وقال القرطبي: وقال في الخيل: ﴿ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾ ؛ فذكر أغلب منافعها والمقصود منها، ولم يذكر حمل الأثقال عليها؛ فلذلك لم يذكر الأكل، ولا يلزم من كونها خلقت للركوب والزينة ألاّ تؤكل. فيلزم من علّل أن الخيل لا تؤكل؛ لأنها خلقت للركوب ألا تؤكل البقر؛ لأنها خلقت للحرث (١).
والجواب:
قال ابن حجر: على سبيل الإجمال: أن آية النحل مكية اتفاقاً، والإذن في أكل الخيل بعد الهجرة من مكة بأكثر من ست سنين، فلو فهم النبي - ﷺ - من الآية المنع لما أذن في الأكل.
وأيضاً فآية النحل ليست نصاً في منع الأكل، والحديث صريح في جوازه.
وأيضاُ على سبيل التنزل فإنما يدل ما ذكر على ترك الأكل، والترك أعم من أن يكون للتحريم، أو للتنزيه أو خلاف الأولى، وإذا لم يتعين واحد منها بقى التمسك بالأدلة المصرّحة بالجواز.
وعلى سبيل التفصيل، أما أولاً: فلو سلمنا أن اللام للتعليل لم نسلم إفادة الحصر في الركوب والزينة، فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقاً، وإنما ذكر الركوب والزينة لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل، ونظيره حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث، فإنه مع كونه أصرح في الحصر لم يقصد به الأغلب، وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقاً.
وأيضاً فلو سلم الاستدلال للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير، ولا قائل به.
وأما ثانياً: فدلالة العطف إنما هي دلالة اقتران، وهي ضعيفة.

(١) الجامع لأحكام القرآن (١٠/٧٧)، وزاد المسير مختصراً.


الصفحة التالية
Icon