إن الناظر في التأليف على وجه العموم وفي التفسير على وجه الخصوص يجد أن عصر الإمام أبي إسحاق الحربي تميز عن غيره من العصور - في طريقة التأليف في التفسير - بظاهرة كثرة النصوص واتساعها وتنوعها، وهو التأليف على طريقة المحدثين ومنهجهم في عرض الروايات وتوجيهها ونقدها أحياناً ويتعاملون معها في الاستنباط والاستنتاج، فيذكرون أولاً تفسير الآية الكريمة المراد تفسيرها ثم يثنون بعد ذلك بالرواية عن الصحابة والتابعين في بيان معنى الآية المفسرة ويذكرون بذلك أقوالاً وروايات متفقة أو متباينة ثم يختار المفسر ما يراه أشبه بمعنى الآية المفسرة، وقد يذكرون بعض الروايات الضعيفة للاستئناس بها في توضيح معنى الآية والتوسع في معناها وإشباع القول فيها، وهم مع ذلك يذكرون اختلاف أهل اللغة في تفسير وبيان معنى الآية المفسرة وهذه هي السمة البارزة في هذا العصر، وهذا ظاهر من خلال دراستي لأقواله - والله تعالى أعلم -.
الباب الأول : مصادره في التفسير ( وفيه ثلاثة مباحث ) :
المبحث الأول : مصادره في علوم القرآن :
اعتمد الإمام أبو إسحاق الحربي في تفسيره على مصادر منها ما تلقاه سماعاً من أشياخه، ومنها ما نقله من كتب من سبقه من أهل العلم وخاصة كتب المعاني التي كانت موجودة في عصره ككتاب معاني القرآن للفراء ومجاز القرآن لأبي عبيدة وغيرها، وقد يصرح الإمام أبو إسحاق الحربي بالأخذ من هذه الكتب تارة، وتارة لا يصرح إضافة إلى ما كان ينقله من أقاويل أهل التفسير من الصحابة والتابعين، انظر (ص٤٨، ٧٦).
المبحث الثاني : مصادره في الحديث :
لم يصرح الإمام أبو إسحاق الحربي بأسماء المصادر التي رجع إليها في نقل الأحاديث النبوية، وإنما كان - رحمه الله - يسوق الأحاديث يستشهد بها في تفسير الآية بالإسناد عن شيوخه، انظر ( ص٣٧١، ٣٧٨ ).
المبحث الثالث : مصادره في اللغة :


الصفحة التالية
Icon