيضاوي ٢/٦٣٤، والدر المصون ١١/٢٨٧.
(٤) تفسيره ٣٢/١٨٢.
(٥) تفسيره ٣٠/٢٨٧.
طرف الحديث... الراوي... رقم الصفحة
" إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء "... عائشة... ٦٢٩
" إذا قال العبد في ركوعه : سبحان ربي العظيم "... ابن مسعود... ٥٥٩
" إذا كان العبد على طريقة من الخير فمرض "... أبو موسى الأشعري... ٦٤٢
" إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من العمل"... أبو موسى الأشعري... ٦٣٣
" ألا أنبئكم بخير أعمالكم "... أبو الدرداء... ٢١٠
" ألا إن الله علم ما في قلبي من حبي لقومي "... عدي بن حاتم... ٣٣٦
" أن آدم لما طلب من الله أن يريه صورة الأنبياء "... أبو هريرة... ٢٣٨
" أن رسول الله - ﷺ - ؟نهى أن يسافر بالقرآن "... ابن عمر... ٤٤٥
" أن الغاسق النجم "... أبو هريرة... ٧٠٩
" أي المؤمنين أعجب إليكم إيماناً ؟ "... عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده... ٤٥٨
" إن الله أنزل أربع بركات من السماء "... ابن مسعود... ٤٦٥
" إن الله خلق كل صانع وصنعته "... حذيفة... ٢٥٨، ٢٦٠، ٢٦١
" إن الدعاء هو العبادة "... النعمان بن بشير... ٢٩٩، ٣٠١، ٣٠٢
" إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله "... أبو هريرة... ٥٥١
" إن العبد إذا قام إلى الصلاة بطهورها وقراءتها "... عبادة بن الصامت... ١٠٠
" إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له "... عمار بن ياسر... ١٠١
" إن قريشاً وعدوا رسول الله - ﷺ - أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة "... ابن عباس... ٦٨٣
" إن الناس يصعقون يوم القيامة "... أبو هريرة... ١٩٠
" إنما فاطمة بضعة مني "... المسور بن مخرمة... ٣٣٠
" أنه قام بالبقرة والنساء وآل عمران ثم ركع "... حذيفة... ٥٥٩
" إني آمرك أن تخمر قرني الكبش "... امرأة من بني سليم... ٢٦٦، ٢٧٠
" إي والذي نفسي بيده إنه لفتح "... مجمع بن جارية... ٤٦٢
" اجعلوها في ركوعكم "... عقبة بن عامر... ٥٥٩، ٥٦٢
" الله أكبر ! هذه خير لكم "... أبو برزة الأسلمي... ٦٧٠
" اللهم آت نفسي تقواها "... ابن عباس... ٦١٨
" اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي "... حصين الخزاعي... ٦٠٨
" اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها "... أبو هريرة... ٢٨٦
" اللهم اجعلني من التوابين "... عمر... ٤٥٠