وإني لآتيكم لذكرى الذي مضى من الود واستئناف ماكان في غد(١)
أراد ما يكون في غد؛ وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، وأن كل فعلين تقاربا في المعنى جاز تقديم أيهما شئت، كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾، المعنى: فتدلى ثم دنا ومثله:
﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾. هو كثير)(٢). ا هـ
ثانياً: شرح الحديث:
قال المباركفوري: قوله: (ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك)، قال ابن الملك: سبحان، اسم أقيم مقام المصدر، وهو التسبيح، منصوب بفعل مضمر تقديره: أسبحك تسبيحاً، أي: أنزهك تنزيهاً من كل السّوء والنقائص، وقيل: تقديره: أسبحك تسبيحاً ملتبساً ومقترناً بحمدك، فالباء للملابسة والواو زائدة، وقيل: الواو بمعنى: (مع) أي: أسبحك مع التلبس بحمدك، وحاصله: نفي الصفات السلبية وإثبات النعوت الثبوتية، (وتبارك اسمك) أي: كثرت بركة اسمك، إذ وجد كل خير من ذكر اسمك وقيل: تعاظم ذاتك، أو هو على حقيقته؛ لأن التعاظم إذا ثبت لأسمائه تعالى فأولى لذاته. ونظيره: قوله تعالى: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ (وتعالى جدك). قال مَيْرَكُ: تعالى: تفاعل، من العلو أي: علا ورفع عظمتك على عظمة غيرك غاية العلوّ والرفع وقال ابن حجر: أي تعالى غناؤك عن أن يُنقصه إنفاق، أو يحتاج إلى معين ونصير، (ثم يقول: الله أكبر) بالسكون ويُضمّ، قاله القاري، كبيراً، حال مؤكدة، وقيل: منصوب على القطع من اسم الله، وقيل بإضمار أكبر، وقيل: صفة لمحذوف أي تكبيراً كبيراً.
(من همزة) بدل اشتمال، أي: وسوسته (ونفخه) أي: كبره المؤدي إلى كفره (ونفثه) أي: سحره. قال الطيببي: النفخ كناية عن الكبر كأن الشيطان ينفخ فيه بالوسوسة فيُعظِّمه في عينه ويحقر الناس عنده، والنفث عبارة عن الشعر؛ لأنه ينفثه الإنسان من فيه كالرقية انتهى. وقيل: (من نفخه).
(١) البيت للطرماح بن حكيم كما في لسان العرب (١٣/٣٦٨).
(٢) تفسير القرطبي (١/٧٥).


الصفحة التالية
Icon