لأن العمل بالأرجح متعين عقلاً وشرعاً وقد عملت الصحابة بالترجيح مجمعين عليه والترجيح دأب العقل والشرع(١).
رابعاً: شروطه:-
أقام الأصوليون شروطا للترجيح لابد ّمنها - أهمها ما يلي:-
١- أن يكون الترجيح بين الأدلة - أما الدعاوى فلا يدخلها الترجيح - لأنها دعاوى محضة تحتاج إلى دليل والترجيح بيان اختصاص الدليل بمزيد قوة فليس هو دليلا وإنما هو قوة في الدليل(٢).
٢- أن تكون الأدلة قابلة للتعارض في الظاهر - وذلك بحيث لا تكون أدلة قطعية - لأنه لا مجال للترجيح في القطعيات فهو عبارة عن تقوية أحد الطرفين على الآخر كي يغلب على الظن صحته والأخبار المتواترة مقطوع بها فلا يفيد الترجيح فيها شيئاً(٣).
٣- أن يكون الدليلان متساويين في الحجية فلا يكون أحدهما ضعيف السند أو آحاداً غريباً ونحو ذلك - فلا يعتبر الترجيح صحيحاً ولا يصار إليه أصلاً.
٤- أن لا يكون أحدهما ناسخاً للآخر إذا تعارض نصان على الشرط الذي ذكرناه وتأرخا فالمتأخر ينسخ المتقدم وليس ذلك من مواقع الترجيح(٤).
٥- أن لا يصار إلى الترجيح إلا بعد عدم إمكان الجمع بين الدليلين لأن العمل بهما أولى من إهمال أحدهما(٥).
قال ابن حجر: "والترجيح لايصار إليه مع إمكان الجمع"(٦).
وهناك شروط أخرى لكنها لا تخلو من التعقب والنقد - ولذا آثرنا عدم ذكرها خشية الإطناب.
*... *... *
المطلب الرابع: مسلك التوقف
أولاً: تعريفه لغة:

(١) انظر: شرح الكوكب المنير (٣/١١٥)، والتقرير والتحبير (٥/٣٢).
(٢) انظر: البحر المحيط للزركشي (٧/٤٢٢).
(٣) انظر: البحر المحيط للزركشي (٧/ ٤٢٣)، والإحكام للآمدي (٤ / ٢٤١).
(٤) انظر: البرهان في أصول الفقه للجويني (٢/٧٥٢).
(٥) انظر: الإحكام للآمدي (٤/٢٦٠)، والمحصول للرازي (٥/ ٤٠٦ -٤٠٧).
(٦) انظر: فتح الباري (١/ ٢٧٧، ٤ / ٣٣٠).


الصفحة التالية
Icon