قال الطاهر ابن عاشور: قال شرف الدين الطيبي(١): قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ ﴾ متصل بالفاء بما سبق من قوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ وذلك لأنه تعالى لما من على النبي - ﷺ - بإنزال كتاب جامع لصفات الكمال، وأنه تبيان لكل شيء، ونبه على أنه تبيان لكل شيء، بالكلمة الجامعة وهي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ا ﴾ وعطف عليه ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ﴾ وأكّده ذلك التأكيد، قال بعد ذلك ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ ﴾ أي إذا شرعت في قراءة هذا الكتاب الشريف الجامع الذي نُبّهتَ على بعض ما اشتمل عليه، ونازعك فيه الشيطان بهمزه ونفثه فاستعذ بالله منه، والمقصود إرشاد الأمة.
وهذا أحسن الوجوه،.... وإظهار اسم ﴿ الْقُرْآَنَ ﴾ دون أن يضمر للكتاب لأجل بعد المعاد... والسين في: ﴿ فَاسْتَعِذْ ﴾ للطلب. أي فاطلب العوذ بالله من الشيطان اللعين والعوذ: اللجأ إلى ما يعصم ويقي من أمرٍ مُضرٍّ)(٢). ا. هـ
قال القرطبي: (أمر الله تعالى بالاستعاذة عند أول كل قراءة، فقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾، أي إذا أردت أن تقرأ؛ فأوقع الماضي موقع المستقبل، كما قال الشاعر:
... انظر: التاج المكلل (ص ٣٧٧ - ٣٧٨) رقم (٣٩٦).
(٢) التحرير والتنوير (١٤/ ٢٧٤-٢٧٥).