ولما كانت مسالك أهل العلم وأقوالهم في دفع ما يتوهم من التعارض بين القرآن والسنة مبثوثة في كتبهم أجمعت أمري ـ متوكلاً على الله ـ في جمعها في مكان واحد، وترتيبها حسب ترتيب سور القرآن الكريم وآياته ؛ ليكون ذلك موضوع رسالتي لنيل درجة الماجستير في القرآن وعلومه، وسميته ( موهم التعارض بين القرآن والسنة ـ دراسة نظرية وتطبيقية ـ من أول سورة الفاتحة حتى نهاية سورة الأنعام ).
أهمية الموضوع :
ترجع أهمية الموضوع إلى أمور منها :
١- أنه يبين توافق نصوص القرآن الكريم و السنة النبوية، وأنها متآلفة لا متنافرة، ليس بينها تعارض و لا اختلاف، غير أن بادئ النظر قد يظهر له التعارض بينهما أحياناً لسبب من الأسباب، وذلك يدعو إلى ضرورة وجود رسالة تعالج الموضوع بأسلوب علمي، للوقوف على أسباب التعارض الظاهري بين نصوص القرآن والسنة، وكيفية دفع ما يتوهم من التعارض بينهما وإزالته.
٢- أنه يبحث في علم التعارض و الترجيح، وهو علم عظيم لا يستغني عنه طالب العلم ؛ لأنه يحقق مقصداً عظيماً كما يقول الزركشي(١) :" تصحيح الصحيح و إبطال الباطل "(٢).
٣- قيمة الموضوع العلمية حيث إن دفع إيهام التعارض بين نصوص القرآن الكريم و السنة النبوية يحتاج إلى فهم عميق و تحليل دقيق لهما، مما يفيد الباحث في مجال تخصصه.
٤- إبراز عناية واهتمام علماء الإسلام من المفسرين والمحدثين وغيرهم بهذا الجانب المهم، وهو دفع إيهام التعارض بين القرآن الكريم والسنة النبوية.
(٢) البحر المحيط في أصول الفقه ٦/١٠٨.
ونقل السلف الصالح - رضي الله عنهم - ما سمعوه من النبي - ﷺ - من ذلك البيان إلى من بعدهم ؛ ممتثلين أمره - ﷺ - :" فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فإنه رب مبلغ أوعى من سامع "(١).
ثم تناقل أهل العلم ما بلغهم عن رسول الله - ﷺ - جيلاً بعد جيل حتى عصرنا الحاضر.
والمتتبع للسنة النبوية من حيث دلالتها على ما في القرآن الكريم يجد أنها تنقسم قسمين هما :
القسم الأول: السنة المؤكدة لما جاء في القرآن ؛ وذلك حينما تكون السنة موافقة لما دل عليه القرآن من حيث الإجمال والبيان والاختصار والشرح.
قال الشافعي :" فلم أعلم من أهل العلم مخالفاً في أن سنن النبي من ثلاثة وجوه، فاجتمعوا منها على وجهين، والوجهان يجتمعان ويتفرعان ؛ أحدهما : ما أنزل الله فيه نص كتاب فبين رسول الله مثل ما نص الكتاب، والآخر : ما أنزل الله فيه جملة كتاب، فبين عن الله معنى ما أراد، وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما "(٢).
وقد ورد في السنة النبوية كثير من الأحاديث التي تؤكد أحكاماً نص عليها القرآن الكريم، ومن أمثلة ذلك ما يلي :
١- قوله - ﷺ - :" بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، و إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام "(٣).
فهذا الحديث جاء مؤكداً لما ورد في القرآن الكريم من الآيات الدالة على أركان الإسلام الخمسة ووجوبها، مع عدم بيان كيفيتها، وهذه الآيات هي :
٣/١٣٠٥.
(٢) الرسالة ص ٩١، ٩٢.
(٣) أخرجه البخاري في الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، رقم (٨) ١/١١، ومسلم في الإيمان، رقم (١٦) ١/٤٥.
ومنه قول فاطمة رضي الله عنها :" أسر إليَّ النبي - ﷺ - أن جبريل يعارضني القرآن كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي "(١).
قال ابن الأثير(٢) :" أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، من المعارضة ؛ المقابلة "(٣).
ومادة ( قبل ) أصل واحد صحيح تدل كلِمُه كلها على مواجهة الشيء للشيء(٤)، فكأن كل واحد من الدليلين المتعارضين يأتي في مواجهة الآخر، ويكون في مقابله، لا معه.
٣- المنع : يقال : اعترض الشيء دون الشيء ؛ أي حال دونه(٥).
قال الأزهري(٦): " ويقال اعترض الشيء إذا منع كالخشبة المعترضة في الطريق تمنع السالكين سلوكها "(٧).
وكل ما يمنعك من شغل وغيره من الأمراض فهو عارض، وقد عرض عارض ؛ أي حال حائل ومنع مانع(٨).
(٢) ابن الأثير : المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري، أبو السعادات، القاضي الكاتب، كان ذا ورع وعقل، له جامع الأصول، والنهاية في غريب الحديث والأثر، توفي سنة (٦٦٠هـ). انظر : إنباه الرواة للقفطي٣/٢٥٧، سير أعلام النبلاء للذهبي ٢١/٤٨٨.
(٣) انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة ( عرض ).
(٤) مقاييس اللغة مادة ( قبل ).
(٥) الصحاح للجوهري، مادة ( عرض ).
(٦) الأزهري هو : أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري اللغوي، كان فقيهاً شافعي المذهب، لكن غلبت عليه اللغة فاشتهر بها، من أشهر مصنفاته تهذيب اللغة، توفي سنة ( ٣٧٠هـ). انظر : بغية الوعاة للسيوطي١/١٩، شذرات الذهب لابن العماد٢/٧٢.
(٧) تهذيب اللغة للأزهري، مادة ( عرض )، وانظر : القاموس المحيط للفيروز آبادي، مادة ( عرض ).
(٨) تهذيب اللغة، مادة ( عرض ).
٢- عن علي - رضي الله عنه - أن النبي - ﷺ - قال :" أعطيت ما لم يعط أحدٌ من الأنبياء " فقلنا : يا رسول الله، ما هو ؟ قال :" نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل التراب لي طهوراً، وجعلت أمتي خير الأمم "(١).
وجه التعارض المتوهم :
قد يتوهم من الآية تفضيل بني إسرائيل على جميع الأمم، ومنها أمة محمد - ﷺ -، والحديث يفيد تفضيل الأمة المحمدية على سائر الأمم(٢).
دفع موهم التعارض :
لقد فضّل الله سبحانه وتعالى الأمة المحمدية على سائر الأمم، فقال سبحانه :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [ آل عمران : ١١٠].
ويدل على ذلك أيضاً الحديثين المتقدمين، فقد قال ابن جرير بعد ذكره لحديث معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - :" فقد أنبأ هذا الخبر عن النبي - ﷺ - أن بني إسرائيل لم يكونوا مفضلين على أمة محمد عليه الصلاة والسلام "(٣).
وقد عنون الحاكم(٤)
والحديث حسنه ابن كثير في تفسيره ٢/٩٤، وابن حجر في فتح الباري ٨/ ٢٢٥، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/٢٦١ :" قلت : فالحديث حسن "، وقال أحمد شاكر في تحقيقه مسند أحمد ٢/١١٣:" إسناده صحيح ".
(٢) وقد أشار إلى ما قد يتوهم من التعارض بين الآية والحديث ابن كثير في تفسيره ١/٢٥٨.
وانظر : جامع البيان لابن جرير ١/ ٦٢٩، التفسير الكبير للرازي ١/٤٩٣، البحر المحيط لأبي حيان١/ ٢٧٧، وغيرها.
(٣) جامع البيان ١/ ٦٢٩.
(٤) الحاكم هو : أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم ابن الحكم النيسابوري الشافعي، المعروف بابن البيع، إمام جليل وحافظ متقن، له مصنفات أشهرها : المستدرك ومعرفة علوم الحديث، توفي سنة
٤٠٥هـ). انظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ١٧/١٦٢، البداية والنهاية لابن كثير١٥/٥٦٠-٥٦٢.
واختلفوا في دخول الكبد والطحال في جملة الدماء، فمنهم من يرى أن الكبد والطحال ليست دماً، فقد قال ابن العربي :" والصحيح أنه لم يخصص ـ أي عموم الآية ـ وأن الكبد والطحال لحم يشهد بذلك العيان الذي لا يعارضه بيان، ولا يفتقر إلى برهان "(١).
ويساعد ذلك أن حديث ابن عمر رضي الله عنهما فيه مقال، فلا يستدل به على تسمية الكبد والطحال دماً، والإجماع منعقد على حكم أكل الكبد والطحال، ولم ينعقد على التسمية، وعلى هذا فلا تعارض عند هؤلاء بين هذه الآيات وحديث ابن عمر رضي الله عنهما.
ومنهم من يرى أن الكبد والطحال دماً، مستدلين بقوله في الحديث :" وأما الدمان فالكبد والطحال "، وبهذا يكون هناك إيهام تعارض بين هذه الآيات وحديث ابن عمر رضي الله عنهما كما تقدم في وجه التعارض.
وجه التعارض المتوهم :
أن الله سبحانه وتعالى بين في الآية الكريمة الحد الذي يجب بتبينه الإمساك عن المفطرات لمن أراد الصيام، وهو أن يظهر بياض النهار من سواد الليل، وذلك بطلوع الفجر الصادق، والحديث قد يتوهم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس(١).
دفع موهم التعارض :
لقد بين الله سبحانه وتعالى الحد الذي بتبينه يجب الإمساك عن المفطرات، لمن أراد الصيام ؛ وذلك حينما يظهر بياض النهار من سواد الليل، وهذا البيان يحصل بطلوع الفجر المعترض الآخذ في الأفق يمنة ويسرة، وهو ما يعرف بالفجر الصادق، فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك.
قال تعالى :﴿ #qè=ن.ur وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [ البقرة : ١٨٧].
قال ابن جرير :" وفي قوله تعالى ذكره :﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ أوضح الدلالة على خطأ من قال : حلال ٌالأكل والشرب لمن أراد الصوم إلى طلوع الشمس ؛ لأن الخيط الأبيض من الفجر، يتبين عند ابتداء طلوع أوائل الفجر "(٢).
(٢) جامع البيان ٣/٢٦١.
- رضي الله عنه - قال : جاء أعرابي إلى النبي - ﷺ -، فقال : يا رسول الله، إنا نكون بالبادية فتخرج من أحدنا الرويحة ؟، فقال رسول الله - ﷺ - :" إن الله عز وجل لا يستحيي من الحق، إذا فعل أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن "، وقال مرة :" في أدبارهن "(١).
٣- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - ﷺ - :" لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في الدبر "(٢).
والحديث حسنه الترمذي كما في تخريجه، وصححه ابن حبان في صحيحه ٩/٥١٥، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/٢٤٣ :" ورجاله موثقون ".
(٢) أخرجه الترمذي في الرضاع، باب ما جاء في كراهية إتيان النساء في أدبارهن، رقم (١١٦٥) ٣/٤٦٩، وقال :" هذا حديث حسن غريب "، والنسائي في السنن الكبرى، رقم (٩٠٠١) ٥/٣٢٠، من طريق أبي خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس مرفوعاً.
والحديث حسنه الترمذي كما في تخريجه، وصححه ابن راهويه كما في مسائل المروزي ص ٢٢١، وابن حبان في صحيحه ٩/٥١٧، وابن حزم في المحلى ١٠/٧٠، وقد أشار الإشبيلي في الأحكام الوسطى ٣/١٦٥ إلى تحسين الحديث.
وهذا الحديث اختلف في رفع ووقفه، ورجح البزار وابن عدي والنسائي الوقف كما في التلخيص الحبير ٣/١٨١. وقال ابن حجر في بلوغ المرام ٢/٧٠٥ :" وأعل بالوقف "، ونقل في التلخيص الحبير٣/١٨٠عن البزار قوله :" لا أعلم في الباب حديثاً صحيحاً لا في الحظر، ولا في الإطلاق، وكل ما روي فيه عن خزيمة بن ثابت من طريق فيه، فغير صحيح "، ثم قال :" وكذا روى الحاكم عن الحافظ أبي علي النيسابوري، ومثله عن النسائي، وقاله قبلهما البخاري ".
وقال في فتح الباري ٨/١٩١: " وذهب جماعة من أئمة الحديث، كالبخارى، والذهلي، والبزار، والنسائي، وأبي على النيسابوري، إلى أنه لا يثبت فيه شيء، قلت : لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به ".
وإلى هذا ذهب الزجاج(١)، والنحاس(٢)،
والبغوي(٣)، والسمعاني(٤)، وابن عطية(٥)، ورجحه ابن عاشور(٦).
قال السمعاني :" قوله تعالى :﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ﴾، أي كونوا أمة، وكلمة ( من ) فيه للجنس، لا للتبعيض، وهو مثل قوله :﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ﴾، والمراد به الاجتناب من جنس الأوثان كلها، لا من بعض الأوثان "(٧).
(٢) انظر : معاني القرآن ١/٤٥٦...................... =
=والنحاس هو : أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي المصري المعروف بالنحاس، كان واسع العلم غزير الرواية، اشتغل بالتصنيف في علوم القرآن واللغة والأدب، له معاني القرآن، وإعراب القرآن، والناسخ والمنسوخ، توفي سنة (٣٣٨هـ).
انظر : بغية الوعاة للسيوطي ١/٣٦٢، طبقات المفسرين للداودي ص ٥١.
(٣) انظر : معالم التنزيل ص ٢٣٣.
(٤) انظر : تفسير القرآن ١/٣٤٧.
والسمعاني هو : منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني، أبو المظفر الحنفي ثم الشافعي، شيخ الشافعية، مفتي خراسان ذا زهد وورع، له تفسير القرآن وقواطع الأدلة وغيرهما، توفي سنة (٤٨٩هـ).
انظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ١٩/١١٤، طبقات المفسرين للداودي ص ٥٢٦.
(٥) انظر : المحرر الوجيز ١/٤٨٦.
(٦) انظر : التحرير والتنوير ٤/٣٨.
(٧) تفسير القرآن ١/٣٤٧.
يَحتَمل لفظ الإمساك في قوله تعالى :(#qè=ن٣sù ﴿ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾ من حيث اللغة إمساك الكلب للصيد وعدم أكله منه، وإمساكه وأكله منه، كما صرح بذلك الزجاج وغيره(١)، لكن النبي - ﷺ - قد فسر الإمساك شرعاً في قوله تعالى : فَكُلُوا ﴿ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾ بعدم أكل الكلب المعلم من الصيد، كما جاء في حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -، أن النبي - ﷺ - قال :" فكل مما أمسكن عليكم، وإن قتلن إلا أن يأكل الكلب، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه ".
فجعل النبي - ﷺ - الإمساك قسمين، قسم أمسكه الكلب لصاحبه، وقسم أمسكه لنفسه وهو ما إذا أكل الكلب منه، فاقتضى ذلك أن الذي أمسكه الكلب لصاحبه، هو ما لم يأكل منه، وهو الذي يحل أكله، دون القسم الآخر.
قال الصنعاني :" إذا أكل ـ أي الكلب ـ حرم أكله، وقد عرفت أن من شرط المعلم أن لا يأكل، فأكله دليل على أنه غير كامل التعليم، وقد ورد في الحديث الآخر تعليل ذلك بقوله - ﷺ - :" فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه "، وهو مستفاد من قوله تعالى : فَكُلُوا ﴿ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾ فإنه فسر الإمساك على صاحبه بألا يأكل منه "(٢).
ويؤيد ذلك قوله في الآية والحديث :" أمسكن عليكم " بمعنى صدن لكم، ولو كان مجرد الإمساك ـ الذي يستوي فيه أكل الكلب منه، أو عدم الأكل ـ كافياً ؛ لما احتيج إلى زيادة (عليكم) (٣).
(٢) سبل السلام ٤/١٧٠.
(٣) انظر : المعلم بفوائد مسلم للمازري ٣/٤٢، فتح الباري لابن حجر ٩/٦٠٢.
فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب(١)، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال : يا محمد، فقال : ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين(٢)، فقال النبي - ﷺ - :" بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً "(٣).
وجه التعارض المتوهم :
(٢) الأخشبان : الأخشب اسم جنس يطلق على كل جبل خشن غليظ صعب المرتقى، ولهذا لا يتحدد موقع الأخشبين إلا بإضافتهما إلى علم معروف كأخشبي مكة أو أخشبي منى، والوارد في الحديث أخشبا مكة وهما جبل أبي قبيس، وجبل قعيقعان، وجبل أبوقبيس هو الجبل المشرف على الصفا، وقعيقعان هو الجبل المشرف على المسجد الحرام من الشمال الغربي ممتداً بين ثنيتي كداء وكدي، مشرفاً على وادي ذي طوى غرباً، ولا يعرف اليوم بهذا الاسم، وإنما لكل طرف منه اسم خاص. انظر: معجم البلدان للحموي ١/٨٠، ١٢٢، معجم الأمكنة الواردة في صحيح البخاري لابن جنيدل ص ٢٢-٢٥، ٣٦٦.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم : آمين، والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، رقم (٣٢٣١) ٤/١١٥، ومسلم في الجهاد والسير، رقم (١٧٩٥) ٣/١٤٢٠.
٧- أن العلماء تناولوا موهم التعارض بين القرآن والسنة في مؤلفاتهم بأساليب مختلفة، فمنهم من ينص ويصرح بإيهام التعارض بين الآية والحديث، ومنهم من يشير إلى ذلك بالجمع أوالترجيح بين ما يتوهم فيه التعارض، ومنهم من يتعقب ما يذكره العلماء من مسالك في دفع موهم التعارض بترجيح وتصحيح أو نقد أو رد.
٨- أن أسباب التعارض الظاهري بين القرآن والسنة كثيرة منها توهم ثبوت القراءة القرآنية أو صحة الحديث النبوي، والإجمال والبيان والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد والإحكام والنسخ التي طرأت على بعض النصوص، كما أن لاختلاف الموضوع أو الحال أو جهة الفعل، وحمل الآية على ما يتبادر إلى الذهن، أو على معنى مرجوح، كل ذلك له أثره في نشوء موهم التعارض بين القرآن والسنة.
٩- أن جمهور أهل العلم يقدمون الجمع ثم النسخ ثم الترجيح ثم التوقف عند تعارض الأدلة في الظاهر.
١٠- أن أغلب مواضع إيهام التعارض بين القرآن والسنة يتعلق بآيات الأحكام، أما ما يتعلق بآيات العقائد والأخبار والآداب فهو قليل.
١١- أن من الموضوعات الجديرة بالبحث ما يلي :
" جمع ودراسة الآيات التي ادعي تخصيصها.
" الإطلاق ومقيداته في القرآن الكريم جمعاً ودراسة.
١٢- يأمل الباحث أن تتبنى أقسام السنة وعلومها في جامعاتنا المباركة دراسة الموضوعات التالية، لأنه يصعب أن يتناولها بالدراسة العلمية الجادة فرد واحد :
" مختلف الحديث جمعاً ودراسة وترجيحاً، وذلك بجمع مختلف الحديث من مظانه، وترتيبه حسب الأبواب الحديثية، وتوزيعه على طلاب الدراسات العليا.
" دراسة ما ادعي نسخه من الأحاديث دراسة نقدية، وذلك بدراسة مماثلة لما قام به د. مصطفى زيد رحمه الله في كتابه النسخ في القرآن الكريم دراسة نقدية تاريخية تشريعية.
" دراسة أسانيد القراءات الواردة عن الصحابة والتابعين دارسة حديثية، وتمييز الصحيح منها والضعيف.
$yJ¯Rخ) حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ... ١٧٣... -١٤٤-١٤٦-١٤٨-١٤٩-١٥٠-١٥٣-١٥٥-١٥٦-١٥٩-١٦٠-
$pkڑ‰r'¯"tƒ الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى...... ١٧٨... -٧٠-١٦٢-١٦٣-١٦٨-١٦٩-١٧١-١٧٢-١٧٣-١٧٤-١٧٥-١٧٨
|=دGن. عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا... ١٨٠... -٢٧-٤٨-١٨١-١٨٣-
$ygoƒr'¯"tƒ الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ مP$u‹إ_ء٩$#... ١٨٣
¨@دmé& لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى ِNن٣ح !$|، خS... كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ ڑcqà)Gtƒ... ١٨٧... -٤٨-٤٩-٧٥-١٨٨-١٨٩-١٩٢-١٩٥-١٩٩-٢٠٠-٢٠٣-٢٠٤-٢٠٥
ڑپtRqè=t"َ،o" عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ئdkysّ٩$#ur... ١٨٩
ںwur تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ دmٹدù... ١٩١... -٢٠٨-٢١٠
مچِk¤٩$# الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ زة$|ءد%... ١٩٤... -٢٢٦
(#q'Jد؟r&ur الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ... فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ... ١٩٦... -٢٦-٢١٢-٢١٣-٢١٦-٢١٧-٢١٨-٢١٩-٢٢٠-٢٢١
y٧tRqè=t"َ،o" عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ... ٢١٧... -٢٢٢-٢٢٣-٢٢٥-٢٢٧
ڑپtRqè=t"َ،o"ur عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ "]Œr&... ٢٢٢... -٢٢٩-٢٣٠-٢٣١-٢٣٢-٢٣٣
ِNن. نt!$|، خS حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا ِ/ن٣إ،àےRL{... ٢٢٣... -٢٣٦-٢٣٧-٢٣٨-٢٣٩-٢٤٠-٢٤١
ںwur تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا (#qà)Gs؟ur... ٢٢٤
ںwur يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ $؛"ّ‹x©... ٢٢٩... -٢٤٣-٢٤٤
tûïد%©!$#ur يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ %[`؛urّ-r&... ٢٣٤
bخ)ur طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ Zpںزƒجچsù... ٢٣٧
ابن قتيبة = عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدِّيْنَوَري
ابن قدامة = عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي
ابن منظور = محمد بن مكرم بن علي ابن منظور الأفريقي المصري
أبو أسحاق عمرو بن عبد الله بن عبيد السبيعي... ٤٢
أبو البركات بن تيمية = عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني
أبو السعود = محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، الشهير بأبي السعود
أبو العباس القرطبي = أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري المالكي
أبو المنهال = عبد الرحمن بن مطعم البناني البصري
أبو أمامة = صدي بن عجلان بن وهب الباهلي
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري... ٥٥٢
أبو بكر الباقلاني = محمد بن الطيب بن محمد المعروف بالباقلاني
أبو بكر الرازي = محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي... ١٩٧
أبو ثعلبة الخشني... ٤٢٥
أبو حازم = سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج المدني
أبو حامد الرازي = أحمد بن محمد بن المظفر بن المختار الرازي
أبو حيان = محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي
أبو رافع القبطي... ٣٩٣
أبو رِمثة البلوي... ٥٥٥
أبو روح = حرمي بن عُمارة بن أبي حفصة العتكي
أبو زيد الأنصاري = سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير الخزرجي
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني... ٢٣
أبو شريح = خويلد بن عمرو بن صخر الخزاعي
أبو صالح الزيات = ذكوان السمان المدني
أبو عامر الأشعري = عبيد بن سليم بن حصار الأشعري
أبو عبيد = القاسم بن سلام بن عبد الله البغدادي
أبو عبيدة = معمر بن المثنى التيمي
أبو عثمان الصابوني = إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الشافعي
أبو عياش الزرقي الأنصاري... ٤٢١
أبو قتادة = عمرو بن ربعي بن بلدمة بن خناس الأنصاري الخزرجي
أبو يعلى = محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي الحنبلي
أبوبكر بن الأثرم = أحمد بن محمد بن هانىء الإسكافي الأثرم
" أحكام الجنائز وبدعها، لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٢هـ.
" أحكام الصيد والذبائح وما يطعم في الشريعة الإسلامية، لعبد الله بن محمد الطريقي، رسالة دكتوراه في المعهد العالي للقضاء، جامعة الإمام، مطبوعة على الآلة الكاتبة.
" إحكام الفصول في أحكام الأصول، لسليمان بن خلف الباجي، تحقيق : عبد المجيد تركي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤١٥هـ.
" أحكام القرآن، لأحمد بن علي الجصاص، تحقيق : محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٤١٢هـ.
" أحكام القرآن، لعماد الدين بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٢هـ.
" أحكام القرآن، للإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق : عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٠هـ.
" أحكام القرآن، لمحمد بن عبد الله المعروف بابن العربي، تحقيق : محمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٨هـ.
" أحكام القرآن الكريم، لأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، تحقيق : سعد الدين أونال، مركز البحوث الإسلامية، إستانبول، الطبعة الأولى، ١٤١٦هـ.
" الأحكام الوسطى من حديث النبي - ﷺ -، لعبد الحق بن عبد الرحمن الأشبيلي المعروف بابن الخراط، تحقيق : حمدي السلفي وصبحي السامرائي، مكتبة الرشد، الرياض، ١٤١٦هـ.
" أحكام أهل الذمة، لمحمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، تحقيق : طه سعد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٢٣هـ.
" الإحكام في أصول الأحكام، لعلي بن أحمد بن حزم الظاهري، تحقيق : محمود عثمان، دار الحديث، مصر، الطبعة الأولى، ١٤١٩هـ.
" الإحكام في أصول الأحكام، لعلي بن محمد الآمدي، تحقيق : عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٢هـ.