الراجح من الأقوال - والله تعالى أعلم - أن الحنيف المستقيم أو المائل عن الباطل إلى الحق وما سوى هذين القولين فهو داخل فيهما، أما قول من قال إنه الاختتان فلعله صفة من صفات الحنيف، فالأقوال بينها تداخل في المعاني وإن كان ظاهرها الاختلاف في الألفاظ.
٥/٣٣ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) ﴾ [الأنعام].
قال الإمام أبو إسحاق الحربي :
" وقال الله تعالى :﴿ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا.. الآية ﴾ [الأنعام ١٢٥]، فكان مجاهد(١) يفسر حرجاً شاكاً(٢)، وقال الضحاك(٣): هو الذي لا يهتدي للإسلام(٤)، وقال قتادة(٥) : ملتبساً(٦)، وكل معناه قريب.
أخبرني أبو عمر عن الكسائي(٧) ( حَرَجاً وحَرِجاً ) كله من الضيق، كما يقال إنه لوحد فرد ووِحد فَرِد ".
أخبرني سَلمة عن الفراء(٨) :" الحَرَج مثل الوَحَد والحَرِج مثل الوَحِد، ومثله الفَرَد والفَرِد والدنف(٩) والدنِف "(١٠).
وقال(١١) :

(١) سبقت ترجمته.
(٢) رواه عنه الطبري ( ٥/٣٣٧ ).
(٣) هو أبو محمد الضحاك بن مزاحم الهلالي صاحب التفسير، توفي سنة ( ١٠٢هـ ). انظر : سير أعلام النبلاء
( ٤/٥٩٨ )، وطبقات المفسرين ( ١/٢١٦ ).
(٤) لم أجد تفسيره عند غيره.
(٥) سبقت ترجمته.
(٦) رواه عنه الطبري ( ٥/٣٣٨ ).
(٧) سبقت ترجمته.
(٨) سبقت ترجمته.
(٩) الدنف :( المرض اللازم والمخامر، وقيل هو المرض ما كان ). انظر : مختار الصحاح ( ١٨٦ )، ولسان العرب ( ٩/١٠٧ )، مادة ( دنف ).
(١٠) معاني القرآن ( ١/٣٥٣ ).
(١١) القائل : ذو الرمة. انظر ديوانه ( ٦١ ).


الصفحة التالية
Icon