ولا يخفى أنّ أولى ما يفسّر به القرآن هو تفسير القران بالقران ثم تفسير القران بالسنة وهذا هو ما يرجح مسلك الجمع في القول الأوّل وإن كان بعض الأحاديث التي استدلّ بها أصحاب هذا المسلك لا تخلو من مقال إلا أنّ بعض العلماء أثبت التّواتر المعنوي لها، وبعضهم أثبت صحّتها أو حسنها إلى درجة الحديث المقبول(١).
قال ابن عطية: وتواترت الأحاديث في تفسير هذه الآية عن النّبيّ - ﷺ - (٢)، وقال عن القول بالتّأويل: وهو قول ضعيف منكّب عن الأحاديث المأثورة مطرح لها(٣). وقال الطّحاوي: ولكن لَمّا بيّن رسول الله - ﷺ - مراد الله عزّ وجلّ الذي أراده بها كان ذلك هو الحجّة الذي لا يجوز القول بخلافه، ولا التّأويل على ما سواه، والله عزّ وجلّ نسأله التّوفيق(٤).
ثم لا يخفى أنّ هذا القول هو ما ذهب إليه الجمهور من الصّحابة رضي الله عنهم وما ذهب إليه جمهور التّابعين والمفسّرين وأهل الحديث كما ذكرنا ذلك سابقًا(٥).
وأمّا سياق الآية فليس فيه ما ينافي الحديث، بل الآية ناطقة بالمعنى الحقيقي للحديث في أخذ العهد والميثاق من العباد واستشهادهم واستنطاقهم.

(١) انظر ص(١٤٨-١٥١)، وأخذ الميثاق في قوله: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ y٧ڑ/u' مِنْ ûسة_t/ آَدَمَ ﴾ للعثيم (٧-٤٢).
(٢) المحرر الوجيز (٦/١٣٤)، وانظر التمهيد لابن عبد البر (١٤/٣٧٩)، والسلسلة الصحيحة (٤/١٦٢).
(٣) المحرر الوجيز (٦/١٣٩).
(٤) شرح مشكل الآثار (١٠/٣١).
(٥) انظر ص (١٤٦).


الصفحة التالية
Icon