وأما ثالثاً: فالامتنان إنما قصد به غالباً ما كان يقع به انتفاعهم بالخيل فخوطبوا بما ألفوا وعرفوا، ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل لعزتها في بلادهم، بخلاف الأنعام فإن أكثر انتفاعهم بها كان لحمل الأثقال وللأكل فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به، فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشق للزم مثله في الشق الآخر.
وأما رابعاً: فلو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى للزم مثله في البقر وغيرها مما أبيح أكله ووقع الامتنان بمنفعة له أخرى، والله أعلم (١).
قال ابن حزم: وأما الآية فلا ذكر فيها للأكل للإباحة ولا بالتحريم، فلا حجة لهم فيها ولا ذكر فيها أيضاً البيع فينبغي أن يحرموه؛ لأنه لم يذكر في الآية، وإباحة النبي - ﷺ - لها حاكم على كل شيء؛..... وأما فُتيا العلماء بأكل الفرس فتكاد أن تكون إجماعاً على ما ذكرنا قبل، وما نعلم عن أحد من السلف كراهة أكل لحوم الخيل إلا رواية عن ابن عباس لا تصح؛ لأنها عن مولى نافع بن علقمة وهو مجهول لم يذكر اسمه فلا يُدرى من هو(٢).
دفع إيهام التعارض بين ظاهر الآية والحديث:
مسالك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض بين ظاهر الآية والأحاديث:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض بين ظاهر الآية والأحاديث مسلك الترجيح:

(١) فتح الباري (٩/٦٥٢- ٦٥٣).
(٢) المحلى (٧/٤٠٨- ٤٠٩).


الصفحة التالية
Icon