قال ابن كثير بعد ذكر حديث عائشة رضي الله عنها، وحديث أنس رضي الله عنه وطرقه: وهذا الإطلاق في هذه الروايات محمول على التقييد بـ(ساعتكم) في حديث عائشة رضي الله عنها(١).
وقال ابن حجر: وهذا نظير قوله - ﷺ - في الحديث الذي تقدم بيانه في العلم أنه قال لأصحابه في آخر عمره: (أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد)(٢) وكان جماعة من أهل ذلك العصر يظنون أن المراد أن الدنيا تنقضي بعد مائة سنة، فلذلك قال الصحابي: فوهل الناس فيما يتحدثون من مائة سنة، وإنما أراد - ﷺ - بذلك انخرام قرنه(٣).
القول الثاني:
إن المراد بقوله - ﷺ - :(حتى تقوم الساعة) المبالغة في تقريب قيام الساعة لا التحديد، كما في حديث (بعثت أنا والساعة كهاتين)(٤).
جوز هذا القول الإسماعيلي وقال: وهذا عمل شائع للعرب يستعمل للمبالغة عند تضخيم الأمر وعند تحقيره وعند تقريب الشيء وعند تبعيده، فيكون حاصل المعنى أن الساعة تقوم قريباً جداً(٥).
قال ابن حجر: وبهذا الاحتمال الثاني جزم بعض شراح المصابيح(٦).
القول الثالث:

(١) تفسير ابن كثير (٣/٥٢٢).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب السمر في العلم، رقم (١١٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، رقم (٢٥٣٧) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٣) فتح الباري (١٠/٦٨٢).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب قول النبي - ﷺ -، رقم (٦٥٠٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم (٢٩٥١) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٥) نقل ذلك عنه ابن حجر في فتح الباري (١٠/٦٨٣).
(٦) نفس المصدر السابق (١٠/٦٨٣) ولم أجد من جزم به من شراح المصابيح على ضوء ما هو متوفر لدي من شراح المصابيح.


الصفحة التالية
Icon