الوجه الثاني: على افتراض أن الآية الكريمة ﴿ فَعَاقِبُوا ٠٠٠ ﴾ تبينها وتوضحها وتحكمها الآية التالية لها- ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ الآية أي: الأخذ بالعفو، فإن الحديث ظاهر يدل على عدم خيانة من خانك، وهو قول بعض العلماء. فمادام الحديث يشير إلى العفو والصفح، والآية تشير إلى ذلك. إذن فلا تعارض بينهما على الإطلاق.
* الخلاصة:
أن أخذ الإنسان بحقه دون زيادة؛ هو عين الإنصاف، ولا يعد خائناً بذلك؛ وذلك للآية الكريمة؛ ولحديث أنس الثابت في ((الصحيحين)).
فلا تعارض إذن بين الآية الكريمة، والحديث الشريف؛ وذلك لما قدمناه من شرح للحديث والكلام حوله وتفسير الآية، ولما قيل آنفاً.
*... *... *
مسألة: تحميل العاقلة دية القتيل
سورة الإسراء (الموضع الأول)
قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الاسراء: ١٥]
" الحديث الذي يوهم ظاهره التعارض مع الآية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - ﷺ - قضى في جنين امراة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله - ﷺ - أن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها.
وعنه أيضاً أنه قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي - ﷺ - فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى أن دية المرأة على عاقلتها (١).
" وجه إيهام التعارض بين الآية والحديث:

(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الديات باب: جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبته لا على الولد (٦٩٠٩)، ومسلم في كتاب: القسامة باب: دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجانى (٣/١٣٠٩، ١٦٨١).


الصفحة التالية
Icon