وهي الحكمة المقصودة في قوله جل وعلا: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: ١٦٤].
وقد علم أن الكتاب - في الآية الكريمة - هو القرآن الكريم - فما الحكمة ؟ والجواب لن تكون الحكمة إلا السنة كما قال أبو السعود(١) في تفسيره وسبقه إلى تقرير ذلك الشافعي - رحمه الله تعالى - وهو يستقصي بيان أنواع السنة للقرآن الكريم(٢).
حتى قال: سمعت من أرضى أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله - ﷺ - فلم يجز أن يقال الحكمة هنا إلا سنة رسول الله - ﷺ - وذلك أنها مقرونة مع الكتاب وأن الله افترض طاعة رسوله وحتم على الناس اتباع أمره(٣).
قال الرازي:" والمتأمل لمهمة رسول الله - ﷺ - كما صورتها الآية يرى أنها تقع في ثلاث حلقات:-
الأولى: قراءته للآيات القرآنية وتبليغ لها.
الثانية: تزكيته للنفوس وتطهيرها.
الثالثة: تعليم الكتاب والحكمة.(٤)
... انظر: التاج المكلل (ص ٣٨٠) رقم (٤٠٠)، وكشف الظنون (١/٦٥، ٤٣٤).
(٢) انظر إرشاد العقل السليم لأبي السعود (١/٤٤١)، والرسالة للشافعي (٣٢ - ٧٨).
(٣) الرسالة (٧٨).
(٤) مفاتيح الغيب للرازي (٩/٨٠)، وروح المعاني للآلوسي (٤/١٤).