قال ابن حجر - رحمه الله - في الفتح: " وقد اختلف العلماء في مسألة تعذيب الميت بالبكاء عليه: فمنهم من حمله على ظاهره وهو بين من قصة عمر مع صهيب " إلى أن قال: " ويحتمل أن يكون عمر كان يرى أن المؤاخذة تقع على الميت إذا كان قادراً على النهي ولم يقع منه، فلذلك بادر إلى نهي صهيب وكذلك نهى حفصة كما رواه مسلم من طريق نافع عن ابن عمر عنه، وممن أخذ بظاهره أيضاً: عبد الله بن عمر فروى عبد الرزّاق من طريقه أنه- يعني ابن عمر- رضي الله عنهما- شهد جنازة رافع بن خديج فقال لأهله: إن رافعاً شيخ كبير لا طاقة له بالعذاب وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ". ا. هـ (١).
قال الحافظ في الفتح: " وهذه التأويلات عن عائشة رضي الله عنها - يعني لما سمعت خبر عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما- فقالت مرة إنه لم يحدث كذباً ومرة قالت: إن رسول الله - ﷺ - قال ذلك في الكافر.. هذه التأويلات متخالفة وفيه إشعار بأنها لم ترد الحديث - يعني قوله - ﷺ - (إن الميت ليعذب ببكاء أهله) بحديث آخر بل بما استشعرته من معارضة القرآن، وهذا منها اجتهاد والمجتهد يصيب ويخطئ فلا يحمل ذلك على تعارض القرآن للسنة فان كل منهما جاء ليصدق الآخر". ا. هـ(٢).
(٢) فتح الباري لابن حجر (٣/١٥٥)، وفيض القدير (٢/٣٩٧، ٦/ ٢١٦) بتصرف.