* أن لفظ الآية قد يراد منه الخصوص وهو الرد لما كانت تفعله الجاهلية من مؤاخذة القريب بذنب قريبه، ولفظ الحديث قد أخذ نفس هذه الخصوصية لكنها في ناحية أخرى وهي الكلام على المفلس أو من هو على شاكلته فيكون بين الآية والحديث تباين من هذه الناحية فاتضح بذلك من خلال كلام العلماء - رحمهم الله - أنه لا تعارض بين الآية والحديث غاية ما في الأمر أن الآية تتحدث عن قاعدة عامة فالأصل أنه لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى إذا راعت هذه النفس قاعدة افعل ولا تفعل أما في حالة عدم مراعاتها لذلك كما حدث من المفلس وغيره فإن المسألة تختلف فإن مافعله هو الذي أحاط به وهذا ما يفهم سريعا من خلال لفظ المفلس وهو اسم فاعل يدل على أن سبب التسمية بهذا الاسم هو فعل المرء نفسه ومن هنا سيعاقب بجريرته وما اكتسبته جوارحه وهو ما جاء به الحديث الشريف ومن الممكن أن تصح دعوى التعارض لو حمّل هذا المرء ذنوب غيره بدون وجه حق وهذا ما لا يكون في جانب عدل الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: ٤٩].
وعليه فلا تعارض ظاهر الآية والحديث، والله تعالى أعلم.
*... *... *
مسألة: أسباب اكتساب الأجر
سورة الإسراء (الموضع الخامس)
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الإسراء: ١٥].
" الحديث الذي يوهم ظاهره التعارض مع الآية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ - (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقةٍ جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له)(١).
" وجه موهم التعارُض:
الآية الكريمة ظاهرها: أن الإنسان لا يحصل من الأجر إلا ما كسبه هو لنفسه بينما الحديث نصَّ على أن الإنسان يحصل من الأجر بعد موته بالصدقة الجارية، أو العلم النافع أو الولد الصالح.
" الدراسة:

(١) أخرجه مسلم في كتاب: الوصية، باب: ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (١٦٣١).


الصفحة التالية
Icon