وحديث أنس رضي الله عنه قال: بينا رسول الله - ﷺ - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: (أنزلت عليّ آنفًا سورة)، فقرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ ةOٹدm
چ٩$#، إِنَّا y٧"sYّ‹sـôمr& uچrOِqs٣ّ٩$# (١) فَصَلِّ y٧خn/uچد٩ ِچutùU$#ur (٢) إِن y٧y¥دR$x© هُوَ مژyIِ/F{$# ﴾ - الحديث).
فظاهر الآية أن القرآن أنزل مع الرسول - ﷺ - في زمن واحد، بينما الحديث يدل على نزوله إلى الرسول - ﷺ - وليس معه، فالذي يجهل عود الضمير في (معه) ويجعله عائداً على الرسول - ﷺ - ينشأ عنده موهم التعارض(١).
٢٦- تردد مفهوم العدد بين أن يكون حجة أو لا:
الاختلاف في اعتماد حجية مفهوم العدد كأن يتوقف حكم من الأحكام على عدد من الأعداد في ثبوته ونفيه، يكون سبباً لنشوء موهم التعارض.
مثاله: قوله تعالى: ﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ uچدےَّtƒ اللَّهُ لَهُمْ y٧د٩¨sŒ ِNهk®Xr'خ/ كَفَرُوا بِاللَّهِ ¾د&د!qك™u'ur وَاللَّهُ لَا "د‰÷ku‰ الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ (٢).
(٢) سورة التوبة: الآية (٨٠).
قال ابن تيمية: فكيف وقد ثبت أنه فتح مكة عنوة، كما استفاضت به الأحاديث الصحيحة، بل تواتر ذلك عند أهل المغازي والسير، فإنه قدم حين نقضوا العهد ونزل بمر الظهران(١)، ولم يأت أحد منهم صالحه ولا أرسل إليهم أحداً يصالحهم، بل خرج أبو سفيان يتجسس الأخبار فأخذه العباس وقدم به كالأسير، وغايته أن يكون العباس أمَّنَه فصار مستأمناً، ثم أسلم فصار من المسلمين، فكيف يتصور أن يعقد عقد صلح للكفار بعد إسلامه بغير إذن منهم؟
إلى أن قال: في الجملة من تدبر الآثار المنقولة علم بالاضطرار أن مكة فتحت عنوة(٢).
وبذلك يتبين أن الراجح في دفع موهم التعارض بين الآية والحديث خصوصية مكة حرسها الله، فليس يشبهها شيء من البلاد، فهي دار النسك، وحرم للعاكف والباد، فتركها النبي - ﷺ - في يد أهلها ولم يقسمها، والله تعالى أعلم.
تخصيص القوة بالرمي
الآية:
قوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ (٣).
الحديث:
عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - ﷺ -، وهو على المنبر، يقول: ( ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)(٤).
وجه موهم التعارض بين الآية والحديث:
أن الله عز وجل أمر المؤمنين في الآية بإعداد القوة لقتال الكافرين، ولم يخصص نوع القوة التي أمر بإعدادها، بل ظاهر الآية العموم في كل ما يتقوى به المؤمنون في القتال.
(٢) انظر رسالتان في معنى القياس (٨١-٨٢).
(٣) سورة الأنفال: آية (٦٠).
(٤) سبق تخريجه ص (٢٩).
القول الثاني:
إن النهي في الحديث يحمل على الغالب، وما كان من يوسف عليه السلام كان من النادر.
قال به ابن التين(١).
القول الثالث:
إن ما جاء عن يوسف عليه السلام مخالفاً للحديث يحمل على أن ذلك خاص بالأنبياء.
جوزه ابن التين(٢).
الدراسة والترجيح
بناء على ما تقدم يتبيّن أن الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وأن طلب الإمارة والولاية لا ينبغي أن يقدم عليه الإنسان إلا لحاجة وضرورة في نصر هذا الدين وإظهار الحق وأن يرى في نفسه الكفاية للقيام بهذا العمل كما جاء عن يوسف عليه السلام.
قال ابن عطية: وطلب يوسف للعمل إنما هي حسبة منه عليه السلام لرغبته في أن يقع العدل، ونحو هذا هو دخول أبي بكر الصديق في الخلافة مع نهيه المستشير له من الأنصار أن يتأمر على اثنين، الحديث بكماله(٣)، فجاز للفاضل أن يعمل وأن يطلب العمل إذا رأى ألاّ عوض منه، وجائز أيضاً للمرء أن يثني على نفسه بالحق إذا جُهِل أمره(٤).
(٢) انظر المصدر السابق (١٣/١٥٥).
(٣) الحديث في صحيح مسلم، كتاب الإمارة، رقم (١٨٢٦)، عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله - ﷺ - قال: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم).
(٤) المحرر الوجيز (٨/٦).
١٤٠- ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه، عذاب الحمش، دار بدر، الطبعة الثانية، ١٤٠٦ه.
١٤١- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، تحقيق: محمود شاكر، أحمد شاكر، دار المعارف، مصر، الطبعة الثانية.
١٤٢- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، دار ابن حزم، بيروت، دار الأعلام، الأردن، الطبعة الأولى، ١٤٢٣ه.
١٤٣- جامع الرسائل، أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، مطبعة المدني، القاهرة، الطبعة الأولى، ١٣٨٩ه.
١٤٤- جامع العلوم والحكم، عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة، ١٤١٧ه.
١٤٥- الجامع لأحكام القرآن، محمد القرطبي، تحقق: محمد الحفناوي وآخرون، دار الحديث، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٤١٦ه.
١٤٦- الجامع لحياة العلامة محمد صالح العثيمين، وليد الحسين، مجلة الحكمة، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، ١٤٢٢ه.
١٤٧- اجتماع الجيوش الإسلامية، ابن قيم الجوزية، تحقيق: عواد المعتق، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الثانية، ١٤١٥ه.
١٤٨- الجرح والتعديل، عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٣٧١ه.
١٤٩- الجوهر النقي، علاء الدين المارديني، دار المعرفة، بيروت.
١٥٠- حادي الأرواح إلى بلاد الأفراخ، محمد ابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد الزغلي، رمادى للنشر، الدمام، الطبعة الأولى، ١٤١٧ه.
١٥١- حاشية الإمام السندي على سنن النسائي (زهر الربى على المجتبى)، نور الدين السندي، عناية: عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، الطبعة الرابعة، ١٤١٤ه.
١٥٢- حاشية الروض المربع، عبد الله العنقري، مطبعة السنة المحمدية.
١٥٣- الحاوي في فقه مذهب الإمام الشافعي، علي الماوردي، تحقيق: علي محمد معوض وآخرون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٤ه.