إن النبي - ﷺ - ما قال قوله هذا إلا لما عَلِم أن ذلك الغلام لا يبلغ الهرم، ولا يعمر، ولا يؤخر، فيكون الشرط لم يقع فكذلك لم يقع الجزاء، جوز هذا القول النووي(١).
الدراسة والترجيح
الذي يظهر مما تقدم أن الراجح هو القول الأول، لأن الحديث الموهم للتعارض جاء مجملاً ثم جاء حديث عائشة رضي الله عنها وغيره ففسر المشكل ودفع موهم التعارض بين الآية والحديث.
أما القول الثاني ففي ظاهره أنه جائز لو لم يمكن الجواب على موهم التعارض بما تقدم في القول الأول.
وأما القول الثالث فقد قال ابن حجر - رحمه الله تعالى - عنه: فهو تأويل بعيد، ويلزم منه استمرار الإشكال لأنه إن حمل الساعة على انقراض الدنيا وحلول أمر الآخرة كان مقتضى الخبر أن القدر الذي كان بين زمانه - ﷺ - وبين ذلك بمقدار ما لو عمر ذلك الغلام إلى أن يبلغ الهرم، والمشاهد خلاف ذلك، وإن حمل الساعة على زمن مخصوص، رجع إلى التأويل المتقدم، وله أن ينفصل عن ذلك بأن سن الهرم لا حد لقدره(٢).
إخبار الرسول - ﷺ - ببعض من أمور الغيب
الآية:
قوله تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) ﴾ (٣).
الأحاديث:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن رسول الله - ﷺ - قد قال: (إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أمٍّ له، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم)(٤).
(٢) فتح الباري (١٠/٦٨٣).
(٣) سورة الأعراف: آية (١٨٨).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، رقم (٢٥٤٢).