٤- الوجه الرابع: وقد سلك فيها بعض شرّاح الحديث و علماء اللغة مسلك التأويل بالنسبة للحديث فقالوا: وقد تؤول الوائدة بالقابلة - لرضاها به - وتؤول الموؤدة - بالموؤدة لها - أى أمّ البنت - فحذفت الصلة. بهذا الكلام جزم صاحب "عون المعبود" - وكذلك صاحب "المرقاة" - كما ذكر هو عنه ا. هـ(١) -- هذا وقد ذهب بعض الشرّاح إلى تأويل لفظة - رسولاً - في الآية إلى أنه العقل وقالوا: لذا رفع التكليف عن المعاتيه والبله والمجانين، ويدخل في حكمهم دخولاً أولياً: الصبى الذي مات ولم يبلغ الحنث (٢).
** وردّ هذا الرأى بأنه مخالف لصريح الآية علاوة على أنه لا دليل على تخصيص الرسول بالعقل من اللغة لأن الكلام لايصرف من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة ولا قرينة هنا - وكذلك لا دليل عليه من القرآن أو السنة - بل العكس فإن أمثال قوله تعالى: ﴿ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى ﴾ [غافر: ٥٠].
وهو يردّ ما ذهب إليه مؤولوا الرسول في الآية بأنه العقل. والله أعلم
٥- الوجه الخامس: ذهب الإمام النووي في "شرح مسلم" إلى أن أهل الفترة يعذبون فقال: " إن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء عليهم السلام ". ا. هـ(٣)
- " والظاهر أن النووي يكتفى في وجوب الإيمان على كل أحد ببلوغه دعوة من قبله من الرسل وإن لم يكن مرسلاً إليه فلا منافاة بين حكمه بأنهم أهل فترة بالمعنى السابق وحكمه بأن الدعوة بلغتهم". ا. هـ (٤).
(٢) انظر التحرير والتنوير لابن عاشور (٨/١٩٧).
(٣) شرح النووي لصحيح مسلم (٣ / ٧٩).
(٤) تفسير الالوسي (١٥ / ٤٠).