أولاً: تفسير الآية: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾.
قال الحافظ ابن كثير:
أي: كل نفس ظلمت نفسها بكفرٍ أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾، ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ أي كما لا يُحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه.....
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (إذا مات الإنسان...) فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكدّه وعمله.
كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه)(١).
والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ ﴾ الآية والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده، هو أيضاً من سعيه وعمله. وثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة (من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا)(٢) " ا. هـ (٣).
قال ابن القيم - رحمه الله -:
(٢) أخرجه مسلم في كتاب: العلم، باب: من سن سنة حسنه أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة (٢٦٧٤).
(٣) تفسير ابن كثير (١٣/٢٧٩- ٢٨٠).