وبقوله - ﷺ - :(أعظم الناس جرماً في الإسلام من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته) (١).
استدراك هام: اتفق العلماء على أن التعارض لا يكون في الحقيقة والواقع وإنما هو في الظاهر المتوهم لأسباب تتعلق بالنص من جهة كالنسخ والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد- وبالناظر المجتهد كالجمع والترجيح والتوقف ومدى إلمامه بطرق الحديث ومعرفة رجاله وأحوالهم من جهة أخرى. واتفق العلماء أيضا على أن الترجيح عند التعارض لا يدخل في المقطوع به الذي يفيد العلم اليقيني وإنما قد يدخل الظنيات.
قال الآمدي: "أما القطعي فلا ترجيح فيه لأن الترجيح لابد وأن يكون موجبا لتقوية أحد الطريقين المتعارضين على الآخر - والمعلوم المقطوع به غير قابل للزيادة والنقصان فلا يطلب فيه الترجيح ولأن الترجيح إنما يكون بين متعارضين وذلك غير متصور في القطعي - لأنه إما أن يعارضه قطعي أو ظني.
الأول: محال لأنه يلزم منه إما العمل بهما وهو جمع بين النقيضين في الإثبات، أو امتناع العمل بهما وهو جمع بين النقيضين في النفي، أو العمل بأحدهما دون الآخر ولا أولوية مع التساوي.
والثاني: - أي الظني - أيضا محال لامتناع ترجح الظني على القاطع وامتناع طلب الترجيح في القاطع. كيف وإن الدليل القاطع لا يكون في مقابلته دليل صحيح فلم يبق سوى الطرق الظنية"(٢). لذا لا يصطدم دليل من القرآن مع نص ٍصحيح ٍمن السنة النبوية - وإلا طُلِب َالجمع ُأو النسخ ُأو الترجيح ُ وعلى سبيل الافتراض يطلبُ التوقفُ، من هنا كان لزاماً ًعلينا أن نضيف مسلكا ًخامسا ًإلى هذه المسالك الأربعة المتقدمة يسمى مسلك "الرد ّ ": ليكون مطلباً خامساً.
المطلب الخامس: مسلك الرد
(٢) انظر: الإحكام للآمدي (٤/٢٤١-٢٤٢)، وانظر: الإحكام لابن حزم (٨/١١٦٨-١١٦٩).