ذكر أبو إسحاق الحربي أن لفظ ( الناس ) ربما جعل اسماً خاصة بأحد معين ثم مثل على ذلك بما يرويه عن مجاهد في قوله تعالى ﴿ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ... الآية ﴾ [البقرة ١٤٣] بأن المراد بهم اليهود والنصارى والمجوس.
وقد اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال :
القول الأول :
أن المراد بالناس في الآية اليهود والنصارى والمجوس، فمعنى الآية : شهداء لمحمد - ﷺ - على الأمم من اليهود والنصارى والمجوس.
وهذا مرويٌ عن مجاهد وبه استدل الإمام أبو إسحاق الحربي.
......................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الثاني :
أن المراد بالناس في الآية سائر الرسل، فمعنى الآية : أن أمة محمد - ﷺ - تشهد يوم القيامة للأنبياء على أممهم بالتبليغ.
وهذا مروي عن الضحاك وقتادة والربيع وابن زيد(١)، وممن قال بهذا القول النيسابوري(٢) وابن الجوزي(٣).
دليلهم :
استدل هؤلاء بما ثبت عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال :" قال رسول الله - ﷺ - : يدعى نوح - عليه السلام - يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب، فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم، فيقال لأمته : هل بلّغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير، فيقول : من يشهد لك، فيقول : محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ ويكون الرسول عليكم شهيداً، فذلك قوله عزّ وجل :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا.. الآية ﴾ [البقرة

(١) المرجع السابق.
(٢) انظر : وجوه القرآن ( ٣١٩ ).
(٣) انظر : نزهة الأعين النواظر ( ٦٠٢ ).


الصفحة التالية
Icon