نعم فإن الآية تتحدث عن أصل وهو: أنه لا تحمل نفس من ذنوب نفس أخرى شيئاً وأما إن كانت قد أضلت غيرها فإنها تحمل نتيجة هذا الإضلال - لأن هذا الإضلال هو عملها وكسبها الذي اقترفته فلا يكون فيه مندوحة للقول بأن ذلك مخالف للعدل الإلهي بل هو العدل نفسه صيانة للأنفس عن الضلال والإضلال كما ورد في حديث ابن آدم (١)
وما يمكن أن يقال هنا هو نفس ما قيل عند تعرضنا لحديث المفلس - مع نفس هذه الآية - في المسألة الأولى - لأن المفلس إنما أفلس نفسه بيده نتيجة أعماله لا لوقوع أعمال غيره عليه - وهنا كذلك فالمبتدع السانّ لغيره والفاتح لهم طريق الضلال سيحمل يوم يحاسب من ربه ضلاله هذا وما ترتب عليه وهو أوزار الذين سلكوا خلفه هذا السنَن واتبعوا وراءه هذا الطريق - وفي الحديث حمل بطريق فيه ترغيب وترهيب - على الحفاظ على وحدة الأمة وتماسك أفرادها ليس على مستوى الجيل الواحد بل على مستوى الأجيال المتعددة - لأن كلا لو عرف مدى المسؤلية الملقاة على عاتقه من خلال حركاته وسكناته - وأنه قد ينظر غيره إلى أفعاله ولو على جهة التقليد حتى بعد مماته - لاحترم الجميع التشريع الالهي في قوله: افعل كذا ولا تفعل كذا وبهذا يتضح الفرق بين التحقيق والتقليد.
- قال تعالى: ﴿ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾ [الحجرات: ١١].
- لو علم الفساق ماذا يكون عليهم من جراء آثام من يتبعونهم إثر جرِّهم إياهم إلى الفسق وحملهم لهم على التمادي فيه - لتخلوا عنه ولما تمسكوا به.