ثانياً: السنة: فالأحاديث التي استدلوا بها ضعيفة (١)، فلو صحت لكانت نصاً في تحريم الخيل، ولكن لا تقاوم ما ثبت في الصحيحين (٢).
قال ابن حزم: (هذا كل ما شَغَّبوا به، فأما الأخبار فلا يُحتج بشيء منها: أما حديث صالح بن يحيى بن المقدام(٣) بن معد يكرب فهالك؛ لأنهم مجهولون كلهم؛ ثم فيه دليل الوضع؛ لأن فيه عن خالد بن الوليد قال: غزوت مع النبي - ﷺ - خيبر. وهذا باطل لأنه لم يسلم خالد إلا بعد خيبر بلا خلاف)(٤).
ثانياً: الآثار: أن ما نُقل عن ابن عباس من كراهتها. مما أخرجه ابن أبي شيبه وعبد الرزاق بسندين ضعيفين، ويدل على ضعف ذلك، أنه استدل لإباحة الحمر الأهلية بقوله تعالى: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ﴾ (٥).
ثالثاً: المعقول: فقد اعترض على كلامهم من وجوه أيضاً:
أولها: أنه لو كان في قوله تعالى ذكره: ﴿ لِتَرْكَبُوهَا ﴾ دلالة على أنها لا تصلح- إذ كانت للركوب - للأكل لكان في قوله: ﴿ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ دلالة على أنهها لا تصلح إذ كانت للأكل والدفء للركوب، وفي إجماع الجميع جائز (٦).

(١) سبق تخريجها والكلام عليها.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٨/٢٩٤- ٢٩٥).
(٣) صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب الكندي الشامي، لين من السادسة، وفي صالح بن يحيى بن المقدام كلام قريب لا يقدح.
... انظر: التقريب (ص ٤٤٩) رقم (٢٩١٠)، وضعيف الترغيب والترهيب للمنذري والألباني رقم (١٣١٤).
(٤) المحلى (٧/٤٠٨).
(٥) فتح الباري (٩/٦٥٢).
(٦) تفسير الطبري (٧/٥٦٣)، وزاد المسير (٤/٤٣١) بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon