وقال العلماء: إذا أراد قراءة القرآن تعوذ بالله، وتأولوا ظاهر: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ ﴾ على أنه إذا أردت، كما قال: ﴿ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ﴾ معناه: إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وكقوله: إذا أكلت فسم الله، معناه: إذا أردت الأكل.
وحقيقة القول فيه أن قول القائل: (فعل) يحتمل ابتدأ الفعل، ويحتمل تماديه في الفعل، ويحتمل تمامه للفعل.
وحقيقته: تمام الفعل وفراغه عندنا، وعند قوم أن حقيقته: كان في الفعل، والذي رأيناه أولى؛ لأن بناء الماضي هو فعل كما أن بناء الحال هو يفعل، وهو بناء المستقبل بعينه ويخلصه للحال تعقيبه بقولك: الآن، ويخلصه للاستقبال قولك: سيفعل، هذا منتهى الحقيقة فيه.
وإذا قلنا: قرأ. بمعنى: أراد، كان مجازاً، ووجدناه مستعملاً، وله مثال فحملناه عليه.
والفائدة في الاستعاذة من الشيطان وقت القراءة هي امتثال الأمر وليس للشرعيات فائدة إلا القيام بحق الوفاء في امتثالها أمراً، أو اجتنابها نهياً.
وقد قيل فائدتها: الاستعاذة من وساوس الشيطان عند القراءة، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي ¾دmدG¨ دّBé& ﴾.) (١) ا. هـ
قال ابن عطية: (الفاء في: ﴿ فَإِذَا ﴾ واصلة بين الكلامين، والعرب تستعملها في مثل هذا، وتقدير الآية: فإذا أخذت في قراءة القرآن، كما قال تعالى: ﴿ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ِ ﴾، وكما تقول لرجل: إذا أكلت فقل: بسم الله (٢). ا. هـ

(١) أحكام القرآن (٣/١١٧٥).
(٢) المحرر الوجيز (٨/٥٠٧).


الصفحة التالية
Icon