وخالف ذلك أبو حنيفة (١) ومالك (٢)؛ وذلك لظاهر الحديث الشريف (أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) (٣).
وأجاب ابن حزم على المستدلين بالحديث السابق وغيره (بقوله: ما نعلم لهم حجة؛ غير ما ذكرنا، وكل هذا لا شيء)(٤).
وأجاب أيضاً معللاً ذلك بقوله: (ثم لو صحت لما كان فيها حجة؛ لأن نّصها: لا تخن من خانك، وأد الأمانة إلى من ائتمنك، وليس انتصاف المرء من حقه خيانة، بل هو حق واجب وإنكار منكر، وإنما الخيانة أن تخون بالظلم والباطل من لا حق لك عنده، لا من افترض الله تعالى عليه أن يخرج إليك من حقك، أو من مثله إن عدم حقك وليس رد المظلمة أداء أمانة بل هو عون على الخيانة، ثم لا حجة في هذه الأخبار إلا لمن منع من الانتصاف جملة، وأما من قَسَّم فأباح أخذ ما وجد من نوع ماله فقط فمخالف لهذه الآثار ولغيرها، وبالله تعالى التوفيق)(٥).
وردَّ الشنقيطي على من استدل بهذا الحديث؛ بأن هذا الحديث على فرض صحته لا ينهض الاستدلال به؛ لأن من أخذ قدر حقه، لم يزد عليه لم يخن من خانه، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه (٦).
" دفع إيهام التعارض بين ظاهر الآية والحديث:
" مسالك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض بين ظاهر الآية والحديث: مسلك الجمع وذلك من وجهين:
(٢) المدونة الكبرى (٤/٣٥٩).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) المحلى (٨/١٨٢).
(٥) المرجع السابق.
(٦) أضواء البيان (٣/ ٣٨٨).