١- أن يكون المنسوخ حكماً شرعياً، فلا يصلح أن يكون حكماً مبناه البراءة الأصلية، أو يكون المنسوخ خبراً من الأخبار، فالأخبار لا يكون فيها النسخ.
٢- أن يكون الدليل الناسخ خطاباً شرعياً، فلا يصح ما كان من عقل أو اجتهاد.
٣- أن يكون الدليل الناسخ متراخياً عن الدليل المنسوخ.
٤- ألا يكون المنسوخ حكماً مقيداً بوقت معين، وإلا فالحكم ينتهي بانتهاء وقته ولا يعد هذا نسخاً (١).
قال ابن حزم: إن وجدنا الأمرين لا يمكن استعمالهما معاً أو وجدنا أحدهما كان بعد الآخر بلا شك فقد أيقنا بالنسخ(٢).
وقال الشاطبي(٣) عن دعوى النسخ في الدليل: لا ينبغي قبول تلك فيه، إلا مع قاطع بالنسخ بحيث لا يمكن الجمع بين الدليلين، ولا دعوى الإحكام فيهما(٤).
وقال اللكنوي(٥): والنسخ حقيقة لا يتحقق إلا بنص من الشارع بأن هذا ناسخ لهذا، أو بما يدل عليه دلالة واضحة، أو بما قام مقام نص الشارع إقامة ظاهرة، وفيما سوى ذلك لا يتجاسر على القول بنسخ النصوص الشرعية، بل يطلب طرق الجمع بينها بالإشارات الشرعية(٦).
المثال: على مسلك النسخ:
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (٤/٤٨٤ - ٤٨٥) باختصار.
(٣) إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشاطبي، أبو إسحاق المالكي، توفي سنة تسعين وسبعمائة بعد الهجرة، انظر نيل الابتهاج على هامش الديباج (٤٦-٥٠)، والأعلام (١/٧٥).
(٤) الموافقات (٣/٣٤٠).
(٥) محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم الأنصاري اللكنوي الهندي، أبو الحسنات الحنفي، عالم في الحديث والتراجم، توفي سنة أربع وثلاثمائة بعد الألف للهجرة، انظر الفوائد البهية (٢٤٨)، والأعلام (٦/١٨٧).
(٦) الأجوبة الفاضلة (١٩٣).
قوله تعالى: ﴿ ×ouن!#uچt/ مِنَ اللَّهِ ے¾د&د!qك™u'ur إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (#ûqكJn=÷و$#ur أَنَّكُمْ مژِچxî "ح"إf÷èمB اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ "ح"ّƒèرحمه الله z`ƒحچدے"s٣ّ٩$# ﴾ (١).
الحديث:
عن زيد بن يثيع قال: سألنا عليًا بأي شيء بُعثت في الحَجة؟ قال: بُعثت بأربع: (أن لا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي - ﷺ - عهد فهو إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا)(٢).
وجه موهم التعارض بين الآية والحديث:
ظاهر الآية الكريمة تدل على انتهاء جميع العهود التي قد عاهدها النبي - ﷺ - مع المشركين بعد أربعة أشهر وأنه ليس لهم عهد بعد ذلك، ولكن جاء في الحديث أن من كان له عهد محدد بوقت لا ينتهي بل عهده إلى مدته التي حددت له، فكيف يمكن الجمع بين الآية والحديث؟
مسالك العلماء تجاه موهم التعارض
(٢) سبق تخريجه ص (٣١).
تمني يوسف عليه السلام للموت
الآية:
قوله تعالى: ﴿ رَبِّ قَدْ سة_tF÷ s؟#uن مِنَ إ٧ù=كJّ٩# سة_tFôJ¯=tمur مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ
uچدغ$sù دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا دouچ½zFy$#ur سة_©ùuqs؟ $VJد=َ، مB سة_ّ)إsّ٩r&ur
tûüإsد="¢ء٩$$خ/ ﴾ (١).
الحديث:
عن قيس قال: أتيت خباباً وقد اكتوى سبعاً، قال: لولا أن رسول الله - ﷺ - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به(٢).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ - :(لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنياً للموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)(٣).
وجه موهم التعارض بين الآية والأحاديث:
في الحديث التصريح بالنهي عن تمني الموت وفي الآية سؤال يوسف عليه السلام ربه الموت، فكيف يمكن دفع موهم التعارض بين الآية والحديث؟
مسالك العلماء تجاه موهم التعارض
من المعلوم أن تمني العبد للموت لا يجوز، ومنهي عنه كما دلت على ذلك الأحاديث السابقة وغيرها، ولكن ما جاء عن يوسف عليه السلام من سؤال الله تعالى بالموت أجاب عنه العلماء وسلكوا في دفعه مسلك الجمع وتعددت أقوالهم إلى خمسة أقوال:
القول الأول:
إن يوسف عليه السلام لم يتمن الموت، وإنما تمنى الوفاة على الإسلام، أي إذا جاء أجلي توفني مسلماً، وبذلك لا يكون هناك إيهام تعارض.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، رقم (٦٣٤٩)، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء، رقم (٢٦٨١).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، رقم (٦٣٥١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء، رقم (٢٦٨٠).
٣٠٣- فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت، عبد العلي محمد الأنصاري الهندي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٨ه.
٣٠٤- فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير، محمد المناوي، تحقيق: أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، ١٤١٥ه.
٣٠٥- القاموس المحيط، الفيروز آبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٧ه.
٣٠٦- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: ناصر العقل، الطبعة الأولى، ١٤٠٤ه.
٣٠٧- القراءة خلف الإمام، أحمد البيهقي، تحقيق: محمد سعيد زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٥ه.
٣٠٨- القراءة خلف الإمام، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: سعيد زغلول، دار الحديث، القاهرة.
٣٠٩- القضاء والقدر، أحمد البيهقي، تحقيق: محمد آل عامر، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤٢١ه.
٣١٠- قطف الأزهار في كشف الأسرار، عبد الرحمن السيوطي، تحقيق: أحمد محمد الحمادي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، الطبعة الأولى، ١٤١٤ه.
٣١١- قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، محمد جمال الدين القاسمي، تحقيق: محمد البيطار، دار النفائس، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤١٤ه.
٣١٢- قواعد الترجيح عند المفسرين، حسين الحربي، دار القاسم، الرياض، الطبعة الأولى، الرياض.
٣١٣- القواعد الكلية للأسماء والصفات عند السلف، إبراهيم البريكان، دار الهجرة، الثقبة - الخبر، الطبعة الثانية، ١٤١٥ه.
٣١٤- الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، أحمد بن حجر العسقلاني، دار المعرفة، بيروت.
٣١٥- الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤٠٩ه.
٣١٦- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، محمود الزمخشري، دار المعرفة، بيروت.