لعل الراجح - والله تعالى أعلم - أن القرن غير محدد بزمن، أما من استدل بالحديث السابق(١)، فأقول : إن هذا حادثة عين وحوادث الأعيان لا يقاس عليها بدليل أن النبي - ﷺ - قال في حديث آخر :" خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم.. " الحديث(٢)، وبقي أناس من الصحابة - رضي الله عنهم - عاشوا فوق المائة ولعل هذا هو ما يفهم من كلام الإمام أبي إسحاق الحربي.
قال الرازي - بعد ذكر الأقوال - :
" والأقرب أنه غير مقدر بزمان معين لا يقع فيه زيادة ولا نقصان، بل المراد أهل كل عصر، فإذا انقضى منهم الأكثر قيل قد انقضى القرن "(٣) ا هـ.
٥/٢٩ قَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) ﴾ [الأنعام].
قال الإمام أبو إسحاق الحربي :
" والوجه التاسع الفتنة المعذرة، فذلك قوله في الأنعام، حدثنا أبو بكر عن غندر عن شعبة عن قتادة(٤) ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ.. الآية ﴾ [الأنعام ٢٣] قال معذرتهم "(٥)
أ هـ(٦).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسة :
(٢) الحديث أخرجه البخاري في فضائل النبي - ﷺ - باب ( فضائل أصحاب النبي - ﷺ - ومن صحب النبي - ﷺ - أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه ) حديث ( ٣٦٥٠ ) ( ص٢٩٧ )، والشهادات باب ( لا يشهد شهادة جور إذا أشهد ) رقم ( ٢٦٥١ ) ( ص٢٠٩ )، ومسلم في فضائل الصحابة باب ( فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) رقم ( ٢١٥ و٢١١ و٢١٢ و٢١٤ و٢١٥ ) ( ص١١٢١ ) وما بعدها.
(٣) تفسيره ( ٤/٤٨٤ ) ط إحياء التراث العربي.
(٤) سبقت ترجمتهم.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره ( ٥/١٦٦ ).
(٦) غريب الحديث ( ٣/٩٣٨ ).