ومن ذلك قوله - ﷺ - :" خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب الجلد والرجم "(١)، فهو يبين ويدل على أن قوله تعالى :﴿ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ ِNà٦ح !$|، خpS فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴾ [ النساء : ١٥]، منسوخ ـ وهو قول بعض أهل العلم ـ سواء أقيل : إن الناسخ له آية النور، أم هذا الحديث(٢).
١٠- دفع ما يتوهم من التعارض بين القرآن وقول النبي - ﷺ - أو فعله، ومن أمثلة ذلك حديث يعلى بن أمية - رضي الله عنه - (٣)قال : قلت : لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ مNن٣uZدFّےtƒ tûïد%©!$# (#ےrمچxےx. ﴾ [ النساء : ١٠١]، فقد أمن الناس! فقال : عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - ﷺ - عن ذلك، فقال :" صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته "(٤).

(١) أخرجه مسلم في الحدود، رقم (١٦٩٠) ٣/١٣١٦.
(٢) انظر : أصول الفقه الإسلامي للزحيلي ١/٤٦٣.
(٣) يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام التميمي الحنظلي، أبو صفوان، ينسب أحياناً إلى أمه فيقال : يعلى بن منية، أسلم يوم الفتح، وكان سخياً، قيل إنه قتل - رضي الله عنه - سنة (٣٨هـ) بصفين. انظر : الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٤/١٥٨٥، الإصابة لابن حجر ٥/٤٤٨.
(٤) سيأتي تخريجه في الموضع رقم ( ٤٨) ص٤١١.

٤- ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما مات عمر - رضي الله عنه - ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها، فقالت : رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله - ﷺ - إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله - ﷺ - قال :" إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه "، وقالت : حسبكم القرآن :﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾، قال ابن عباس رضي الله عنهما عند ذلك : والله هو أضحك وأبكى(١)، وفي رواية : فقالت عائشة رضي الله عنها : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ـ أي ابن عمر - رضي الله عنه - ـ أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو اخطأ، إنما مر رسول الله - ﷺ - على يهودية يبكى عليها، فقال: " إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها "(٢).
فعائشة رضي الله عنها دفعت ما يتوهم من التعارض بين قوله تعالى :﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [ الأنعام : ١٦٥] وبين ما يرويه عمر وابنه رضي الله عنهما بترجيح الآية على الحديث، وخطَّأت رواية هذا الحديث بهذا اللفظ، وبينت أن ناقله لم يأت به كاملاً، كما قاله رسول الله - ﷺ -.
وغير ذلك من الأمثلة التي تبين اهتمام الصحابة بدفع موهم التعارض بين القرآن والسنة.
ثم جاء التابعون وتابعوهم ودفعوا ما قد يتوهم من التعارض بين القرآن والسنة بالجمع والتوفيق بين نصوصهما تارة، وبالقول بالنسخ تارة أخرى، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
(١) أخرجه البخاري في الجنائز، باب قول النبي - ﷺ - :" يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه "، رقم (١٢٨٨) ٢/٨٠، ومسلم في الجنائز، رقم (٩٢٩)٢/٦٤٢.
(٢) أخرجها مسلم في الجنائز، رقم ( ٩٣١) ٢/٦٤٣.

وهو الذي يفهم من كلام أبي العباس القرطبي(١)، كما ذهب إليه الشنقيطي(٢)، وابن عثيمين(٣).
الوجه الثالث : أن الانتفاع بالشفاعة منتفٍ في حق الكفار، كما في الآيات، وأبو طالب المخفف عنه لمّا لم يجد أثر التخفيف فكأنه لم ينتفع بذلك.
ويؤيد ذلك ما ثبت أنه ما يرى أحداً أشد عذاباً منه مع أنه أهونهم عذاباً(٤)؛ وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال، فالمعذب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه أنه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف.
وهذا الوجه ذكره أبو العباس القرطبي(٥)، وابن حجر(٦).
وبهذا يندفع ما يتوهم من التعارض بين آيات وأحاديث الشفاعة على الإطلاق، ولله الحمد والمنة.
- - -
٣-٣- قال تعالى :﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [ البقرة : ١٢٩].
وقال تعالى :﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [ البقرة : ١٥١].
(١) انظر : المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ١/٤٥٧.
(٢) انظر : أضواء البيان للشنقيطي ١/٦٢.
(٣) انظر : شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ٢/١٧٦-١٧٧.
(٤) في صحيح مسلم من حديث ابن عباس والنعمان بن بشير رضي الله عنهما، رقم (٢١٢-٢١٣) ١/١٩٦.
(٥) انظر : المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ١/٤٥٨.
(٦) انظر : فتح الباري ١١/٤٣١.

قال الجصاص :" وجميع ما ذكرنا من هذه الدلائل ـ يعني الأدلة على أن الوالد لا يقتل بولده، والتي من أبرزها هذا الحديث ـ يخص آي القصاص، ويدل على أن الولد غير مراد بها، والله أعلم "(١).
وبهذا يندفع ما قد يتوهم من التعارض بين الآية والحديث، والله تعالى أعلم.
- - -
١١-١١-قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ... ﴾ [البقرة : ١٧٨].
موهم التعارض من السنة :
عن سمرة بن جندب(٢) - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - قال :" من قتل عبده قتلناه، ومن جدع(٣) أنفه جدعناه "(٤).
(١) أحكام القرآن ١/١٨٠.
(٢) سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور، مات بالبصرة سنة (٥٨هـ).
انظر : أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير ٢/٥٢٧، تقريب التهذيب لابن حجر ص٢٥٦.
(٣) جدع : الجدع : قطع الأنف، والأذن والشفة، وهو بالأنف أخص، فإذا أطلق غلب عليه، يقال : رجل أجدع ومجدوع إذا كان مقطوع الأنف. انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (جدع ).
(٤) أخرجه أحمد في مسنده، رقم (٢٠١٠٤ ) ٣٣/ ٢٩٦، وأبو داود في الديات، باب من قتل عبده أو مثل به أيقاد منه، رقم (٤٥١٥) ٤/١٧٦، والترمذي في الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل عبده، رقم (١٤١٤) ٤/٢٦، وقال :" هذا حديث حسن غريب "، والنسائي في القسامة، باب القود من السيد للمولى، رقم (٤٧٣٦)
٨/٢٠، وابن ماجه في الديات، باب هل يقتل الحر بالعبد، رقم (٢٦٦٣) ٢/٨٨٨، والدارمي في الديات، باب القود بين العبد وسيده، رقم (٢٣٦٣) ٢/١١٢، من طرق عن الحسن البصري عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه -.
وقد صرح الإمام أحمد في مسنده ٣٣/٢٩٦ بأن الحسن لم يسمع هذا الحديث من سمرة، وقال الدوري في روايته لتأريخ ابن معين ٤/٢٢٩: " سمعت يحيى يقول : لم يسمع الحسن من سمرة شيئاً هو كتاب، وقال يحيى في حديث الحسن عن سمرة : من قتل عبده قتلناه... قال : في سماع البغدادين، ولم يسمع الحسن من سمرة "، وقال الترمذي في العلل الكبير ١/٢٢٣: "سألت محمداً عن هذا الحديث فقال : كان علي بن المديني يقول بهذا الحديث، قال محمد : وأنا أذهب إليه "، وقد نقل البيهقي في السنن الكبرى ٨/٦٤ عن قتادة قوله :" ثم إن الحسن نسي هذا الحديث، وقال : لا يقتل حر بعبد "، ثم قال :" يشبه أن يكون الحسن لم ينس الحديث، لكن رغب عنه لضعفه، وأكثر أهل العلم بالحديث رغبوا عن رواية الحسن عن سمرة، وذهب بعضهم إلى أنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة "، ثم نقل بسنده عن شعبة ويحيى بن معين قولهما إنه لم يسمع الحسن من سمرة شيئاً، وإن ابن المديني يثبت سماعه منه، وقال عبد الحق الأشبيلي في الأحكام الوسطى ٤/٦٩ :" قال البخاري عن علي بن المديني : سماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بهذا، وقال البخاري : أنا أذهب إليه، وقال غيره : لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة "، وقال ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث التعليق ٢/٣١٠ :" هذا الحديث مرسل ؛ لأن الحسن لم يسمع من سمرة، قال أبو حاتم بن حبان لم يلق الحسن سمرة "، وقال ابن عبد الهادي في التنقيح ٣/٢٥٩ :" من أثبت سماع الحسن من سمرة عده موصولاً، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد "، وقال ابن حجر في بلوغ المرام ٢/٨١٤ :" حسنه الترمذي، وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة، وقد اختلف في سماعه منه ".... =
= والحديث حسنه الترمذي كما في تخريجه، والبغوي في شرح السنة ١٠/١٧٧، وقال الحاكم في المستدرك
٤/ ٤٠٨ :" هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه "، وضعفه ابن العربي في أحكام القرآن
١/٩٢، والألباني في ضعيف الجامع الصغير ص ٨٢٩.

سلك أهل العلم في دفع ما قد يتوهم من التعارض بين قوله تعالى :﴿ (×ptƒô‰دےsù مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ وحديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - مسلك الجمع، واختلفوا في الجمع على وجوه منها ما يلي :
الوجه الأول : أن كلاً من لفظ ( صيام ) و( صدقة ) و( نسك ) في قوله تعالى :
﴿ (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ ألفاظ مطلقة، والسنة مقيدة لذلك الإطلاق، بأن الصيام ثلاثة أيام، والصدقة إطعام ستة مساكين، والنسك ذبح شاة، بدليل ما جاء في حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه -، ولا تعارض بين مطلق ومقيد، بل يحمل المطلق على المقيد.
ويؤيد ذلك لفظ الآية فلفظ ( صيام ) و ( صدقة ) و( نسك ) نكرات في سياق الإثبات، فهي ألفاظ مطلقة.
وإلى هذا الوجه ذهب أبو حيان(١)، وابن حجر(٢)، والقسطلاني(٣)، والشوكاني(٤)، والزرقاني(٥).
قال أبو حيان :" والظاهر اطلاق الصيام والصدقة والنسك، لكن بين تقييد ذلك السنة الثابتة، في حديث ابن عجرة، من أن الصيام صيام ثلاثة أيام، والصدقة إطعام ستة مساكين، والنسك شاة "(٦).
(١) انظر : البحر المحيط ٢/١٢٨.
(٢) انظر : فتح الباري ٤/١٦، ١٩.
(٣) انظر : إرشاد الساري لصحيح البخاري ٣/٢٩٠.
والقسطلاني هو : أحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني المصري الشافعي، من علماء الحديث، له مؤلفات أشهرها إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، توفي سنة ( ٩٢٣هـ).
انظر : شذرات الذهب لابن العماد ٨/١٢١، البدر الطالع للشوكاني ١/١٠٢.
(٤) انظر : فتح القدير ١/١٩٦.
(٥) انظر : شرحه على الموطأ٢/٥١٣.
والزرقاني هو : محمد بن عبد العظيم الزرقاني، من علماء الأزهر، عمل مدرساً لعلوم القرآن والحديث، له مناهل العرفان في علوم القرآن، وشرح موطأ مالك، توفي سنة ( ١٣٦٧هـ). انظر : الأعلام للزركلي ٦/٢١٠.
(٦) البحر المحيط ٢/١٢٨.

قال الشافعي :" وأذن الله تبارك وتعالى في صلاة الخوف بوجهين أحدهما : الخوف الأدنى، وهو قول الله عز وجل :﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ... الآية ﴾، والثاني : الخوف الذي أشد منه، وهو قول الله تبارك وتعالى :﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾ فلما فرق الله بينهما، ودلت السنة على افتراقهما، لم يجز إلا التفريق بينهما، والله تعالى أعلم ؛ لأن الله عز وجل فرق بينهما لافتراق الحالين فيهما "(١).
وقال ابن جرير :" ففصل النبي - ﷺ - بين حكم صلاة الخوف في غير حال المسايفة والمطاردة، وبين حكم صلاة الخوف في حال شدة الخوف والمسايفة، على ما روينا عن ابن عمر "(٢).
هذا وقد سلك أهل العلم في دفع ما قد يتوهم من التعارض بين قوله تعالى :﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ وبين الأحاديث التي جاء فيها تأخير النبي - ﷺ - لعدد من الصلوات في غزوة الخندق، مسلكي الجمع والنسخ، وذلك كما يلي :
أولاً : مسلك الجمع بين الآية والأحاديث، وإليه ذهب بعض أهل العلم، وذكروا في ذلك وجوهاً منها ما يلي :
(١) الأم ١/٢١٥.
(٢) جامع البيان ٤/٣٩٤.

ذهب الجمهور إلى أن الأنبياء لا يورثون، وما تركوه صدقة(١)، بل إنه حكي انعقاد الإجماع على ذلك في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - (٢).
وإذا تمهد هذا فقد سلك أهل العلم ـ في دفع ما يتوهم من التعارض بين قوله تعالى :﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ... الآية ﴾ والحديثين المذكورين ـ مسلك الجمع، ولكنهم اختلفوا في الجمع على وجوه، منها ما يلي :
(١) انظر : نسبة هذا القول إلى الجمهور فيما يلي : التمهيد لابن عبد البر ٨/١٦٠، التفسير الكبير للرازي ٣/٥١٤، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي ٣/٥٦٢، شرح النووي لصحيح مسلم ١٢/٨١، نيل الأوطار للشوكاني ٦/١٩٧.
... وقد خالف في ذلك الرافضة فقالوا : إن الأنبياء يورثون، والمراد بقوله - ﷺ - في الحديث :" لا نورث ما تركنا صدقة " أي ما تركه الأنبياء صدقة لا يورث، أما ما عداه من الميراث مما لم يتصدق به الأنبياء فإنه يورث.
انظر قول الرافضة وأدلتهم والرد عليهم فيما يلي : تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص ٤٢٨، معاني القرآن للزجاج ٣/٣٢٠، التمهيد لابن عبد البر ٨/١٧٥، إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض ٦/٨٩، مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي ٣/٥٠٣، زاد المسير لابن الجوزي ٥/٢١٠، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي ٣/٥٦٢، غرائب القرآن للنيسابوري ٢/٣٦٤، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/٢١٢، فتح الباري لابن حجر ٦/٢٠٢، إرشاد الساري للقسطلاني ٩/٤٢٥، نيل الأوطار للشوكاني ٦/١٩٧، روح المعاني للألوسي ٤/٢١٩، ١٦/٦٤، أضواء البيان للشنقيطي ٤/١٥٨-١٦٠.
(٢) انظر : التفسير الكبير للرازي ٣/٥١٤، المفهم للقرطبي٣/٥٦٣، غرائب القرآن للنيسابوري ٢/٣٦٤.

أهل الكتاب من اليهود والنصارى بقوله :﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾، وبالمقابل أحل ذبائح المسلمين لأهل الكتاب بقوله :
﴿ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ﴾.
قال الشوكاني :" أي وطعام المسلمين حلال لأهل الكتاب، وفيه دليل على أنه يجوز للمسلمين أن يطعموا أهل الكتاب من ذبائحهم، وهذا من باب المكافأة والمجازاة "(١).
وامتدح الله عباده المؤمنين الأبرار، بإطعام الطعام للمسلمين والكفار، مع محبتهم وشهوتهم له فقال :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [ الإنسان : ٨ ].
قال الخطابي مبيناً وجه الاستدلال من الآية :" ومعلوم أن أسراهم كانوا كفاراً غير مؤمنين، ولا أتقياء "(٢).
وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية :" قال ابن عباس : كان أسراؤهم يومئذٍ مشركين، ويشهد لهذا أن رسول الله - ﷺ - أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء، وهكذا قال سعيد بن جبير، وعطاء، والحسن، وقتادة.
وقد وصى رسول الله - ﷺ - بالإحسان إلى الأرقاء في غير ما حديث، حتى إنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول :" الصلاة وما ملكت أيمانكم "، وقال عكرمة : هم العبيد، واختاره ابن جرير ؛ لعموم الآية للمسلم والمشرك "(٣).
(١) فتح القدير ٢/١٥.
(٢) معالم السنن ٤/١٠٧.
(٣) تفسيره ٨/ ٢٨٨، ٢٨٩، وانظر : جامع البيان لابن جرير ٢٣/٥٤٥.

ظاهر الآية الكريمة يدل على وجوب التسمية، وأنه لا يحل أكل ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح والصيد، سواء أكان ترك التسمية عمداً أم سهواً ؛ لأن الأصل في النهي التحريم، والأحاديث قد يفهم منها عدم وجوب التسمية، وأن يحل أكل ذبيحة المسلم، وإن لم يذكر اسم الله عليها عمداً أو سهواً(١).
دفع موهم التعارض :
أجمع المسلمون على مشروعية التسمية عند الارسال على الصيد وعند الذبح والنحر(٢).
(١) وقد أشار إلى ما قد يتوهم من التعارض بين الآية والحديث الجصاص في أحكام القرآن ٤/١٧١-١٧٣، وابن العربي في أحكام القرآن ٢/٢٦٩-٢٧٢، وابن عبدالبر في التمهيد ٢٢/٢٩٩، والرازي في التفسير الكبير ٥/١٣١، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٧/٧٦، والنووي في شرحه لصحيح مسلم ١٣/٧٣، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم ٣/٣٢٤-٣٢٧، وابن حجر في فتح الباري ٩/٦٣٥، والشوكاني في فتح القدير ٢/١٥٧، والقاسمي في محاسن التأويل ٤/٤٧٨، والشنقيطي في دفع إيهام الاضطراب ص٧٠ وغيرهم.
(٢) انظر : شرح النووي لصحيح مسلم ١٣/٧٣، شرح الكرماني لصحيح البخاري ١٠/٧٨، نيل الأوطار للشوكاني ٩/١٠.

" روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للسيد محمود الألوسي البغدادي، تحقيق : محمد بن أحمد الأمد وعمر بن عبد السلام السلامي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٠هـ.
" الروض الريان في أسئلة القرآن، للحسين بن سليمان بن ريان، تحقيق : عبد الحليم السلفي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، ١٤١٥هـ.
" روضة الطالبين وعمدة المفتين، ليحيى بن شرف النووي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٥هـ.
" روضة الناظر وجنة المناظر، لعبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، مطبوع مع شرحه نزهة الخاطر العاطر لعبد القادر بن بدران الدمشقي، دار الكتب العلمية، بيروت.
" رياض الصالحين، ليحيى بن شرف النووي، تحقيق : محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٤٠٦هـ.
" زاد المسير في علم التفسير، لعبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الرابعة، ١٤٠٧هـ.
" زاد المعاد في هدي خير العباد، لمحمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، تحقيق : شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الخامسة عشر، ١٤٠٧هـ.
" سبل السلام شرح بلوغ المرام، لمحمد بن إسماعيل الصنعاني، تحقيق : محمد محرز سلامة وآخرين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، الطبعة الثالثة، ١٤٠٥هـ.
" سلسلة الأحاديث الصحيحة، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ١٤١٥هـ.
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٢هـ.
" السنة، لمحمد بن نصر المروزي، تحقيق : عبد الله البصيري، دار العاصمة، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤٢١هـ.


الصفحة التالية
Icon