خامساً: الكلام هنا على التعارض بين ظاهر هذه الآية وهذا الحديث يشبه التعارض بين نفس الآية وحديث (لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سنّ القتل) (١) وحينئذٍ يردّ هذا التعارض بنفس ما رددنا به ههنا.
* الخلاصة:
أنه لا تعارض بين ظاهر الآية والحديث لما سبق بيانه من وجوه الجمع السابقة والله تعالى أعلم.
*... *... *
مسألة: تعذيب الميت ببكاء أهله عليه
سورة الإسراء (الموضع الثالث)
قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الإسراء: ١٥].
" الحديث الذي يوهم ظاهره التعارض مع الآية:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما - أن رسول الله - ﷺ - قال: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) (٢).
" وجه إيهام التعارض:
ظاهر الآية أن كل امرئ مرهون بعمله فلا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى - قال الطبري - رحمه الله -عند تفسيره الآية: "قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ يعني تعالى ذكره: ولا تحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الآثام " إلى أن قال: " كما حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ - والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره ولا يؤاخذه إلا بعمله ". (٣)
بينما ظاهر الحديث أن بكاء أهل الميت عليه سبب في تعذيبه.
" الدراسة:
دفع إيهام التعارض:
مسالك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض:
لقد سلك العلماء لدفع إيهام ذلك التعارض بين ظاهر الآية والحديث مسلك الجمع:
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الجنائز باب: قول النبي - ﷺ - (يعذب الميت ببكاء أهله عليه) إذا كان النوح من سنته (١٢٨٦). وفي كتاب: الجنائز - باب: البكاء عند المريض (١٣٠٤)، ومسلم في صحيحه كتاب: الجنائز باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه (٢ /٦٣٨، ٩٢٧ - ٩٢٨)
(٣) تفسير الطبري (١٥ / ٥٤، ٢٧ / ٧٢ - ٧٣).