والداعى إلى الهدى أو الضلالة لماكانت إرادته جازمة كاملة في هدي الأتباع وضلالهم- وأتى من الإعانة على ذلك بما يقدرعليه كان بمنزلة العامل الكامل فله من الجزاء مثل جزاء كل من اتبعه ا. هـ(١)
ثانياً: أن الوزر المذكور في الآية والذى في الحديث هما بمعنى واحد غير أن في الحديث زيادة تفصيل لما أجمل في الآية الكريمة وهو بيان حمل تبعة الإضلال وفعل المضلين في استنان طرق البدع المختلفة.
ثالثاً: قال بعض العلماء: "إن الله تعالى خلق لكل عبد قدرة وإرادة للأفعال المختلفة فإن وجد الفعل بعد القدرة عليه كانت هذه الإرادة إرادة جازمة وإن لم يجد مع القدرة عليه لم تكن هذه الإرادة جازمة - والارادة الجازمة إذا فعل معها الإنسان ما يقدرعليه كان في الشرع بمنزلة الفاعل التامّ وله ثواب الفاعل التام وعقاب الفاعل التام الذي فعل جميع الفعل المراد حتى يثاب ويعاقب على ما هو خارج عن محل قدرته مثل المشتركين والمتعاونين على أفعال البر - ومنها ما يتولد عن فعل الإنسان كالداعي إلى هدى أو إلى ضلالة والسانّ سنة حسنة وسنة سيئة ا. هـ(٢).
رابعاً: أن الحديث المذكور (ومن سنّ سنّة سيئة.....) الحديث قد يرجح الرأي القائل في تفسير: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ بأن ذلك يكون يوم القيامة لا في الدنيا أما في الدنيا فإنه قد يحمل زيد وزر عمرو- ولا وجه لذلك حيث إن ما يقال له تحمل أوزار الآخرين في الدنيا بعضهم بعضاً إنما هو من قبيل التعاون والمواساة وليس من قبيل حمل التبعات والأوزار قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: ٢]

(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٠/٧٢٣-٧٢٤) بتصرف يسير.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٠/٧٢٢-٧٢٣ ).


الصفحة التالية
Icon