قال د/ مهنّا: " وربّ سائل يسأل: كيف والحق تعالى يقول: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ نقول: إن الآية تتحدث عن أصل من أصول العقيدة - وهو حكم من أحكام العدل الإلهي يحمل الإنسان على الطمأنينة على أفعاله والرهبة من شذوذها في غير الحق والخير قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾.
فآية الإسراء تنبه على أصل موجود وهو حالة الإنسان الذي تعدت أفعاله حد الثواب بل وأصابت غيره من أفراد المجتمع الذي يعيش فيه بالضرر فلابد أن يجازى بها ويحاسب على تفريطه في أحكامها حتى تخرج نقية صالحة ولا تعارض في ذلك بين هذه الآية وحديث: (من سنّ في الاسلام سنة....) الحديث لما ذكرنا.
- لذا سميت النفس بالوازرة وهو اسم فاعل من وزر يزر فهو وازر- وهوالذنب أو الإثم - ويمكننا أن نقول بأنه خرج من عموم الآية النفس الطاهرة النقية التي لا وزر عليها". ا. هـ(١)
* ومن نعمة الله سبحانه وتعالى وتفضله على بنى آدم أمران هما أصل السعادة:
أحدهما: أن كل مولود يولد على الفطرة كما في "الصحيح" - فالنفس بفطرتها لو تركت كانت محبة لله تعبده ولا تشرك به شيئاً ولكن يفسدها من يزين لها من شياطين الإنس والجن.
ثانيهما: أن الله تعالى هدى الناس هداية عامة بما جعل فيهم من العقل وبما أنزل إليهم من الكتب وأرسل إليهم من الرسل قال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: ١ -٥]
فالداعي إلى الهدى وإلى الضلالة هو طالب مريد كامل الطلب والإرادة لما دعا إليه - لكن قدرته بالدعاء والأمر وقدرة الفاعل بالاتباع والقبول.