وقد سلك أصحابه مسلك القول الأول في إن وقت الميثاق كان بعد إخراجهم من أرحام أمهاتهم في الدنيا، والمراد بالميثاق والإشهاد هو بلوغ المكلّف سنّ التّكليف وإيمانه بما نصب له من آيات في نفسه وفي الكون من حوله تدلّ على وحدانيّة الله تعالى وربوبيّته.
وإلى هذا القول ذهب الزّمخشري(١)، والتوربشتي(٢)ونسبه إلى أكثر أهل العلم(٣)، وذهب إليه البيضاوي(٤)، إلا أنّه خصّ ذلك بأنّه من باب التّمثيل لا الخيال بخلاف ما ذهب إليه الزمخشري، وذهب إلى هذا أيضا أبو حيان(٥)، والنسفي(٦)، وهو مذهب المعتزلة(٧)

(١) انظر الكشاف للزمخشري (٢/١٠٣).
(٢) فضل الله بن حسن بن حسين التوربشتي الشافعي، أبو عبد الله، توفي سنة إحدى وستين وستمائة بعد الهجرة، انظر هدية العارفين (١/٨٢١)، والأعلام (٥/١٥٢).
(٣) انظر كتاب الميسر في شرح مصابيح السنة (١/٦٠).
(٤) انظر تفسير البيضاوي (٣/٤١).
(٥) انظر البحر المحيط لأبي حيان (٤/٤٢٠).
(٦) انظر تفسير النسفي (٢/١٢٣).
(٧) المعتزلة: لهم أصول خمسة: وهي التوحيد والعدل والمنزلة بين المنزلتين والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسموا بذلك لأنهم اعتزلوا أقوال المسلمين في مرتكب الكبيرة، وقيل لاعتزال زعيمهم واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري، وهم طوائف كثيرة، انظر الفرف بين الفرق (١١٤)، والمعتزلة لأحمد محمود صبحي
١٠٣-١٦٦).


الصفحة التالية
Icon