٦- شبهات وإشكالات حول بعض الأحاديث والآيات، وهذا الكتاب أعدته دار الثبات للنشر والتوزيع بالرياض، وهو عبارة عن فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فيما يتعلق ببعض الشبهات والإشكالات حول بعض الآيات والأحاديث الناتجة عن إيهام تعارض آية مع آية أخرى، أو حديث مع حديث آخر، وذلك غالب مادة هذا الكتاب، وقد حوى هذا الكتاب ست مسائل من موهم التعارض بين القرآن والسنة، وكانت الإجابة فيها على ما يتوهم من التعارض بين القرآن والسنة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وسماحة الشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى(١).
منهج البحث :
ينقسم البحث قسمين دراسة نظرية ودراسة تطبيقية، وسيكون منهجي فيهما على النحو التالي :
أولاً : الدراسة النظرية:
وهذا القسم جعلته في ثلاثة فصول، وسيأتي بيانها وما يتعلق بها من مباحث ومطالب في خطة البحث.
وتناولتها ـ بحمد الله ـ بما يفي بالغرض وسطاً بين الطول والإيجاز، موضحاً ذلك بأمثلة تطبيقية.
ثانياً : الدراسة التطبيقية :
وفيها درست ما تم جمعه من الآيات والأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض، ونظرا ً لطول الموضوع وتشعبه، ولكون التعارض الحقيقي بين القرآن والسنة منتفياً، وما يتوهم منه نسبياً يختلف من شخص لآخر بحسب علمه وفهمه فإني التزمت أن لا أذكر من الآيات والأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض إلا ما كان منقولاً في مصادر التفسير والحديث وما يتعلق بهما.

(١) وهناك كتاب بعنوان : اللباب في الجمع بين السنة والكتاب للإمام المنبجي، مطبوع في مجلدين بتحقيق : محمد فضل المراد، وهذا الكتاب أراد مؤلفه أن يبطل ما يدعيه البعض على أبي حنيفة، من أنه لم يكن يعطي الحديث أهمية كبيرة، وأنه كان يجعل للرأي الطليق مكانه الأول بالنسبة للاستنتاج الفقهي، وأنه رد كثيراً من الأحاديث في سبيل الرأي، وعلى هذا فالكتاب ليس في موهم التعارض بين القرآن والسنة كما قد يوحي عنوانه.

ب- أن يسأل الصحابة النبي - ﷺ - عن تفسير آية فيجيبهم، ومن أمثلته ما جاء عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أنه سأل النبي - ﷺ - عن قوله تعالى :﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ﴾ [ يونس : ٦٤] فقال - ﷺ - :" ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له "(١).
ج ـ أن يتأول النبي - ﷺ - أمراً في القرآن فيعمل به، وهذا ما يمكن أن يسمى بالتفسير الفعلي، ومن أمثلته ما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما صلى النبي - ﷺ - صلاة بعد أن نزلت عليه :﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ كx÷Gxےّ٩$#ur... ﴾ [النصر : ١] إلا يقول فيها :" سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي "(٢).
(١) أخرجه أحمد في المسند، رقم ( ٢٢٦٧٨) ٣٧/٣٦١، والترمذي في الرؤيا، باب قوله :﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، رقم (٢٢٧٥) ٤/٥٣٤، وقال :" هذا حديث حسن "، وابن ماجه في تعبير الرؤيا، باب الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، رقم (٣٨٩٨) ٢/١٢٨٣، والدارمي في الرؤيا، باب قوله :﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ رقم (٢١٤٢) ٢/٤٨.
والحديث حسنه الترمذي كما في تخريجه، وقال الحاكم في المستدرك ٢/٣٧٠ :" حديث صحيح الإسناد ولم
ولم يخرجاه ".
(٢) أخرجه البخاري في التفسير، باب قوله :﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ كx÷Gxےّ٩$#ur... ﴾، رقم ( ٤٩٦٧) ٦/١٧٨، ومسلم في الصلاة، رقم (٤٨٤) ١/٣٥١.

ولذا عني علماء الإسلام بوضع قواعد وضوابط ومسالك محددة لدفع التعارض بين الأدلة، واهتموا بذلك حتى صارت أبواب التعارض والترجيح من أهم وأعظم أبواب أصول الفقه الإسلامي.
هذا على وجه العموم، وأما خصوص البحث فيما يتوهم من التعارض بين القرآن والسنة والتوفيق بين أدلتهما ؛ فإن له أهمية عظمى تتضح تلك الأهمية وتبرز من خلال النقاط التالية :
١- تعظم أهمية البحث بين ما يتوهم من التعارض بين القرآن والسنة والتوفيق بينهما لأهمية متعلقه ؛ فهو يتعلق بالمصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي وهما القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
٢- تنزيه الشريعة الإسلامية وأدلتها من القرآن والسنة عن التعارض والتناقض الحقيقي ؛ لأن ذلك يلزم منه العجز والجهل المحالان على الله سبحانه وتعالى، وبيان أن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية متآلفة لا متنافرة، ومتوافقة ليس بينها تعارض ولا اختلاف، كما قال سبحانه :﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [ النساء : ٨٢ ].
وسيأتي مزيد إيضاح لذلك في المبحث الأول من الفصل الثاني إن شاء الله تعالى.
٥- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - ﷺ - :
" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول شافع، وأول مشفع "(١).
وغير ذلك من الأحاديث المثبتة للشفاعة(٢).
وجه التعارض المتوهم :
(١) أخرجه مسلم في الفضائل، رقم (٢٢٧٨) ٤/١٧٨٢.
(٢) تكرر ذكر الشفاعة كثيراً في الأحاديث النبوية الشريفة، وقد اقتصرت على بعض ما في الصحيحين أو أحدهما من هذه الأحاديث ؛ خشية الإطالة والتكرار، ومن أراد الاطلاع على أحاديث الشفاعة فلينظر :
١- إثبات الشفاعة للإمام الذهبي، فقد أورد فيه طائفة من الأحاديث في إثبات شفاعة الرسول - ﷺ - لأمته يوم القيامة، مع عزو كل حديث في الغالب إلى مصدره، مع الحكم عليه من حيث الصحة والضعف.
٢- كتاب الشفاعة للشيخ مقبل الوادعي، وقد جمع فيه الأحاديث الواردة في موضوع الشفاعة، مبيناً صحة هذه الأحاديث من ضعفها.
٣- كتب العقيدة، ككتاب التوحيد لابن خزيمة ٢/٥٨٩ وما بعدها، والشريعة للآجري ٣/١١٩٨وما بعدها، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي ٣/١١٦٠، والاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للبيهقي ص ٢٤٧، وغيرها، فقد أفرد مؤلفوها موضوع الشفاعة في باب أو فصل، يذكرون فيه الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب.

الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن نفي وجود التعارض بين قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ﴾ وما في معناها من الآيات وبين حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي يدل على إباحة أكل الكبد والطحال، هو الحق ؛ لأن تحريم الدم في هذه الآيات المطلقة مقيد بالدم المسفوح، فلا يتناول الكبد والطحال ؛ لأنها ليست دماء مسفوحة كما تقدم.
وأما ما لجأ إليه بعض أهل العلم من الجمع بين هذه الآيات وحديث ابن عمر رضي الله عنهما بالتخصيص، فيمكن مناقشته بما يلي :
١- أن القائلين بذلك يتعاملون مع الآيات المطلقة الدالة على تحريم الدم، دون الآية المقيدة لها، بكون الدم مسفوحاً، وقد سبق أن حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الحالة محل إجماع.
٢- أنه لا يمكن أن يعمل بالآيات المطلقة، دون الآية المقيدة لها، في حالة اتحاد الحكم والسبب ؛ لأن المقيد بيان للمطلق بالتقليل من شيوع المطلق وانتشاره، وكاشفاً عن مراد الشارع منه(١)، فحين يحمل المطلق على المقيد في هذه المسألة، فإن تحريم الدم في الآيات المطلقة ينحصر بالمسفوح، فلا يتناول الكبد والطحال، وعليه فلا يحتاج إلى القول بالتخصيص.
وأما القول بالنسخ فقد تقدم في المسألة السابقة بيان ضعفه، ومنا قشته بما يغني عن إعادته مرة أخرى، ويمكن أن يقال هنا : إنه لا تعارض في هذه المسألة يدعو إلى القول بالنسخ، فالتعارض بين هذه الآيات وحديث ابن عمر رضي الله عنهما منتفٍ من أصله، كما تقدم، والله أعلم.
- - -
(١) انظر : المطلق والمقيد ل د. الصاعدي ص ١٦٩، منهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث ل د. السوسوة ص ١٦٣، ١٦٦.

ويدل عليه أيضاً حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - (١) قال :" لما نزلت :﴿ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ﴾ عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله - ﷺ - فذكرت له ذلك، فقال :" إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار "(٢)(٣).
فهذان الحديثان يدلان على أن الإمساك يكون بتبين بياض النهار من سواد الليل، وذلك بطلوع الفجر، وحديث عدي - رضي الله عنه - متأخر، فهولم يسلم إلا في السنة التاسعة أو العاشرة، كما قال ابن حجر(٤).
ومنهم من قال : إنه منسوخ بحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - (٥).
والقول بالنسخ احتمله الطحاوي(٦)، وتبعه العيني(٧)،
(١) هو : عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي، ولد الجواد المشهور، أسلم في سنة تسع، وقيل : سنة عشر، وثبت على إسلامه في الردة، وأحضر صدقة قومه إلى أبي بكر - رضي الله عنه -، شهد فتح العراق، ثم سكن الكوفة، ومات - رضي الله عنه - بعد الستين وقد أسن. انظر : أسد الغابة لابن الأثير ٤/١٠، الإصابة لابن حجر ٤/٣٨٨.
(٢) أخرجه البخاري في الصوم، باب قول الله تعالى :﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾، رقم (١٩١٦) ٣/٢٨، ومسلم في الصيام، رقم ( ١٠٩٠) ٢/ ٧٦٦.
(٣) انظر : شرح معاني الآثار للطحاوي ٢/٥٣، ٥٤، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ص ٣٦٢.
(٤) انظر : فتح الباري ٤/١٣٢.
(٥) انظر : الناسخ والمنسوخ في الأحاديث لأبي حامد الرازي ص ٦٢.
(٦) انظر : شرح معاني الآثار ٢/٥٣، ٥٤.
(٧) انظر : عمدة القاري شرح صحيح البخاري ١٠/٢٩٩.
والعيني هو : محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد أبو محمد بدر الدين العيني الحنفي، مؤرخ علامة من كبار المحدثين، ولي القضاء والحسبة، وعكف على التصنيف والتدريس إلى أن توفي في القاهرة سنة (٨٥٥هـ)، وله مؤلفات من أشهرها عمدة القاري في شرح صحيح البخاري.
انظر : بغية الوعاة للسيوطي٢/٢٧٥، الضوء اللامع للسخاوي ١٠/١٣١.

وإلى هذا ذهب المازري(١)، وأبو العباس القرطبي(٢)، وتلميذه القرطبي المفسر(٣)، وابن حجر(٤)، والشوكاني(٥).
قال أبو عبد الله القرطبي :" ولو سلم أن ﴿ أَنَّى ﴾ شاملة للمسالك بحكم عمومها، فهي مخصصة بأحاديث صحيحة ومشهورة رواها عن رسول الله - ﷺ - اثنا عشر صحابياً بمتون مختلفة، كلها متواردة على تحريم وطء النساء في الأدبار "(٦).
وبهذا يندفع ما قد يتوهم من التعارض بين قوله تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ... الآية ﴾ والأحاديث التي تدل على تحريم إتيان النساء في أدبارهن، والله تعالى أعلم.
- - -
٢٢-٢٢- قال تعالى :﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة : ٢٢٩].
موهم التعارض من السنة :
عن ابن عباس - رضي الله عنه -، أن جميلة بنت سلول(٧)
(١) انظر : المعلم بفوائد مسلم ٢/١٠٣.
(٢) انظر : المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٤/١٥٨.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٣/٩٥.
(٤) انظر : فتح الباري ٨/١٩١، ١٩٢.
(٥) انظر : نيل الأوطار ٦/٣٥٤.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ٣/٩٥.
(٧) جميلة هي : جميلة بنت أبي بن سلول، أسلمت وبايعت، كانت تحت حنظلة بن أبي عامر - رضي الله عنه - فقتل عنها يوم أحد، فتزوجها ثابت بن قيس - رضي الله عنه - فكرهته ونشزت، ففرق النبي - ﷺ - بينهما.
انظر : أسد الغابة لابن الأثير ٧/٥٨، الإصابة لابن حجر ٨/٧٠.

قوله تعالى في الآية الكريمة :﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ يقتضي وصف النبي - ﷺ - بعدم الفظاظة والغلظة، والحديث قد يفهم منه وصفه بذلك ؛ لقول النسوة لعمر - رضي الله عنه - :" أنت أفظ وأغلظ من رسول الله - ﷺ - " فالتعبير بصيغة المفاضلة يقتضي الاشتراك في أصل الفعل والوصف(١).
دفع موهم التعارض :
كانت أخلاق النبي - ﷺ - أشرف الأخلاق، وأكرمها وأبرها وأعظمها، فقد قال الله سبحانه وتعالى :﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [ القلم : ٤]، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت :" كان خلق رسول الله - ﷺ - القرآن "(٢)، ومعنى هذا أنه - ﷺ - قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن، ولا يترك إلا ما نهاه عنه القرآن، فصار امتثال أمر ربه خلقاً له وسجية، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين(٣).
(١) وقد أشار إلى ما قد يتوهم من التعارض بين الآية والحديث القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم ٧/٤٠١، والنووي في شرحه لصحيح مسلم ١٥/١٦٥، والطيبي في الكاشف عن حقائق السنن ١٢/٣٨٥٥، والكرماني في شرحه لصحيح البخاري ١٤/٢٢٣، والأبي في إكمال إكمال المعلم ٨/١٩٨، وابن حجر في فتح الباري
٧/٤٧، والعيني في عمدة القاري ١٦/١٩٥، والسيوطي في الديباج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ٥/٣٨١،= =والقسطلاني في شرحه لصحيح البخاري ٦/١٠١، والقاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح١١/١٨٢، وابن عاشور في التحرير والتنوير٣/١٤٦.
(٢) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، رقم (٧٤٦) ١/٥١٣.
(٣) انظر : الفصول في سيرة الرسول - ﷺ - لابن كثير ص ٢٦٤.

والجمع الذي يظهر رجحانه ـ والله أعلم ـ هو ما تقدم ذكره في الوجه الأول من أوجه الجمع، وهو أن حديث عدي - رضي الله عنه - يحمل على ما إذا أكل الجارح من الصيد مباشرة، وحديث أبي ثعلبة يحمل على ما إذا قتله وتركه ثم جاع فعاد فأكل منه.
قال ابن القيم :" فالفرق بين أن يصطاد ليأكل، أو يصطاد ثم يعطف عليه فيأكل منه فرق واضح، فهذا أحسن ما يجمع به بين الحديثين، والله علم "(١).
وأما الوجه الثاني وهو أن حديث عدي محمول على كراهة التنزيه ؛ لأن عدياً كان موسراً، فكما قال ابن حجر :" ولا يخفى ضعف هذا التمسك مع التصريح بالتعليل في الحديث بخوف الإمساك على نفسه "(٢).
وأما الوجه الثالث فلا يخفى تكلفه وبعده، قال النووي :" وهذا تأويل ضعيف، والله أعلم "(٣).
وأما الوجه الرابع ففيه بعد ؛ لقوله في حديث أبي ثعلبة - رضي الله عنه - :" إن أكل منه ؟ قال : وإن أكل منه " ؛ أي نفس الكلب الصائد.
وأما مسلك النسخ فقد رده القرطبي قائلاً :" قال أبو عمر في كتاب الاستذكار : وقد عارض حديث عدي هذا حديث أبي ثعلبة، والظاهر أن حديث أبي ثعلبة ناسخ له، ... قلت : هذا فيه نظر ؛ لأن التاريخ مجهول، والجمع بين الحديثين أولى ما لم يعلم التاريخ، والله أعلم "(٤).
وأما مسلك الترجيح فإنه لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع.
وعلى كل حال فالقول بمسلك الترجيح، لا يقدح في وجه الجمع المختار، كما أن القول بما ترجح من أوجه الجمع لا يعارض مسلك الترجيح، ويتضح ذلك جلياً بعمل الأئمة القائلين بالترجيح، حيث أعمل بعضهم الجمع بين الحديثين، ثم ذكروا عدداً من المرجحات لحديث عدي - رضي الله عنه -، وتقديمه على حديث أبي ثعلبة - رضي الله عنه - كما تقدم.
(١) تهذيب السنن ٨/٥٩.
(٢) فتح الباري ٩/٦٠٢. وانظر : نيل الأوطار للشوكاني ٩/٧.
(٣) المجموع شرح المهذب ٩/١٠٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٦/٧٠.

وقال ابن القيم :" وقد دل القرآن، والسنة المتواترة، وإجماع الصحابة، وأئمة الإسلام، وأهل الحديث عصابة الإسلام، ونزل الإيمان، وخاصة رسول الله - ﷺ - على أن الله سبحانه وتعالى يرى يوم القيامة بالأبصار عياناً، كما يرى القمر ليلة البدر، وكما ترى الشمس في الظهيرة "(١).
كما أجمع أهل السنة والجماعة على أن الله سبحانه وتعالى لا يراه أحد بعينه في الدنيا، باستثناء ما حصل من النزاع في رؤية النبي - ﷺ - لربه تعالى(٢).
(١) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص ٣١٩.
(٢) حكى الإجماع غير واحد من الأئمة كالدارمي في الرد على الجهمية ص ٣٠٦، وابن تيمية في الفتاوى ٣/٣٨٩، ٥/٥١٢، وفي منهاج السنة ٣/٣٤٩، ٣٥٠، وابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية ١/٢٢٢ وغيرهم.
وانظر مسألة رؤية النبي - ﷺ - لربه فيما يلي : الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ص١٩٥-٢٠٢، زاد المعاد لابن القيم ٣/٣٧، وكتاب رؤية النبي - ﷺ - لربه ل. د. محمد التميمي، وأحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض ل. د. سليمان الدبيخي ١/ ٣٠١ -٣٢٥، رؤية الله تعالى ل. د. عبد القادر البحراوي ص ١٩-٢٨.

#qè=دG"s% الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ... ٢٩
¨bخ) عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ "!$#... ٣٦
$pkڑ‰r'¯"tƒ النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ ِNحkِژn=tم... ٧٣... -٣٣٦
'n؟tمur الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ (#qàےدk=نz... ١١٨
ô‰s)s٩ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ... ١٢٨... -٥١٧
سورة يونس
$tB مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ¾دmدRّŒخ)... ٣
tûïد%©#دj٩ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ×oyٹ$tƒخ-ur... ٢٦
قOكgs٩ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي حotچإzFy$#... ٦٤
|MRr'sùr& تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا ڑْüدZدB÷sمB... ٩٩
سورة هود
`tBur يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ ¼çnك‰دمِqtB... ١٧
ڑپد٩؛x‹x.ur أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ îpuHح>"sك... ١٠٢... -٢٠
سورة يوسف
tA$s% اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ زOٹخ=tو... ٥٥
(#r"چyzur لَهُ #Y‰£عك™... ١٠٠
سح_©ùuqs؟ مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي tûüإsخ="¢ء٩$$خ/... ١٠١
سورة الحجر
$¯Rخ) كَفَيْنَاكَ ڑْïدنج"ِktJَ، كJّ٩$#... ٩٥
سورة النحل
(# qè=دJَsu‹د٩ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ OكgtRq=إزمƒ... ٢٥
(#qè=نz÷ٹ$# الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ tbqè=yJ÷ès؟... ٣٢
!$uZّ٩t"Rr&ur إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ ؤ¨$¨Z=د٩... ٤٤... -٦٨
'n؟tمur الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ م@ِ٦s%... ١١٨
سورة الإسراء
(#qكJn=÷ètGد٩ur عَدَدَ السِّنِينَ z>$|، دtّ:$#ur... ١٢
٤س|سs%ur رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا... ٢٣-٢٤
ô‰s)s٩ur فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ #Y'qç/y-... ٥٥
سورة مريم
|M÷zé'¯"tƒ tbrمچ"yd... ٢٨
سورة طه
قيلة بنت مخرمة الغنوية... ٥٦٢
الكرماني = محمد بن يوسف بن علي بن عبد الكريم الكرماني الشافعي
الكسائي = علي بن حمزة بن عبد الله بن عثمان الكسائي
كعب بن عجرة الأنصاري المدني... ٢٧
اللكنوي = محمد بن عبد الحي بن محمد الأنصاري الهندي اللكنوي
المازري = محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي
المالقي = أحمد بن عبد النور بن أحمد بن راشد المالقي
المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري... ٣١
المباركفوري = محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري
محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي... ٦٢
محمد الطاهر بن عاشور... ١٥١
محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي... ٤٨٣
محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري القرطبي... ٣٢
محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري... ٣١
محمد بن أحمد بن سهل السرخسي... ٣٣
محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي... ٣٤
محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي التركماني الدمشقي... ٣٠٩
محمد بن أحمد بن محمد بن جزي الكلبي المالكي الغرناطي... ٢١٨
محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري... ٦٥
محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري البغدادي... ٥٦
محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي الحنبلي... ٥
محمد بن الطيب بن محمد المعروف بالباقلاني... ٥١
محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الأنباري... ٤٥٣
محمد بن خلف بن سعيد بن وهب الأندلسي المري... ٥٦٢
محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي... ٥٧٢
محمد بن عبد الحي بن محمد الأنصاري الهندي اللكنوي... ١٠٤
محمد بن عبد الرؤف بن علي الحدادي المناوي القاهري... ٢٣٣
محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري... ٤٨٣
محمد بن عبد العظيم الزرقاني... ٢١٣
محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي المصري... ٣
محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي الطائفي... ٣٤٠
محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن العربي المالكي... ٣١
محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السواسي... ٣٤
" البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي، تحقيق : محمد المصري، نشر : جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، الطبعة الأولى، ١٤٠٧هـ.
" بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، لأحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي، مطبوع مع الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني، الطبعة الأولى، دار الشهاب، القاهرة.
" بلوغ المرام من أدلة الأحكام، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق : نظر الفاريابي، دار الصميعي، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ.
" البناية في شرح الهداية، لمحمود بن محمد العيني، تصحيح : المولوي محمد عمر، دار الفكر، بيروت، ١٤٠١هـ.
" بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، لعلي بن محمد بن القطان الفاسي، تحقيق : الحسين آيت سعيد، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ.
" تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمد مرتضى الزبيدي، تحقيق : مجموعة من العلماء بإشراف وزارة الأعلام في الكويت.
" تاريخ ابن معين (رواية الدوري)، للإمام أبي زكريا يحيى بن معين، تحقيق : أحمد محمد نور سيف، نشر جامعة أم القرى، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، ١٣٩٩ هـ.
" تاريخ الأمم والملوك، لمحمد بن جرير الطبري، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم، دار سويدان، بيروت.
" التاريخ الكبير، لمحمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق : مصطفى عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢٢هـ.
" تاريخ بغداد، لأحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي، تحقيق : مصطفى عطا، دار الكتب العربية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٧هـ.
" تاريخ دمشق، لعلي بن الحسن بن عساكر، تحقيق : علي الجنوبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٢١هـ.
" تأويل مختلف الحديث لعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، تحقيق : محمد الأصفر، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤١٩هـ.


الصفحة التالية
Icon