قبل أن أدخل في الكلام على منهج ابن عقيل رحمه الله تعالى يحسن بي أن أقول : إن كل باحث يريد التعرف على منهج عالم من العلماء في أي علم من العلوم لا بد أن يتوفر له أحد أمرين :
الأمر الأول : أن ينص العالم على منهجه فيقول : شرطي كذا أو طريقتي كذا كالقرطبي(١) وأبي حيان(٢) وغيرهما. وهذا غير وارد عندنا مع ابن عقيل ؛ لعدم اكتمال تفسير له، فضلاً عن أن ينص على منهجه.
الأمر الثاني : أن يكون بين يدي الباحث مادة تكفيه ؛ ليكون استقراؤه كاملاً، وحكمه دقيقاً في بيان ذلك المنهج، ومما شاءه الله وقدره أن ما وجدته في التفسير لابن عقيل قليل شحيح، إذ لا يعدو تفسيره بضع كلمات في السورة الواحدة، وليس له في كثير من السور تفسير.
وهذا بلا شك مما يشكل عقبة كبيرة أمام استخراج منهج دقيق في تفسيره، ولكن حسبي بذل جهدي وطاقتي، وأسأل الله أن لا يكلني إلى أحد سواه.
ولذا فإني سأذكر نبذاً مختصرة في هذا المنهج، وبما يفتح الله عليّ، ثم أعقب بذكر الأمثلة التي وقفت عليها من كلام ابن عقيل.
المبحث الأول
تفسير القرآن بالقرآن، وفيه أربعة مطالب :
المطلب الأول : تخصيص العموم.
المطلب الثاني : تقييد المطلق.
المطلب الثالث : بيان المجمل.
المطلب الرابع : جمع النظائر.
المطلب الأول
تخصيص العموم :

(١) هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي المالكي القرطبي، صنف التفسير المشهور بجامع أحكام القرآن، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، طبقات المفسرين للسيوطي ص ٧٩، طبقات الداوودي ٢/ ٦٥، شذرات الذهب ٥/ ٢٣٥.
(٢) هو أبو حيان محمد بن يوسف بن علي الأندلسي، من مصنفاته : البحر المحيط، التذييل والتكميل في شرح التسهيل، مات سنة ٧٤٥هـ، له ترجمة في : طبقات الداوودي ٢/ ٢٨٧، شذرات الذهب ٦/ ١٤٥.


الصفحة التالية
Icon