فإذا أخذت في قراءته فاستعذ بالله من أن يعرض لك الشيطان فيصدك عن تدبره والعمل بما فيه، وليس يريد استعذ بعد القراءة؛ بل هو كقولك: إذا أكلت: فقل بسم الله. أي: إذا أردت أن تأكل.....
قال الكيا الطبري(١): ونُقل عن بعض السلف التعوذ بعد القراءة مطلقاً احتجاجاً بقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ ولا شك أن ظاهر ذلك يقتضي أن تكون الاستعاذة بعد القراءة؛ كقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا ﴾. إلا أن غيره محتمل، مثل قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾. وليس المراد به أن يسألها من وراء حجاب بعد سؤال متقدم، ومثله قول القائل: إذا قلت فاصدق، وإذا أحرمت فاغتسل يعني: قبل الإحرام. والمعني في جميع ذلك: إذا أردت ذلك فكذلك الاستعاذة (٢). ا هـ
قال ابن العربي: (انتهى العيُّ بقوم إلى أن قالوا: إن القارئ إذا فرغ من قراءة القرآن حينئذ يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم).
... انظر: سير أعلام النبلاء (١٩/٣٥٠ - ٣٥١) رقم (٢٠٧)، وتاريخ مدينة دمشق (١٦/٤٤٩) رقم (١٩٨٣)، والتاج المكلل (ص ٧١ - ٧٢)، رقم (٥٧).
(٢) تفسير القرطبي (١٠/١٧٤-١٧٥).