ما روي عن ابن عباس، قال: سأله رجل عن أكل الفرس، وقال وكيع: عن أكل الخيل فقرأ هذه الآية: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ﴾، قال فكرهها (١).
وأما المعقول فمن وجوه:
أحدها: أنه تبارك وتعالى لم يقل: لتأكلوها، فيكره أكلها.
ثانيها: أن الله تبارك وتعالى ذكر الأنعام ومنافعها، وبالغ في ذلك، بقوله: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾.
ثالثها: ذكر في هذه الآية أنه سبحانه وتعالى خلق الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة فذكر منفعة الركوب والزينة، ولم يذكر سبحانه وتعالى منفعة الأكل، فدل أنه ليس فيها منفعة أخرى سوى ما ذكر....
رابعها: وقوله عز وجل: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾، (ولحم الخيل ليس بطيب، بل هو خبيث؛ لأن الطباع السليمة لا تستطيبه، بل تستخبثه، حتى لا تجد أحداً تُرك بطبعه إلا ويستخبثه، وينقَّي طبعه عن أكله، وإنما يرغبون في ركوبه إلا يرغب طبعه فيما كان مجبولاً عليه، وبه تبين أن الشرع إنما جاء بإحلال ما هو مستطاب في الطبع لا بما هو مستخبث؛ ولهذا لم يجعل المستخبث في الطبع غذاء اليُسر وإنما جعل ما هو مستطاب بلغ في الطيب غايته (٢).
خامسها: أن ما خلقت للركوب والزينة لا تؤكل (٣).
وأجيب على ذلك بما يلى:
أولاً: الكتاب: سيأتي الرد والإجابة على أدلتهم من الكتاب بالتفصيل في المعقول.

(١) أخرجه ابن أبي شبيه في كتاب: الأطعمة، باب: ما قالوا في أكل لحوم الخيل (٥/١١٩-١٢٠، ٢٤٣١٨) وضعف إسناده ابن حجر في فتح الباري (٩/٦٥٢).
(٢) بدائع الصنائع (٥/٣٨)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (١٠/٧٦-٧٧)
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١٠/٧٧)، بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon