بين أبو إسحاق الحربي وجهاً من وجوه الفتنة في هذه الآية، وهي المعذرة، وقد اختلف أهل التفسير في ذلك على أقوال :
القول الأول : أن المراد بالفتنة في الآية الكريمة المعذرة، فقوله :﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ.. الآية ﴾ [الأنعام ٢٣] أي معذرتهم، وهذا القول مرويٌ عن قتادة وابن زيد(١)، وبه قال أبو إسحاق الحربي وغيرهم(٢) من أهل العلم.
القول الثاني : أن المراد بالفتنة في الآية القول، فقوله تعالى :﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ.. الآية ﴾ [الأنعام ٢٣] أي قولهم.
وهذا القول مرويٌ عن ابن عباس - رضي الله عنه - والضحاك وقتادة(٣)، وبه قال ابن جرير(٤)
......................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وابن كثير(٥) وغيرهم(٦) - من أهل العلم -.
القول الثالث : أن المراد بالفتنة البلية، فمعنى الآية ثم لم تكن بليتهم، وهذا القول قاله عطاء وأبو عبيد(٧).
القول الرابع : أن المراد بالفتنة عاقبة فتنتهم، وهو شركهم وحبهم للأصنام، وهذا القول قال به الزجاج(٨) وابن عطية(٩) وغيرهم(١٠) - من أهل العلم -.
الترجيح :
(٢) النيسابوري ( ٢٥١ ). وانظر الوجوه والنظائر للدامغاني ( ٢/٢٢ )، وابن الجوزي في نزهة الأعين النواظر
( ٤٧٩ )، وتفسير القاسمي ( ٣/٢٩٢ ).
(٣) رواه عنهم الطبري في تفسيره ( ٥/١٦٦ ).
(٤) المرجع السابق.
(٥) انظر : تفسيره ( ٣/٢١٢ ).
(٦) انظر غريب القرآن لابن قتيبة ( ص١٣٣ )، ومكي ( ص٧٥ )، والبغوي ( ٤١٦ )، والقرطبي ( ٦/٣٩٦ ).
(٧) انظر : زاد المسير ( ٣/١٦ ).
(٨) معاني القرآن ( ٢/٢٣٦ ).
(٩) تفسيره ( ص٦١٠ ).
(١٠) انظر : مجاز القرآن لأبي عبيدة ( ١/١٨٨ )، وتفسير النسفي ( ٢/١٢ )، والبيضاوي ( ١/٢٩٦ ).